Skip to main content

120 ألف حالة.. ضحايا الاغتصاب في تيغراي يحاولون إعادة بناء حياتهم

منذ 6 ساعات
خلّفت الحرب في إقليم تيغراي أكثر من 3 ملايين مشرد - رويترز

تقول راوا وهي جالسة على كرسي، ويغطي وجهها حجاب أبيض "اغتصبني سبعة رجال". هذه الإثيوبية هي واحدة من النساء اللواتي وقعن ضحايا الاغتصابات التي حدثت خلال الحرب في تيغراي عام 2020 بين القوات الحكومية وجبهة تحرير شعب تيغراي.

كانت راوا التي تم تغيير اسمها الأول مثل أسماء الضحايا الآخرين الذين قابلتهن وكالة الصحافة الفرنسية، قد أنجبت لتوها توأمين عندما اندلعت الحرب في إقليم تيغراي في شمال إثيوبيا.

"تحملت الكثير من المعاناة"

تنحدر راوا (40 عامًا) من ويلكيت، وهي منطقة قريبة من الحدود مع إريتريا، وتروي من مركز صحي صغير في بلدة شيري "بقيت هناك لأنني كنت قد أنجبت حديثًا، لكن الجميع فرّوا وتركوني".

رفض العديد من الأشخاص مساعدتها قائلين إن زوجها يقاتل مع المتمردين، ثم أُمسك بها وضُربت وهي تحمل أحد أطفالها بين ذراعيها. وتقول راوا: "لقد مات الطفل".

وتضيف: "تحملت الكثير من المعاناة"، مستذكرة عمليات الاغتصاب التي تعرّضت لها من سبعة جنود إريتريين و"فقدت الوعي خلالها".

تسيغا: "لم أفكر إلا في شيئين، إما أن أقتل نفسي أو أن أذهب وأقاتل" - غيتي

تعاني راوا اليوم "مرضًا طويلًا"، في إشارة إلى إصابتها بفيروس نقص المناعة البشرية أثناء الاغتصاب الذي تعرّضت له.

وتقول: "لست بصحة جيدة ولا أستطيع الذهاب إلى الطبيب لأنني لا أملك القوة ولا المال للتنقل"، علمًا أنها تعيش حاليًا في الشارع مع أطفالها لعدم قدرتها على دفع الإيجار.

عمليات اغتصاب "ممنهجة" 

اندلعت الحرب في إقليم تيغراي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 ، وانتهت في نوفمبر 2022 بتوقيع اتفاق سلام في بريتوريا.

وخلال عامين من الحرب التي خلّفت، بحسب تقديرات الاتحاد الإفريقي، 600 ألف قتيل وأكثر من ثلاثة ملايين مشرد، كانت عمليات الاغتصاب والعنف الجنسي "ممنهجة"، واستخدمت كسلاح حرب، وفق ما أظهرت دراسة نشرتها عام 2023 مجلة "بي إم سي ويمنز هِلث" العلمية التي تعنى بصحة النساء.

وتختلف الأرقام المتعلقة بعدد حالات الاغتصاب المرتكبة خلال الحرب وهي تصل إلى 120 ألفًا، بحسب البيانات التي جمعها الباحثون. وفي أكثر من 70% من الحالات، حمّل الضحايا الجنود الإثيوبيين والإريتريين المسؤولية.

حرب تيغراي تركت ندوبًا لا تمحى - غيتي

في خضم الحرب في تيغراي، اضطرت تسيغا للذهاب إلى متجر صغير قرب منزلها لشراء الدقيق، إذ لم يتبق لعائلتها أي شيء لتأكله. تقول هذه الشابة التي تبلغ 29 عامًا: "كنت أعتقد أن قصص الجنود الذين يمسكون بالنساء ويغتصبونهن مجرد شائعات".

في طريقها إلى المتجر، صادفت تسيغا جنديين لحقا بها، وتستذكر قائلة: "هدّدا بتفجير المتجر إذا لم أخرج"، وتروي باكية: "بمجرد خروجي، أخذني الجنديان ثم اغتصباني".

بعد عمليات الاغتصاب "لم أفكر إلا في شيئين، إما أن أقتل نفسي أو أن أذهب وأقاتل" مع المتمرّدين كما تضيف.

بعد مرور عامين على انتهاء الحرب، ما زالت فرق أطباء بلا حدود "تستقبل ناجين من العنف الجنسي يحتاجون إلى دعم نفسي وطبي أساسي"، بحسب ما تؤكّد الدكتورة نمرت كور، وهي منسقة مشاريع للمنظمة غير الحكومية التي تدير بالتعاون مع السلطات الإقليمية، مركزين صحيين في شيري وشيرارو.

ووفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود، يصل إليها حوالي 40 شخصًا جديدًا كل شهر. وتقول كور: "تحتاج السلطات المحلية إلى المساعدة من أجل تلبية الحاجات المتزايدة لسكان المنطقة".

اغتصاب الرجال أيضًا

كان العدد الأكبر من ضحايا الاغتصاب نساء وأحيانًا شابات قاصرات، لكنّ رجالًا كانوا أيضًا عرضة لذلك. وعندما بدأت الحرب، غادر ماماي (21 عامًا) غرب تيغراي الذي كان مسرحًا لاشتباكات عنيفة، وعلى الطريق، أوقفه جنود إريتريون مع حوالي ستين شخصًا من بينهم فتيات صغيرات في العاشرة من العمر، وكانت تلك بداية المحنة.

يروي ماماي: "احتجزونا في مستودع، ثم أخذونا واحدًا تلو الآخر واغتصبونا". ويستذكر قائلًا: "لم يكن هناك أحد ليسمع صراخنا، ولا أحد لمساعدتنا".

كانت تلك الانتهاكات يومية واستمرت قرابة عامين، وفي نهاية المطاف، أُطلق سراحه مع المحتجزين الآخرين بعد توقيع اتفاق السلام.

على غرار أكثر من مليون شخص في أنحاء تيغراي، لم يتمكّن ماماي الذي أصيب بالإيدز خلال تلك الفترة، من العودة إلى دياره. لكنه لم يستسلم. 

ويقول: "أعتقد أنني سأحصل على العدالة، فكوني من تيغراي، لن أفقد الأمل (...) ستُحقَّق العدالة، وأنا متأكد من أننا سنعود إلى ديارنا في حميرا، في غرب تيغراي".

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة