ارتفع سعر المياه والسكر والوقود ووسائل النقل العام وبعض الخدمات في تونس مرتين على الأقل خلال العام الحالي، وذلك تنفيذًا لقرارات الحكومة بهدف التخفيف من الانكماش الاقتصادي الحاصل في البلاد.
ولم تلقَ قرارات الحكومة ترحيبًا من بعض النواب والخبراء الذين اعتبروا أنّ خطة الحكومة الإصلاحية يدفع ثمنها المواطن، وتزيد الأعباء على الطبقتين الفقيرة والوسطى.
سياسة "رفع الدعم" في تونس
تتّجه تونس إلى اعتماد بعض الإصلاحات الضرورية تجاوبًا مع شروط صندوق النقد الدولي لتجنّب انهيار اقتصادها، ومن بين هذه الإصلاحات: اعتماد سياسة رفع الدعم عن المواد الأساسية.
فقد أعلنت الحكومة التونسية مطلع هذا الأسبوع رفع سعر السكر الموجه للاستهلاك العائلي بنسبة 22%، في خطوة تستهدف خفض العجز المالي في إطار خطة إصلاحات اقتصادية تشمل تقليصًا تدريجيًا للدعم، وتعد هذه الزيادة الثانية منذ مطلع العام 2021.
وسبق هذا القرار قرار آخر منذ نحو شهرين، حيث اتجهت الحكومة إلى رفع أسعار بعض المنتجات البترولية بنسبة 5%، في ثالث زيادة بأسعار الوقود منذ بداية العام الحالي.
وكان صندوق النقد الدولي قد دعا السلطات إلى ضرورة خفض فاتورة الأجور والحد من دعم الوقود، باعتباره أحد أبرز بنود برنامج الإصلاحات الذي اشترطته المؤسسة المالية العالمية لإقراض تونس.
وتضرر اقتصاد تونس بشدة جراء تداعيات أزمة كورونا، لا سيما قطاع السياحة المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي اللازم لتمويل الواردات.
وتشهد تونس ضائقة اقتصادية غير مسبوقة مع عجز مالي للعام 2020 يقدَّر بنحو 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وانكماش اقتصادي قارب 9%.
كما أشارت تقارير محلية إلى حاجة الحكومة لتمويل الميزانية بنحو 7 مليارات دولار قيمة إجمالية للاقتراض الخارجي.
خيار رفع الدعم "محفوف بالمخاطر"
وأمام هذه الضائقة التي تعانيها تونس، يبدو خيار رفع الدعم عن المواد الأساسية محفوفًا بالمخاطر.
فقد حذّرت أطراف سياسية في المعارضة ممّا أسمته الخضوع لشروط صندوق النقد الدولي، لأنّ هذا بنظرها قد يفجّر المزيد من التوترات الاجتماعية، خصوصًا في ظلّ تداعيات جائحة كورونا على مختلف القطاعات والشرائح المجتمعية.
وقد نصح بعض الخبراء والمختصّين الحكومة أيضًا باتخاذ مقاربة مختلفة لتخفيف الأعباء على المواطن العاديّ، والتوجّه إلى محاربة الاقتصاد الريعي بدل رفع الدعم عن المواد الأساسية، والتصدّي للتهرب الضريبي وإصلاح المنظومة الضرائبية، وتكثيف الرقابة على الصفقات العمومية ومراقبة مسالك الإنتاج والتوزيع لتعديل الأسعار ووضع حد لتغول لوبيات الاحتكار والفساد.
"الاقتصاد الاجتماعي التضامني" هو الحل
وفي هذا الصدد، يعتبر رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي أن هذه الإجراءات لا تساعد المستهلك التونسي على تحدي الغلاء الموجود في البلاد.
وفي حديث لـ "العربي" من تونس، يرى الرياحي أن "الاقتصاد الاجتماعي التضامني" هو الحل الوحيد، لتفادي الغلاء الفاحش في تونس.
ويطالب الحكومة بتشجيع الصناعة التونسية وذلك من خلال عدم توريد المنتجات المصنعة محليًا، بهدف تشجيع اليد العاملة في البلاد.
ويدعو الرياحي إلى الابتعاد عن الاقتصاد الريعي الذي "ينخر" في الاقتصاد التونسي ومقدراته، ويؤدي به إلى أزمة اقتصادية خانقة.