الثلاثاء 19 نوفمبر / November 2024

أزمة المنطاد تشعل توترًا جديدًا.. ماذا بعد تأجيل زيارة بلينكن للصين؟

أزمة المنطاد تشعل توترًا جديدًا.. ماذا بعد تأجيل زيارة بلينكن للصين؟

شارك القصة

"العربي" يواكب تطورات أزمة المنطاد الصينية الأميركية (الصورة: رويترز)
أدت "أزمة المنطاد" إلى توتر كبير بين واشنطن وبكين، حيث أرجأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة إلى الصين.

اعتبرت وزارة الخارجية الصينية، اليوم السبت، أنّ تحليق "منطاد" صيني فوق الولايات المتحدة كان جراء أسباب قاهرة، متهمة السياسيين ووسائل الإعلام الأميركية باستغلال الوضع لتشويه سمعة الصين.

وذكرت الوزارة في بيان أن "الصين تلتزم دائمًا بصرامة بالقانون الدولي وتحترم سيادة ووحدة أراضي جميع الدول".

وكان البنتاغون أعلن أنّ منطاد تجسّس صينيًّا ثانيًا يحلّق فوق أميركا اللاتينية، بعد رصد منطاد أوّل في أجواء الولايات المتحدة خلال اليوم السابق.

وقال المتحدّث باسم البنتاغون بات رايدر في بيان: "نحن على علم بتقارير عن منطاد يحلّق فوق أميركا اللاتينية. نعتبر أنّ الأمر يتعلّق بمنطاد تجسّس صيني آخر"، من دون أن يحدّد موقعه بدقة.

بلينكن يتراجع

وأدت "أزمة المنطاد" إلى توتر كبير بين واشنطن وبكين، فأرجأ وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن، يوم أمس الجمعة، زيارة إلى بكين بعدما تم رصد المنطاد الصيني الأوّل الذي تشتبه واشنطن في أنّ أغراضه تجسّسية، وأتى القرار بعد بيان الاعتذار الصيني.

الصين كانت قد أصدرت بيانًا ألقت فيه اللوم على الرياح، في دفع ما وصفته بأنّه "منطاد مدني" إلى المجال الجوّي الأميركي.

بدورها، ندّدت إدارة بايدن بما وصفته بأنه "منطاد مراقبة" حلّق في وسط الولايات المتحدة، فيما أتى قرار بلينكن بإرجاء الزيارة تحت ضغوط مارسها الحزب الجمهوري، علمًا بأنه كان مقررًا أن تبدأ غدًا الأحد.

وفي اتصال مع نظيره الصيني وانغ يي، قال بلينكن إنّه "أخذ علمًا بمشاعر الأسف التي أعربت عنها الصين، لكنّه أشار إلى أنّ هذا عمل غير مسؤول، وانتهاك واضح لسيادة الولايات المتحدة والقانون الدولي، يقوّض الغرض من الرحلة"، وفق الخارجية الأميركية.

وشدّد على أنّ بلاده تأمل في "إبقاء قنوات الاتّصال مفتوحة" مع بكين، مشيرًا إلى أنّه قد يتمكن من زيارتها مجددًا "حين تسنح الظروف".

"أسقطوا هذا المنطاد"

وقال مسؤول أميركي رفيع لوكالة فرانس برس إنّ حادثة المنطاد "كانت لتحُدّ بشكل خطير من برنامج المحادثات، في ما لو بقيت الزيارة في موعدها".

وزيارة بلينكن، التي تعد الأولى لوزير خارجيّة أميركي إلى الصين منذ عام 2018، كان هدفها تخفيف التوتّر بين الولايات المتحدة والعملاق الآسيوي الذي تعتبره واشنطن منافسها الرئيسي في العالم. وأفاد الوزير الأميركي الشهر الماضي  بأنها ترمي إلى منع تحوّل التوتّر في العلاقات إلى نزاع مفتوح.

واغتنمت المعارضة الجمهورية هذه الواقعة للتنديد بسياسة اليد الممدودة، التي تنتهجها إدارة بايدن تجاه بكين، حسب قولها.

وغرد السناتور المتشدد توم كوتون، الذي كان حضّ بلينكن على إلغاء الزيارة، بالقول: "الرئيس بايدن يجب أن يتوقّف عن التساهل مع الشيوعيين الصينيين ومهادنتهم. أسقِطوا المنطاد فورًا واستغلوا تقنياته"، مشيرًا إلى أنه قد يشكل كسبًا استخباريًا كبيرًا.

وفي منشور على موقعه للتواصل الاجتماعي "تروث" كتب الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترمب "أسقِطوا هذا المنطاد".

مجرد "تيار هوائي"

وبناء على طلب بايدن، بحث البنتاغون في إمكان إسقاط المنطاد، لكنّه قرّر في نهاية المطاف عدم فعل ذلك بسبب المخاطر التي يشكّلها تساقط الحطام على الناس، بحسب مسؤول دفاعي كبير.

وأضاف المسؤول "نتخذ خطوات لحماية أنفسنا في مواجهة عملية جمع معلومات حساسة"، مشددًا على "القيمة المحدودة للمنطاد لناحية جمع معلومات استخبارية".

وتابع "اعتبرنا أنّ المنطاد كبير بما يكفي ليتسبب الحطام بأضرار" إذا أسقِط في منطقة مأهولة.

وفي بيان سابق، قالت الخارجية الصينية تعليقًا على أول منطاد جرى رصده، إنّ "المنطاد (مصدره) من الصين. إنّه منطاد مدني يُستخدم لأغراض البحث، وبالدرجة الأولى لأبحاث الأرصاد الجوية". وأضافت "يأسف الجانب الصيني لدخول المنطاد عن غير قصد المجال الجوي الأميركي بسبب قوة قاهرة".

وتأتي هذه الواقعة في وقت تحاول القوّتان العظميان منع تحوّل التوتر بينهما إلى صراع مفتوح. وفي بيانها، قالت الخارجية الصينية إنّ المنطاد الأول خرج عن مساره المحدّد بسبب تيار هوائي.

وأوضح البيان: "بسبب تيار الرياح الغربية، وفي ظلّ قدرته المحدودة على التوجيه الذاتي، انحرف المنطاد بعيدًا من المسار المحدّد له".

وشدّدت الخارجية الصينية على أنّ "الجانب الصيني سيواصل التواصل مع الجانب الأميركي والتعامل بشكل مناسب مع هذا الوضع غير المتوقّع والناجم من قوة قاهرة".

كندا تحقق 

في أوتاوا، أعلنت الحكومة الكندية الجمعة أنّها تحقّق في "واقعة محتملة" من هذا القبيل.

وكان المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركية أوضح للصحافيين أنّ "المنطاد يتّجه شرقًا وموجود حاليًا فوق وسط الولايات المتحدة".

وأكّد أنّ المنطاد حلّق على ارتفاع 18 ألف متر فوق مستوى سطح البحر، ويُتوقع أن يبقى فوق الأراضي الأميركية "بضعة أيام" إضافية.

وجدّد المتحدّث القول إنّ المنطاد يحلّق أعلى من مستوى الحركة الجوية التجارية، ولا يشكّل "أيّ تهديد عسكري أو جسدي لمن هم على الأرض".لكنّه رفض تحديد ما إذا كانت الرياح هي التي تدفع المنطاد أم يتمّ التحكّم بحركاته.

من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الكندية أنّ "الكنديين في أمان وكندا تتّخذ التدابير لضمان أمن مجالها الجوي بما يشمل تتبّع حادث ثان محتمل".

ولم تذكر كندا الصين. وأضافت الوزارة: "وكالات الاستخبارات الكندية تعمل مع شركائها الأميركيين وتواصل اتخاذ كلّ التدابير اللازمة لحماية كندا من تهديدات تجسّس أجنبي".

إلى ذلك، اعتبر مسؤول دفاعي أميركي أنّ القصد من هذا المنطاد هو المراقبة، ومساره الحالي يقوده فوق عدد من المواقع الحساسة"، خصوصًا قواعد جوية ومخازن صواريخ إستراتيجية في ولاية مونتانا في شمال غرب الولايات المتحدة.

وأشار المسؤول إلى أن المنطاد دخل المجال الجوي الأميركي "قبل أيام عدة"، مضيفًا أن الاستخبارات الأميركية كانت تتعقبه قبل ذلك بفترة طويلة وأن هذه ليست أول مرة يرصد الجيش الأميركي خرقًا مماثلًا. لكن هذه المرة بقي المنطاد في المجال الجوي للولايات المتحدة فترة أطول.

طائرات مقاتلة

وعند تبلغه بالأمر طلب بايدن على الفور من وزير دفاعه لويد أوستن، الذي كان في الفيليبين الأربعاء، أن يقدّم له خيارات، ثم أجرى الأخير مناقشات مع قادة الجيش في البنتاغون. فيما اقتربت طائرات مقاتلة من المنطاد فوق مونتانا، وفق المسوؤل الأميركي.

وأثارت واشنطن القضية مع السلطات الصينية. وقال المسؤول الأميركي "أبلغناهم بخطورة الواقعة. أوضحنا لهم أننا سنفعل كل ما هو ضروري لحماية شعبنا على أراضينا".

واستنكر رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي مساء الخميس "العمل المزعزع للاستقرار"، الذي تقوم به الصين و"يتجاهل بلا خجل سيادة الولايات المتحدة". ودعا مكارثي بايدن إلى "عدم التزام الصمت"، مطالبًا الإدارة بإبلاغ أعضاء الكونغرس بتفاصيل ما يحصل.

وفي بيان مشترك، قال البرلماني الجمهوري مايك غالاغر وزميله الديموقراطي وراجا كريشنامورثي اللذان يرأسان لجنة برلمانية حول الصين، إنّ "هذا الانتهاك للسيادة الأميركية قبل أيام فقط من زيارة بلينكن للصين، يُظهر أنّ الدلائل الأخيرة على الانفتاح" من جانب بكين "لا تعكس تغييرًا حقيقيًا في السياسة" الصينية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close