يتصاعد الجدل في الكويت، على خلفية مجموعة من القيود الجديدة التي فرضتها وزارة الدفاع الشهر الماضي تتعلق بإجراءات التحاق النساء بالجيش، ما أثار غضب الناشطات النسويات في البلاد.
ففي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استبشرت الكويتيات خيرًا بالسماح لهنّ بالالتحاق بالقوات المسلحة للجيش للدفاع عن بلدهنّ، بعدما اقتصر عملهن فيه لسنوات على تخصصات مدنية.
لكن أواخر شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، تبددت هذه الفرحة بعد صدور فتوى من هيئة الإفتاء الرسمية، تقرر حرمان المقبولات من حمل السلاح وإلزامهن بالحصول على موافقة ولي الأمر وإلزامية وضع الحجاب للالتحاق بالجيش.
غضب من إحالة الملف إلى هيئة الإفتاء
لاقت الشروط الجديدة الصادرة عن هيئة الإفتاء الرسمية غضب العديد من الكويتيات اللواتي طالما دفعن نحو تخطي قيود مجتمعهنّ الذي يعدّ من أكثر المجتمعات انفتاحًا في المنطقة.
وصدرت القواعد الجديدة في أعقاب استجواب تقدّم به النائب البرلماني المحافظ حمدان العازمي ضدّ وزير الدفاع، قال فيه إن الجيش يتطلب مواصفات "لا تتناسب مع طبيعة الخلقية"، ما أثار غضب الناشطات.
وكانت الكويت أول دولة خليجية عربية تتبنى نظامًا برلمانيًا عام 1962 فيما منحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات عام 2005، حيث انضمت الكثير من النساء إلى المقاومة الكويتية وقتل بعضهن إثر غزو العراق للكويت خلال حرب الخليج.
وتعالت في الكويت خلال الآونة الأخيرة أصوات النساء للمطالبة بتعزيز حريتهن ووضع حدّ للتضييق على حقوقهنّ.
كما شهدت الكويت في الآونة الأخيرة أزمة نسائية جديدة، حين منعت السلطات إقامة رحلة يوغا نسائية في الصحراء كانت تعتزم مدربة اليوغا إيمان الحسينان تنظيمها، بعد أن طالب النائب حمدان العازمي بإيقافها لأنها تعدّ حسب وصفه "خطرًا على المجتمع".
ما سبب الجدل؟
بدورها، تتحدث الدكتورة بشائر الماجد أستاذة القانون بجامعة الكويت عن هذه التطورات الأخيرة، مشيرةً إلى أن ملف حقوق المرأة في الكويت متشعب جدًا وتطور مع تطور الحركة الديمقراطية في البلاد، إلى أن وصل الحال لإدارة المرأة لحقوقها السياسية قبل أن تدخل إلى مجال الأمن عبر الالتحاق بالشرطة قبل أن تطرق اليوم أبواب الجيش.
أما عن الجدل والزخم الإعلامي الذي صاحب دخول المرأة إلى صفوف الجيش، فترى الماجد أنه يرجع إلى عدّة عوامل منها "تسييس الموقف من قبل الحكومة ومن بعض نواب البرلمان وذلك إما للظهور أو لتحقيق مكاسب انتخابية عبر مراعاة القواعد الانتخابية".
كما تقول أستاذة القانون بجامعة الكويت، في حديث مع "العربي" إن الخبر "أذيع بطريقة قد تصنف بالاستفزازية لبعض الحركات الإسلامية التي تعتمد على الطرح الإسلامي للوصول إلى البرلمان"، بحيث تشددّ الماجد أن هذه المجموعات وصلت إلى البرلمان عبر تبني الفكر المتشدد لذلك يطالبون اليوم بعدم دخول المرأة إلى الجيش.
وتؤكّد الماجد أن الكويت دولة مدنية حيث يضمن الدستور حقوق النساء، بينما تعد الشريعة الإسلامية مصدرًا للتشريع وليست المصدر الرئيس للتشريع، لذلك تعتقد أستاذة القانون أن الأصوات المعارضة هي أيضًا معارضة للحقوق السياسية للمرأة كما للتعليم ودخول النساء إلى السلك القضائي.
وتضيف: "تعودنا على رد الفعل هذا عندما تطرق المرأة أي باب لكن الحقيقة هي أن الكويت ضمن المجتمع الدولي المصادق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعقد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بالإضافة إلى الدستور الذي يكفل المساواة بين الرجل والمرأة".
وعليه، ترى الماجد أن الجدل سببه رجوع وزارة الدفاع إلى هيئة الإفتاء التي طبعًا ستردّ بما يناسب الضوابط الشرعية، في وقت تؤكّد أستاذة القانون من جهة أخرى أن دور المرأة في أوقات الحروب عبر التاريخ لا يمكن إنكاره سواء كن محجبات أو لا.
وتختم الدكتورة بشائر الماجد حديثها مع "العربي" بالقول: "برأي الشخصي أنا أتحفظ على قرار وزير الدفاع في إحالة الموضوع لاستفتاء أهل الفتوى الذي سيكون بالطبع ردهم الطبيعي بوضع الحجاب الشرعي" مستنكرة التداخل بين الهيئات الإدارية والدستورية إذ لا ترى فيه أي مبرر.