"مفاوضات تحت النار".. ما فرص التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب على لبنان؟
وسط ضبابية في ملف التهدئة بلبنان، يبقى التراشق الناري هو الحكم، إذ يصعّد الجيش الإسرائيلي من عملياته في الميدان بغارات مكثفة في الضاحية الجنوبية، واستهدافات لا تتوقف في مناطق الجنوب.
يأتي ذلك بالتوازي مع غزارة في قرارات الإخلاء، وتقارير أممية عن تدمير نحو 40 ألف وحدة سكنية، بينما لا تتوقف بيانات حزب الله العسكرية عن الصدور، مؤكدة استهداف العديد من التجمعات والقواعد العسكرية، علاوة على مدن وبلدات إسرائيلية.
"رفض المقترح الأخير"
وبينما يتسيد الغموض أجواء محادثات وقف إطلاق النار، خرجت تصريحات منسوبة إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري تقول إن فرص التوصل إلى اتفاق تتجاوز 50%، في وقت صرح مسؤولون إسرائيليون كبار لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن الطرفين يسيران لرفض المقترح الأخير.
يأتي ذلك على الرغم من كل المساعي الدولية التي تقودها واشنطن والحراك الإقليمي لاحتواء التصعيد، في مقدمته التفهم الذي أبدته طهران لكل خيارات الحكومة والشعب اللبناني، بما في ذلك اتفاق لوقف إطلاق النار، علاوة على تصريحات واشنطن برغبتها في إنهاء التوتر.
ويأتي الحراك الإيراني قبيل وصول الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترمب، التي قد تشهد تصعيدًا مع طهران في ظل اختيارات فريقه الذي يتبنى عدد كبير من أعضائه خيار التصعيد مع إيران،
فقد أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن قنوات التواصل غير المباشر مع الولايات المتحدة ما زالت قائمة، علاوة على إبداء إيران استعدادها للتفاوض بشأن برنامجها النووي، لكن ليس تحت ضغط، وفق تعبيره.
"قناعة لدى حزب الله بأن نتنياهو لا يفضل الحل الدبلوماسي"
يوضح مسؤول القسم السياسي في جريدة المدن منير الربيع، أن مسودة الاتفاق الأميركي المطروحة كان قد اتفق عليها بري مع المبعوث الأميركي آموس هوكستين، وتُعتبر في لبنان قابلة للنقاش، على الرغم من وجود بعض الملاحظات.
وفي حديث للتلفزيون العربي من بيروت، يؤكد الربيع أنه "لا يمكن لبيروت أن تقبل بأن تطلب إسرائيل من الجيش اللبناني أن يدخل إلى منطقة ما، لأن الجيش سيصبح بذلك في خدمة الإسرائيليين. كما لا يقبل لبنان بتوسيع اللجنة التي ستعمل على مراقبة آليات تطبيق القرار الأممي 1701".
ويردف أن لبنان يرفض أن تتحرك قوات الطوارئ الدولية باتجاه الأملاك الخاصة والمنازل والمواقع بدون أي تنسيق مع الجيش اللبناني.
وعن موقف حزب الله، يشير إلى أن هذا الأخير يعتبر أن هدف المفاوضات هو إلهاء الناس ولبنان بجولات التفاوض لتواصل إسرائيل تصعيدها.
ويتحدث عن قناعة لدى الحزب بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يفضل الحل الدبلوماسي، ويفضل الحل العسكري والأمني، لأنه غير جاهز سياسيًا لأي اتفاق، لافتًا إلى أن حزب الله "يتعاطى مع هذه الحرب وكأنها مستمرة لفترة طويلة".
"الوصول إلى نتيجة قبل استلام ترمب سدة الحكم أمر ممكن"
من جهتها، تقول كبيرة الباحثين في "مركز ستيمسون" في واشنطن باربارا سلافين: إن "الجميع ينتظر دونالد ترمب ليتسلم سدة الحكم في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، فيما يشعر الإسرائيليون بأن لديهم وقتًا للاستمرار في استهداف ما يحلو لهم في لبنان".
وترى في حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أن "هدف إسرائيل من الضربات المستمرة على الضاحية ومناطق أخرى هو تطبيق القرار 1701، ما يتطلب من حزب الله الانسحاب إلى ما بعد نهر الليطاني".
وفيما تشير إلى استمرار المحادثات بشأن وقف إطلاق النار، تلفت سلافين إلى أن الوصول إلى نتيجة قبل استلام ترمب سدة الحكم أمر ممكن، لكنه سيستغرق وقتًا أطول.
وتعتبر أن "إسرائيل تتحرك بشكل أحادي الجانب، سواء أكان هناك اتفاق أو لا".
وتفيد بأن ترمب كان قد أعرب عن رغبته في وضع حد للحروب، وقال إنه قادر على فعل ذلك، لكنه قال لإسرائيل في الوقت نفسه أن تضع اللمسات الأخيرة على الحرب.
"موقف إيران العام يدعم جهود وقف إطلاق النار"
يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران حسين رويوران، إلى أن موقف إيران العام يدعم جهود وقف إطلاق النار، ويذكر بأن طهران "كانت تقول منذ البداية إنها مع أي قرار يتخذ من قبل المقاومة".
وفي حديث للتلفزيون العربي من طهران، يضيف أن "ما اختلف الآن في الموقف هو أن إيران تقول إنها تؤيد أي قرار يُتخذ من قبل الحكومة اللبنانية والمقاومة بشأن وقف إطلاق النار".
ويستطرد أن "طهران لم تتخذ أي موقف مستقل عن المقاومة في لبنان، بل ظلت تقول إن المقاومة هي الأساس في اتخاذ القرار في الميدان، سواء بشأن استمرار المعارك، أو وقف إطلاق النار".
وبشأن فصل الجبهات بين لبنان وغزة، يقول رويوران: "إن طهران تدعم اليوم أي قرار من حزب الله، وإذا ما ذهب إلى وقف إطلاق النار بشكل منفرد، فإن طهران ستدعم هذا القرار، وهو ما يعتبر التحول الذي جرى في إطار الموقف الإيراني".