تفجر اقتتال في طرابلس في ساعة مبكرة اليوم الجمعة بين قوة عسكرية تابعة لرئاسة الأركان الليبية وأخرى مسلحة تابعة للحكومة بالقرب من معسكر "تكبالي" الواقع بمنطقة صلاح الدين جنوب العاصمة طرابلس، في أعنف اشتباكات تشهدها العاصمة الليبية منذ توقف القتال بين فصائل من الشرق والغرب قبل عام.
وأفادت مصادر عسكرية لـ"العربي" بأن الاشتباكات اندلعت بين الطرفين بغية السيطرة على معسكر تكبالي، وأسفرت عن مقتل شخصين وإصابة أكثر من 10 آخرين.
وجرت المواجهات بين وحدة النخبة "اللواء 444 قتال" و"جهاز دعم الاستقرار"، والأخير وحدة أنشأها في كانون الثاني/يناير رئيس الوزراء السابق فايز السراج، وفق ما أفاد آمر منطقة طرابلس العسكرية اللواء ركن عبد الباسط مروان في بيان عبر الفيديو نشر الجمعة على صفحة فيسبوك التابعة للمنطقة العسكرية.
وبأمر من اللواء مروان، هاجم "جهاز دعم الاستقرار" قبيل منتصف الليل المعسكر، معتبرًا أن العملية "تصحيح لمسار اللواء 444 قتال بعد ملاحظة انحراف اللواء وعدم امتثاله للأوامر العسكرية".
وأفاد أحد سكان حي صلاح الدين بجنوب طرابلس بأن "إطلاق النار بدأ حوالي الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، واستمر حتى طلوع النهار باستخدام أسلحة متوسطة وخفيفة".
ماذا عن الخلفيات؟
وحول خلفيات الاشتباكات، أوضح مراسل "العربي" عبد الناصر خالد أن الاشتباكات اندلعت بعد اتهام اللواء 444 جهاز دعم الاستقرار بمحاولته السيطرة على معسكر التكبالي التابع للواء، مضيفًا من طرابلس أن الرواية الرسمية تقول وفقًا لآمر المنطقة العسكرية اللواء ركن عبد الباسط مروان بأن اللواء 444 قد انحرف عن مساره واتهمه بالتصرف بشكل انفرادي، ما يشكل خطرًا على البلاد.
وأشار مراسلنا إلى أن القائد الأعلى للجيش الليبي محمد المنفي قد أمر بإيقاف جميع التحركات العسكرية وإيقاف الاشتباكات وعود جميع القوات إلى ثكناتها وعدم إطلاق أي رصاصة.
ولفت خالد إلى أن الهلال الأحمر طالب بهدنة لإخراج العائلات العالقة والتي قال إن من بينها مصابين جراء الاشتباكات.
قلق أممي
وفي غضون ذلك، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الجمعة، عن قلقها إزاء الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس.
وأفاد بيان البعثة الأممية بأن "البعثة تعرب عن قلقها البالغ إزاء استمرار الاشتباكات المسلحة، بما في ذلك ما ورد عن استخدام لإطلاق نار عشوائي في منطقة صلاح الدين (جنوبي طرابلس)، أحد الأحياء المكتظة بالسكان في العاصمة".
ودعا إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية، وممارسة جميع الأطراف أقصى درجات ضبط النفس".
كما طالبت البعثة الأممية "السلطات الليبية بتحمل مسؤولياتها في ضمان حماية المدنيين، وممارسة السيطرة على الوحدات التابعة لها"، بحسب البيان ذاته.
عراقيل أمام الانتخابات
ومن شأن تفجر اقتتال في طرابلس بين جماعات مسلحة تتنافس للسيطرة على الأراضي في الجانبين وعلى مؤسسات الدولة؛ أن يضع مزيدًا من العراقيل في طريق الانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون الأول، في إطار خطة لإنهاء الفوضى والعنف والانقسام القائم منذ عشر سنوات.
وعلى الرغم من وقف إطلاق النار والتقدم الذي طرأ هذا العام باتجاه الوصول لحل سياسي ينهي الأزمة، لم يحدث تحرك صوب توحيد الفصائل المسلحة المتعددة في جيش وطني موحد.
ويأتي ذلك بعد اشتباكات كبرى دارت الشهر الماضي في مدينة الزاوية غربي طرابلس وحوادث أو اشتباكات أصغر داخل العاصمة، شملت اشتباكًا بالأسلحة النارية هذا الأسبوع في إحدى مؤسسات الدولة.
وفي شرق ليبيا الذي تسيطر عليه قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كان هناك أيضًا إطلاق للنيران وأحداث عنف أخرى في الأشهر الأخيرة.
ولم تنعم ليبيا بالأمن منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي، وما أعقب ذلك من انقسام البلاد في 2014 بين جماعتين متقاتلين في الشرق والغرب.
إلا أنه تم الاتفاق في العام الماضي على وقف إطلاق النار، وتشكلت في مارس/آذار حكومة وحدة جديدة دعمها الجانبان للإعداد لانتخابات عامة في ديسمبر/كانون الأول، في خطوات اعتُبرت أفضل فرصة للسلام منذ سنوات.
غير أن حكومة الوحدة التي مقرها طرابلس وجدت مصاعب في توحيد مؤسسات الدولة أو الإعداد للانتخابات، مع رفض البرلمان الواقع في الشرق لميزانيتها المقترحة والإخفاق في الاتفاق على أساس دستوري للتصويت.