بدأ الأطباء في مستشفيات إنكلترا الأربعاء أطول إضراب متواصل لهم منذ سبعة عقود من تاريخ هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية التي تعاني أساسًا من الضغط.
ونفذ الأطباء المبتدئون (أي أقل من المستوى الاستشاري) إضرابًا مدته ستة أيام في تصعيد كبير لخلافهم القائم منذ مدة طويلة مع الحكومة البريطانية بشأن الأجور.
وتأتي هذه الخطوة في فترة تعد من فترات العام الأكثر انشغالًا بالنسبة للهيئة الممولة من الدولة إذ تواجه ضغطًا متزايدًا جراء انتشار الأمراض التنفسية في الشتاء. كما يأتي مباشرة بعد إضراب للأطباء استمر ثلاثة أيام قبل عيد الميلاد.
وأكدت الهيئة أن الإضراب الأخير الذي يمكن أن يشارك فيه ما يصل إلى نصف العاملين في قطاع الصحة "سيؤثر بشكل كبير على الرعاية (الصحية) الروتينية بأكملها تقريبًا".
وقال مدير الهيئة للصحة الوطنية ستيفن بويس: "قد يكون يناير/ كانون الثاني الحالي من بدايات العام الأكثر صعوبة التي تواجهها هيئة الخدمات الصحية الوطنية على الإطلاق". ومن المقرر أن ينتهي الإضراب الثلاثاء عند الساعة السابعة صباحًا بتوقيت غرينتش.
انهيار المحادثات مع الحكومة
وأعلنت "الرابطة الطبية البريطانية" الإضراب في ديسمبر/ كانون الأول بعد انهيار المحادثات مع الحكومة.
وأفادت النقابة أنه عُرض على الأطباء المبتدئين زيادة أجور نسبتها 3% إضافة إلى الزيادة بنسبة 8,8% التي منحت لهم في وقت سابق هذا العام.
لكنها رفضت العرض نظرًا إلى أن المبلغ سيقسّم بشكل غير منصف على الأطباء على مختلف درجاتهم وسيمثّل "خفضًا للأجور بالنسبة للعديد من الأطباء".
وتشير الحكومة إلى أن "الطبيب المبتدئ" يتقاضى حوالى 32 ألف جنيه إسترليني (37 ألف يورو) خلال السنة الأولى من ممارسته المهنة.
ونظم الأطباء المبتدئون إضرابات سبع مرّات على الأقل منذ مارس/ آذار، في تحرّك انتقده رئيس الوزراء ريشي سوناك وكبار مسؤولي المستشفيات.
وقال روبرت لورنسون وفيفيك تريفيدي من لجنة الأطباء المبتدئين في النقابة: "قضينا فترة الأعياد على أمل الحصول على عرض نهائي وعدتنا به وزيرة الصحة العام الماضي. للأسف لم يحدث ذلك".
وأفاد ناطق باسم الحكومة البريطانية الثلاثاء: "نحن على استعداد لإجراء المزيد من المحادثات، لكن يجب قبل كل شيء إنهاء هذا الإضراب".
انعكاسات كبيرة على المرضى
وتعد السياسات الصحية من المسائل التي تدار بشكل لا مركزي إذ تترك لندن القرارات المربطة بها للسلطات المعنية في كل من اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، فيما تشرف حكومة المملكة المتحدة على إنكلترا.
ومن المقرر أن ينفذ الأطباء المبتدئون إضرابًا في ويلز مدته 72 ساعة اعتبارًا من 15 يناير. وأما أولئك في إيرلندا الشمالية فصوّتوا لصالح الإضراب أيضًا، فيما أبرم نظراؤهم في إسكتلندا اتفاقًا مع الحكومة في إدنبره.
وتشهد هيئة الخدمات الصحية البريطانية عادة ازديادًا في عدد الأشخاص الذين يدخلون المستشفى بعد عيد الميلاد بسبب تأجيل البعض الخضوع للعلاج من أجل قضاء فترة الأعياد مع أحبائهم.
وتواجه الهيئة بالفعل تأخيرات في فترات الانتظار للحصول على مواعيد وإجراء عمليات جراحية، يلقى باللوم فيها على كوفيد من جهة ونقص التمويل على مدى سنوات من جهة أخرى.
وقال الرئيس التنفيذي لمقدّمي خدمات الهيئة التي تمثّل مجموعات المستشفيات في إنكلترا جوليان هارتلي إن تأثير الإضرابات على المرضى سيكون "كبيرًا".
وقال لشبكة "بي بي سي" إنه "سيتعيّن إلغاء أغلب العمليات الجراحية والمواعيد المقررة". وسيعمل المستشارون مكان الأطباء المبتدئين ولن يتوقف عمل خدمات الطوارئ والرعاية الطارئة مثل أقسام الولادة والعناية المركّزة.
لكن تسري مخاوف من احتمال تأثير كوفيد والإنفلونزا وغيرها من الأمراض الموسمية على عدد الموظفين. وقال هارتلي: "نشعر بقلق بالغ حيال التأثيرات في الأيام المقبلة".