سيتم إرسال إشارة راديو مصممة لجذب انتباه الكائنات الفضائية لأزمة المناخ في الأرض إلى نظام الكواكب "ترابيست 1" في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وصُممت الرسالة من قبل "ميتي إنترناشونال" (METI International)، وهي مجموعة من العلماء والمؤرخين وعلماء الأنثروبولوجيا والفنانين الذين يجمعهم اعتقاد مشترك بأن البشرية ستستفيد من إرسال الرسائل بدلاً من مجرد انتظار تلقي رسالة من الكائنات الفضائية.
وستبث محطة "غونهلي" للأقمار الصناعية الأرضية في كورنوال ببريطانيا رسالة تغير المناخ في 4 أكتوبر/ تشرين الأول، بحسب موقع "سبيس".
هل سبقتنا الكائنات الفضائية في حل أزمة المناخ؟
وقال دوغلاس فاكوتش، رئيس "ميتي إنترناشونال": "لن تفاجأ أي كائنات فضائية تتلقى رسالتنا عند سماعها عن أزمة المناخ لدينا، لقد كان لديهم عقود لمراقبة محنتنا من بعيد".
واعتبر فاكوتش: "أن التحدي الأكبر للتواصل هو إنشاء أرضية مشتركة للتفاهم". ولمعالجة هذا الأمر، ستبدأ الرسالة بالجدول الدوري للعناصر الكيميائية.
وبحسب المرسلين فبما أن العناصر الكيميائية عالمية، فيجب على أي أجنبي ذي معرفة علمية أن يتعرف على الجدول الدوري. وسيخلق هذا المحتوى أرضية مشتركة للرسالة من أجل وصف بعض التحديات البيئية التي نواجهها هنا على الأرض.
الرد بعد نحو 78 عام
يبعد نظام "ترابيست 1" 39 سنة ضوئية، لذلك إذا اكتشف أي شخص رسالة؛ فلا ينبغي أن نتوقع ردًا قبل 78 عامًا على الأقل.
ومع ذلك، فإن الاحتمال هو أن الحياة الفضائية المتقدمة تقنيًا ستكون أقدم بكثير من البشر، نظرًا لأن عمر الكون يبلغ 13.8 مليار سنة ونحن مجرد وافدين جدد على الساحة.
ويأمل مؤلفو الرسالة أن توفر هذه الفجوة العمرية الأمل للبشر الذين يواجهون أزمة المناخ. وإذا كانت المخلوقات الفضائية قد تمكنت من البقاء على قيد الحياة ربما لملايين أو حتى مليارات السنين؛ فإن الخبراء يفترضون أنهم قد حلوا منذ فترة طويلة أي مشكلات مناخية ربما واجهوها وستكون موجودة الآن في مجتمع مستقر.
رسالة موسيقية بمضمون بيئي
وسيتم تصوير الموضوع البيئي في الرسالة من خلال الموسيقى وكذلك المعلومات العلمية. وتعاونت "ميتي إنترناشونال" مع مهرجان "ستيهيا" (Stihia) للموسيقى في أوزبكستان، وهو منظمة غير ربحية تعمل على زيادة الوعي بجفاف بحر آرال الذي تعتمد عليه المجتمعات المحلية في صيد الأسماك.
واعترف فاكوتش بأن الموسيقى قد تكون أصعب جزء من الرسالة بالنسبة للأجانب لتفسيرها، فضلاً عن صعوبة تشفيرها في الرسالة بدقة عالية.
وستكون هذه الرسالة الثانية التت ترسلها المجموعة إلى الكائنات الفضائية. وأرسلت الأولى في عام 2018 .
في المقابل، يعتبر العديد من الباحثين أن مثل هذه الاتصالات يمكن أن تسبب خطرًا على البشر لأننا لا نستطيع التنبؤ بنتائج الاتصال بالتكنولوجيين الأجانب على مجتمعنا.
نسخة رقمية للأرض
ويأتي ذلك بينما يعمل الاتحاد الأوروبي على تطوير نسخة رقمية للأرض للمساعدة في مراقبة ومكافحة أسباب تغيّر المناخ على مستوى العالم، حيث بدأت المفوضية الأوروبية مبادرة "Destination Earth" بدعم أوليّ قدره 150 مليون يورو حتى منتصف عام 2024 لإنشاء محاكاة رقمية للعالم.
وتهدف الفكرة إلى تمكين العلماء والشركات من استخدام المحاكاة للمساعدة في مراقبة وتوقع النشاط البشري الذي يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة.
وأكدت المسؤولة في الاتحاد الأوروبي ورئيسة مجموعة أوروبا الملائمة للعصر الرقمي مارغريت فيستاجر أن هذه المبادرة "مثال واضح على أننا لا نستطيع محاربة تغيّر المناخ من دون التقنيات الرقمية".
وسيساعد النموذج الرقمي للأرض على التنبؤ بالتدهور البيئي الكبير بموثوقية غير مسبوقة. وتساعد التقنيات الرقمية والأقمار الاصطناعية في تشكيل حجر الأساس لمراقبة تقدم الاتحاد الأوروبي نحو الحد من التغيير المناخي بحلول منتصف القرن.
ويركز العلماء على طرق جديدة لفهم الغلاف الجوي المتغير، فعلى سبيل المثال من بين الأمور التي ستكون أوضح مع هذه التقنية هو الاحتفاظ بعلامات تبويب حول حجم الغابات التي يتم تدميرها أو إعادة زراعتها في المنطقة.
مخاوف تتعلق بالخصوصية
في هذا السياق، يشير الكاتب والصحافي المتخصص في شؤون البيئة حبيب معلوف إلى أن هذا الموضوع تم طرحه في قمة غلاسكو المناخية التي عقدت نهاية العام الماضي وأثار حوله الكثير من الجدل، لا سيما أن بعض البلدان رفضت هذا المشروع بحجة إمكانية التجسس والمساس بخصوصية كل بلد.
ويلفت معلوف في حديث إلى "العربي"، من بيروت، إلى أنه يمكن من خلال المشروع مراقبة جميع الانبعاثات العالمية، وكل ما تفعله الدول من أجل معالجة تغيّر المناخ والتحقق من أنّ الدول تقوم بإجراءات لحفظ الغابات وزراعة أشجار جديدة.