أبنية محصنة وأنظمة إنذار.. كيف قلّلت تايوان عدد القتلى جراء الزلزال؟
على الرغم من أن قوة الزلزال الذي ضرب الساحل الشرقي لتايوان يوم الأربعاء الفائت بلغت 7.4 درجات، وكان الأكبر الذي يضرب البلاد منذ 25 عامًا، لكنه لم يخلف سوى عدد قليل من القتلى والجرحى مقارنة بزلزال عام 2016 الأخف قوة والذي أودى بحياة أكثر من 100 شخص.
وأدى زلزال الأسبوع الماضي إلى مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا، وتمكنت مقاطعة هوالين، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 300 ألف نسمة، بشكل ملحوظ من مواجهة الهزات العنيفة.
وبحسب "الغارديان"، ففي صباح الأربعاء، أيقظ الاهتزاز نينا هوانغ. وكان أول شيء فعلته هو أن أمسكت الخزانة بجوار ابنتها. وتذكرت قائلة: "كنت أخشى أن تسقط عليها". ثم رن هاتفها مع تحذير من حدوث تسونامي.
كان الخوف الأكبر بالنسبة لهوانغ وزوجها هو انهيار الجسر الذي يربط قريتهما الواقعة على الواجهة البحرية يانلياو بمدينة هوالين، مما يتركهما عالقين.
لذلك توجهوا إلى المدينة مع ابنتهم البالغة من العمر سنة واحدة وانتظروا في موقف للسيارات حتى تتوقف الهزات الأرضية، بعيدًا عن المباني التي قد تنهار عليهم. لكن الجسر لم ينهر.
استجابة سريعة لحالات الطوارئ
وبحسب صحيفة "الغارديان"، فقد تعلمت تايوان الاستجابة بسرعة لحالات الطوارئ بسبب التهديدات المنتشرة في كل مكان والتي تمثلها الكوارث الطبيعية.
وتقع الجزيرة والجزر الصغيرة المحيطة بها بالقرب من تقاطع ثلاث صفائح تكتونية في المنطقة الأكثر نشاطًا زلزاليًا في العالم، والمعروفة باسم "حلقة النار".
كما أن التهديد بشن هجوم من الصين، التي تجري تدريبات عسكرية بشكل متكرر بالقرب من تايوان، يضع الناس في حالة تأهب قصوى.
تايوان حسّنت قدرتها على مقاومة الزلازل
وقال آدم باسكال، كبير العلماء في مركز أبحاث الزلازل في فيكتوريا بأستراليا: "إن تايوان فعلت الكثير لتحسين القدرة على مقاومة الزلازل منذ زلزال تشي تشي الذي بلغت قوته 7.7 درجات في عام 1999"، في إشارة إلى الزلزال الذي أودى بحياة ما يقرب من 2500 شخص.
وأضاف: "لقد أدخلوا معايير بناء جديدة، وعززوا المباني القائمة وأنشأوا نظام إنذار مبكر للزلازل. يمكن لأجهزة الاستشعار في جميع أنحاء البلاد أن توفر ثوانيَ ثمينة للتحذير من الهزات القوية القادمة حتى يتوفر للناس الوقت للاحتماء لحماية أنفسهم من الأجسام المتساقطة".
زلزال "تشي تشي" نداء صحوة
وكان زلزال "تشي تشي" بمثابة نداء صحوة لصناع القرار السياسي في تايوان. ويحافظ متحف بالقرب من مركز الزلزال على أنقاض مدرسة إعدادية منهارة كدليل على مخاطر المباني ضعيفة التحصين.
كما أصبح تاريخ زلزال 21 سبتمبر/ أيلول 1999، يومًا محددًا للتدريبات على الكوارث على مستوى البلاد، يتم خلاله إرسال تنبيهات وهمية إلى هواتف الناس وممارسة عمليات الإخلاء.
واعتبر باسكال أن التثقيف العام وسياسات التأهب المهمة مثل تحديث معايير سلامة المباني هي أمور "لا تحظى في كثير من الأحيان باهتمام قصير الأجل إلا في أجزاء أخرى من العالم بعد وقوع الكارثة". لكن عقودًا من التحسينات التي تم إجراؤها منذ تشي تشي تعني أن تايوان كانت "مستعدة جيداً لهذا الزلزال قدر الإمكان"، بحسب باسكال.
مبان محصنة وأنظمة إنذار
ويأتي استعداد تايوان في شكل مبان محصنة وأنظمة إنذار مبكر، وحملات تثقيفية، وعمليات إنقاذ متقنة. فبعد عام 1999، قامت السلطات بتحديث معايير البناء لجعل المباني الجديدة أكثر مقاومة للزلازل.
وبسبب وجود أكثر من 4 ملايين منزل في مباني لا يقل عمرها عن 30 عامًا، وفقًا للإحصاءات الرسمية، قدّمت الحكومة أيضًا إعانات مالية للسلطات المحلية لفحص وتحديث أي مبان لا تلبي معايير السلامة الحديثة.
ويمكن للأفراد أيضًا التقدم بطلب للحصول على إعانات مالية تصل إلى 4.5 ملايين دولار تايواني لترقية المباني، من خلال تعزيز الأرضيات والجدران الخرسانية، على سبيل المثال.
كما تمنح تنبيهات الهاتف المحمول على مستوى البلاد الناس ما يقول الخبراء إنها ثوان ثمينة للعثور على غطاء قبل أن يبدأ الحطام في التساقط.
ولم تنته عمليات الإنقاذ في تايوان بعد، ومن المتوقع حدوث هزات ارتدادية وانهيارات أرضية خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما يعقد الجهود المبذولة لإنقاذ مئات الأشخاص الذين ما زالوا محاصرين.