الإثنين 30 Sep / September 2024

هكذا شنت إسرائيل حربها على حزب الله.. ماذا بعد اغتيال نصر الله؟

هكذا شنت إسرائيل حربها على حزب الله.. ماذا بعد اغتيال نصر الله؟

شارك القصة

مثّل الاستهداف الإسرائيلي لمقر القيادة المركزية لحزب الله واغتيال أمينه العام حسن نصر الله، ضربةً كبيرةً له- رويترز
مثّل الاستهداف الإسرائيلي لمقر القيادة المركزية لحزب الله واغتيال أمينه العام حسن نصر الله، ضربةً كبيرةً له- غيتي
رأت دراسة سياسية جديدة صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيواصل الضغط على حزب الله لدفعه للاختيار بين الاستسلام أو الاستمرار في القتال.

توقعت دراسة سياسية جديدة صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى استغلال عملية اغتيال أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله "للتعويض عن الفشل الذي واجهه على مدى عام في غزة".

ورجحت الدراسة التي جاءت ضمن "تقدير موقف" من الأحداث الجارية في لبنان، أن يستمر نتنياهو في البناء على الزخم الحالي وتحويله إلى مكاسب سياسية في مواجهة خصومه وحلفائه في الائتلاف الحكومي عبر زيادة رصيده في الشارع الإسرائيلي.

"إعادة تشكيل المشهد الإقليمي"

وإذ اعتبرت أن الهجوم على مقر القيادة المركزية لحزب الله، واغتيال أمينه العام حسن نصر الله، ضربة كبيرة لحزب الله، رأت الدراسة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "سيحاول خلال المرحلة القادمة الاستمرار في الضغط على حزب الله لدفعه إلى الاختيار بين الاستسلام والانسحاب إلى شمال الليطاني أو الاستمرار في القتال".

وتتوقع الدراسة السياسية الجديدة أنه في حال الاستمرار في المواجهة بين إسرائيل وحزب الله فستستمر تل أبيب في "توجيه المزيد من الضربات إلى حزب الله لإضعافه بما في ذلك احتمال القيام بعملية برية محدودة تسمح بإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع لبنان".

وترى الدراسة أنه في حال اتخاذ خطوة الهجوم البري "قد يكون حزب الله قد جرّ نتنياهو إلى حيث يريد، وإلى حيث تكون قوة الحزب في أفضل حالتها؛ إذ يخوض الحرب على أرضه".

حافظ حزب الله وإسرائيل على قواعد الاشتباك حتى يوليو الماضي- غيتي
حافظ حزب الله وإسرائيل على قواعد الاشتباك حتى يوليو الماضي- غيتي

وتؤكد أن "المعركة الدائرة في غزة ولبنان بين إسرائيل وفصائل المقاومة تنذر بإعادة تشكيل المشهد الإقليمي، وستترتب عليها نتائج كبيرة في اتجاه نجاح المشروع الإسرائيلي أو إفشاله".

جبهة إسناد لغزة

وتقدم الدراسة الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات سردًا للأحداث على الجبهة اللبنانية منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتسرد الدراسة أنه في اليوم التالي لعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنات غلاف غزة، أعلن حزب الله فتح جبهة "إسناد"، والتزم كل من إسرائيل وحزب الله بقواعد اشتباك محددة؛ بحيث لا يتجاوز نطاق القصف 10 كيلومترات على جانبي الحدود.

وأضافت أن القصف المتبادل تسبب بنزوح أكثر من 60 ألف مستوطن إسرائيلي ونحو 110 آلاف مواطن لبناني على جانبي الحدود، حيث دمرت إسرائيل قرى لبنانية ونفّذت سلسلة اغتيالات لعناصر وقادة ميدانيين من حزب الله الميدانيين.

وحافظت قواعد الاشتباك على ثباتها، لكن إسرائيل خرقتها باغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت في يناير/ كانون الثاني 2024. 

وتشير الدراسة إلى أن إسرائيل كانت خلال تلك الفترة "تتوجس من فتح جبهة واسعة ثانية مع لبنان، إلى جانب غزة، في الوقت الذي كانت فيه تحتفظ بجزء كبير من قواتها في الضفة الغربية المهددة بالاشتعال، ولكنها لم تتردد في التصعيد متى شاءت لعلمها أن حزب الله غير معني بالحرب".

استغلت إسرائيل سقوط صاروخ على مجدل شمس في الجولان لتغيير قواعد الاشتباك بشكل جذري مع حزب الله- الأناضول
استغلت إسرائيل سقوط صاروخ على مجدل شمس في الجولان لتغيير قواعد الاشتباك بشكل جذري مع حزب الله- الأناضول

يوليو نقطة تحوّل

وبحسب الدراسة، فقد بدأ هذا الوضع بالتغيّر في يوليو/ تموز الماضي؛ حيث استغلت إسرائيل سقوط صاروخ في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، تسبب في مقتل عشرة أطفال، وقد نفى حزب الله بشدة مسؤوليته عنه، لتغيير قواعد الاشتباك بشكل جذري. 

وفي أواخر الشهر نفسه، استهدفت إسرائيل القائد العسكري لحزب الله، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية، حيث كرت سبحة الاغتيالات التي شملت كبار قادة الحزب وأكثر أعضاء مجلسه الجهادي. كما اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في طهران. وأحبطت ما زعمت أنه "تجهيز لرد حزب الله على اغتيال شكر" بقصف واسع لمنصات إطلاق الصواريخ في الجنوب.

وتقول الدراسة: :"قررت إسرائيل استغلال معركة غزة واستنزاف المواقف العالمية المعارضة لهذه الحرب من دون تأثير في السلوك الإسرائيلي، ومحدودية الثمن الذي تدفعه لتنفيذ خطط معدة سلفًا لتوسيع الاستيطان وضرب المقاومة في الضفة الغربية بعد غزة، ليصل الأمر إلى استغلال الفرصة المتاحة لتنفيذ الخطة المعدة للبنان".  

وسعت إسرائيل لحسم المعركة مع حزب الله أو على الأقل إجباره على قبول فك الارتباط بين لبنان وغزة، وتغيير قواعد اللعبة معه على حدودها الشمالية بحيث يمتنع نهائيًا عن قصف مستوطناتها الشمالية. لكن حزب الله تمسّك بعملية الإسناد التي توازن بين دعم غزة وتجنّب الحرب مع إسرائيل. لتنتقل إسرائيل لوضع ما تصفه الدراسة "بأهداف استراتيجية ذات علاقة بوضع حزب الله عمومًا"؛ فتنسف قواعد الاشتباك وتفتح الحرب على الحزب.

بداية الحرب على لبنان

وتعتبر الدراسة، أن 17 سبتمبر/ أيلول يمثل بداية الحرب على حزب الله عمليًا، حيث قامت إسرائيل بتفجير آلاف من أجهزة النداء "البيجر" التي يستخدمها قادة وعناصر في الحزب جرى تفخيخها قبل بيعها للحزب. وفي اليوم التالي، فجّرت إسرائيل أجهزة لاسلكي لتشل اتصالات حزب الله كاملة. وأدت العمليتان لاستشهاد العشرات وإصابة الآلاف. 

وتعتبر الدراسة أن "هجمات أجهزة البيجر واللاسلكي شكّلت أكبر خرق أمني يتعرض له الحزب منذ نشأته في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي".

تعد تفجيرات أجهزة الاتصال في 17 سبتمبر بداية الحرب الإسرائيلية على حزب الله عمليًا- رويترز
تعد تفجيرات أجهزة الاتصال في 17 سبتمبر بداية الحرب الإسرائيلية على حزب الله عمليًا- رويترز

لكنها ترى أيضًا أنها كانت مقدمة لتصعيد أكبر قامت به إسرائيل؛ شمل، في اليوم العشرين من الشهر نفسه اغتيال إبراهيم عقيل، قائد العمليات الخاصة في الحزب، وعضو مجلسه الجهادي، الذي تولى مسؤوليات فؤاد شكر، إلى جانب قادة من وحدة الرضوان، وحدة النخبة لدى حزب الله.

في ذلك الحين، بررت إسرائيل عملياتها بأنها ضمن مساعيها لمنع حصول 7 أكتوبر جديد على حدودها مع لبنان، "لكنها كانت في الحقيقة تضرب شبكة الاتصالات والتسلسل القيادي في الحزب في إطار حرب تشنها عليه"، بحسب الدراسة، التي تقول: "كان واضحًا، أو يفترض، على الأقل، أن يكون واضحًا، ما تخطط له إسرائيل".

كل ذلك لم يغير سلوك الحزب وظلّ محكومًا بتجنّب الحرب حتى بعد أن اندلعت عمليًا. ولم يستخدم قوته الصاروخية بنجاعة حتى الآن، وربما أجهزت إسرائيل على جزء منها قبل استخدامها. 

"سهام الشمال"

وفي 23 سبتمبر/ أيلول، شنّت إسرائيل أعنف حملة قصف جوي يشهدها لبنان منذ حرب تموز 2006، وشملت مختلف المناطق اللبنانية من الجنوب وصولًا إلى المعابر الحدودية مع سوريا في الشمال، في عملية أطلقت عليها اسم "سهام الشمال". 

وبلغت ذروة التصعيد الإسرائيلي في 27 من الشهر نفسه باستهداف مقر القيادة المركزية لحزب الله، وقد أدت إلى اغتيال أمينه العام، حسن نصر الله، وقادة عسكريين آخرين، لتبدأ بعدها عملية قصف واسع النطاق شملت الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى على امتداد لبنان. 

العملية الإسرائيلية في لبنان

وبحسب الدراسة الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، فمنذ نهاية تموز/ يوليو 2024، "اتضح أن إسرائيل أخذت تنقل مركز ثقل عملياتها العسكرية من قطاع غزة نحو الشمال، وكان الهدف الرئيس في البداية، كما يبدو، هو ممارسة ضغط أكبر على حزب الله لتخييره بين فك ارتباطه بجبهة غزة أو الحرب".

كما طرحت إسرائيل شروطًا أخرى منها سحب قدراته العسكرية، خصوصًا قوات الرضوان، إلى شمال نهر الليطاني، الذي نص عليه قرار مجلس الأمن 1701 بعد حرب تموز 2006، "في خطوة تدفع في مرحلة لاحقة إلى وقف إطلاق نار بعيد المدى، وربما اتفاق لترسيم الحدود البرية مع لبنان شبيه باتفاق ترسيم الحدود البحرية معه في عام 2022".

وترى الدراسة أنه ربما "شجع" إظهار حزب الله منذ البداية أنه "ليس معنيًا" بالدخول في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، لأسباب محلية وإقليمية، إسرائيل على التصعيد المتواصل، ثم تطوير أهدافها وصولًا إلى العمل على إحداث تغيير استراتيجي في موازين القوى الإقليمية، و"هذا يعني الحرب".

إسرائيل تقتنص فرصة إقليمية ودولية تنتظرها

ويبدو أن الحزب لم يلتقط جدية إسرائيل في مسألة شن الحرب، بحسب الدراسة. فكانت إسرائيل تريد الاستفادة من فرصة (دولية وإقليمية ومحلية) تنتظرها، وفقًا لرئيس الأركان هرتسي هاليفي، منذ سنوات لتصفية حسابات مع أطراف عديدة في المنطقة وتغيير المشهد الإقليمي لمصلحتها.

ورأت الدراسة أن إسرائيل اتخذت من عملية 7 أكتوبر 2023 وتهجير نحو 60 ألف مستوطن من الشمال ذريعةً للقيام بذلك؛ إذ أعلن المجلس الأمني المصغر في إسرائيل يوم 17 سبتمبر أنه قرر أن يضيف قضية إعادة سكان الشمال إلى مناطقهم إلى أهداف الحرب.

وبناءً عليه، أطلقت إسرائيل العنان لحملتها العسكرية الشاملة على لبنان بهدف إعادة سكان الشمال إلى مناطقهم، التي لا يمكن، بحسب وزير الأمن يوآف غالانت، "أن تتم دون حصول تغيير جذري في الوضع الأمني على الحدود مع لبنان".

شنّت إسرائيل في 23 سبتمبر أعنف حملة قصف جوي يشهدها لبنان منذ حرب تموز 2006- رويترز
شنّت إسرائيل في 23 سبتمبر أعنف حملة قصف جوي يشهدها لبنان منذ حرب تموز 2006- رويترز

ووفقًا للدراسة، فإن الحديث المتواصل عن انتصارات المقاومة (بدلًا من الاكتفاء) بفشل إسرائيل في غزة، والمبالغة في الأهمية العسكرية للصواريخ المطلقة من لبنان واليمن والاحتفاء بإطلاقها والمبالغة في تقدير التضامن الدولي، يعمي عن حقيقة أن إسرائيل الضالعة في حرب إبادة والرافضة لوقف إطلاق النار (وهذا ليس تصرف المهزوم) ترى فيما يجري فرصةً لها لتطبيق مخططات في غزة والضفة الغربية ولبنان.

"الحزب بات بموقف ضعيف"

وتعتبر الدراسة السياسية الجديدة أن امتناع إيران عن الرد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، إضافة إلى الخطاب الذي تبناه الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، وتصريحاته التي أوحت بأن إيران ليست في وارد الدخول في مواجهة مع إسرائيل، وأنها تسعى إلى التفاوض مع الغرب لحل أزمة برنامجها النووي، "أكّد الانطباع الإسرائيلي القائم أصلًا عن هشاشة وضع إيران داخليًا وإقليميًا، وأنها سوف تترك حزب الله وحده في المعركة". 

كما تعززت رغبة إسرائيل في التمادي ضد حزب الله برده الضعيف على اغتيال فؤاد شكر، بما في ذلك إشارة الأمين العام حسن نصر الله إلى أن الرد على اغتيال شكر قد انتهى، بعد عملية قصف رمزية لشمال إسرائيل، والادعاء الذي نفته إسرائيل بإصابة صواريخ الحزب قاعدة "غليلوت"، فضلًا عن حرص الحزب على تجنّب الحرب لأسباب داخلية لبنانية وإقليمية، وطلبه من الناس العودة إلى بيوتهم في القرى الحدودية.

وتلحظ الدراسة أنه يبدو أن ذلك "عزز انطباعًا لدى إسرائيل بأن الحزب بات في موقف ضعيف جدًا وأنه يتجنّب المواجهة بأي ثمن"؛ ما شجعها على المضي قدمًا في استهداف قادته، وصولًا إلى اغتيال نصر الله.

دفع خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخير بإسرائيل لحسم مسألة استهدافه شخصيًا- رويترز
دفع خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخير بإسرائيل لحسم مسألة استهدافه شخصيًا- رويترز

اغتيال حسن نصر الله

واتضح في الشهرين الأخيرين، بحسب الدراسة، أن بنيامين نتنياهو وحكومته يشعران بأنهما "مطلقا اليدين"، حيث استغلت إسرائيل ضعف المواقف الإقليمية والدولية من حرب الإبادة التي تشنها على غزة وعدم تأثير الاحتجاجات الشعبية، وانشغال الولايات المتحدة المؤيدة لما يُسمى "حرب إسرائيل على الإرهاب"، بالانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، لتجاهل التحذيرات من المخاطرة بحرب إقليمية واسعة، وشن عمل عسكري واسع ضد حزب الله، وحتى لتكرار سيناريو غزة في لبنان. 

وترجح الدراسة "احتمال أن يكون خطاب نصر الله الذي ألقاه في اليوم التالي لعملية تفجير أجهزة الاتصال، وأكد فيه أن المستوطنين لن يعودوا إلى البلدات الشمالية قبل وقف الحرب على غزة، قد دفع إسرائيل لحسم مسألة استهدافه شخصيًا، أو ربما كان قرار اغتياله قائمًا.

ثم استُهدف في يوم 27 سبتمبر لأن الفرصة سنحت بذلك. فقد علمت إسرائيل بالاجتماع الذي سوف يعقد في الضاحية بمشاركته ورصدت وصوله إلى الاجتماع. ويؤكد ذلك استنفار نتنياهو للموافقة على الاغتيال، وإصدار الأمر خلال وجوده في الأمم المتحدة حتى لا تفوت الفرصة التي سنحت.

ماذا بعد اغتيال نصر الله؟

وتعتبر الدراسة أن استهداف مقر القيادة المركزي لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال أمينه العام، أكبر ضربة يتلقاها الحزب منذ تأسيسه عام 1982. فنصر الله ليس مجرد قائد للحزب، بل يعترف أصدقاؤه وخصومه أنه أيضًا زعيم كاريزمي وشخصية شعبية مؤثرة على المستوى الإقليمي. وقد اغتيل في معركة على القضية الفلسطينية التي يعدّها غالبية العرب قضيتهم.

ورغم أن اغتياله "لن يؤدي على الأرجح إلى تفكك الحزب، لأنه سبق وتجاوز تصفية أمينه العام السابق عباس الموسوي عام 1992، لكن غياب نصر الله عن المشهد اللبناني والإقليمي سيترك تداعيات كبيرة على حزب الله ولبنان والمنطقة"، بحسب الدراسة.

وترى أنه "يفترض أن ينشغل حزب الله بفهم ما جرى له منذ حرب عام 2006 التي عدّها نصرًا عسكريًا، مع أنها كانت مقاومة بطولية ونصرًا سياسيًا، وليست نصرًا عسكريًا".

أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأمر باستهداف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خلال وجوده في الأمم المتحدة- رويترز
أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأمر باستهداف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خلال وجوده في الأمم المتحدة- رويترز

وتشير إلى أن إسرائيل "استخلصت منها العبر والدروس وطورت القبة الحديدية المضادة للصواريخ في مواجهة حماس وحزب الله وغيرهما، وانشغلت في جمع المعلومات الاستخبارية واختراق الحزب، وتطوير التكنولوجيا التي تمتلكها لتعقب قيادته واختراق شبكاته بأدوات الرقابة والتنصت والتعرف على الوجوه والأصوات وغيرها؛ فيما انشغل الحزب بحرب بدائية من الناحية العسكرية وغير عادلة من الناحية السياسية في سوريا، لم تسهم في تطوير قدراته العسكرية، وقسّمت الرأي العام العربي بين مؤيد ومعارض له وكشفته على نحو غير مسبوق لقوى عديدة مخترقة بدورها".

وتعتبر الدراسة أنه "هكذا اختلفت قواعد هذه الحرب تمامًا عن حرب عام 2006 التي لم ينتصر فيها حزب الله عسكريًا على إسرائيل، لكنه أفشل عدوانها بمقاومته البطولية"، مشيرة إلى أن "أوهام القوة والثقة الزائدة بالنفس هي من عناصر الصدمة الحالية".

وبينما يرجَّح أن ينشغل حزب الله خلال الأيام القليلة القادمة بإعادة ترتيب أوضاعه وإعادة ترميم هيكله القيادي على مختلف المستويات، ومعالجة الخروق الأمنية التي يعانيها، فإن إسرائيل ستسمر في عدوانها على لبنان، وفرض حصار على مطار بيروت وموانئ لبنان ومعابره البرية، والعمل على إنهاك الحزب بما في ذلك إضعافه داخليًا في لبنان، مستفيدة من الزخم الذي حققه هجومها على الضاحية.

تداعيات إحجام إيران عن الرد

كما ترى الدراسة أن "إسرائيل ستنتظر أيضًا رد الحزب وإيران على عدوانها الأخير، وهو ما سيتحدد بناءً عليه مسار الصراع الدائر حاليًا"، مفندة سيناريوهات رد الفعل الإيراني، "فإذا اختارت إيران عدم الرد، كما فعلت لدى اغتيال إسماعيل هنية في طهران، فهي تخاطر بترك حزب الله يواجه إسرائيل وحده مع ما يحمله ذلك من احتمالات لإضعاف قدراته العسكرية".

كما سيشجع امتناع إيران عن الرد على إسرائيل، في مرحلة تالية، على مهاجمة منشآتها النووية وبرامجها الصاروخية؛ لأن من شأن إضعاف حماس وحزب الله أن يجرّد إيران من وسائل الردع التي عملت على تقويتها في مواجهة إسرائيل خلال العقود الماضية والانكشاف كليًا أمامها". كذلك سوف "يدفع تردد إيران في الرد إلى فقدان ثقة حلفائها بها، ما يعني تفكيك محور المقاومة، ودفع إيران للانكفاء على نفسها، وهو الهدف الأبرز الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه".

تابع القراءة
المصادر:
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
Close