يحتاج قرابة 25 مليون شخص في السودان إلى مساعدات إنسانية، وفق تقديرات الأمم المتحدة أمس الأربعاء، حيث أكدت أن الاحتياجات الإنسانية تفاقمت منذ اندلاع نزاع دام في السودان في 15 أبريل/ نيسان الماضي.
وقال مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في جنيف راميش راجاسينغهام للصحافيين: "يحتاج اليوم 25 مليون شخص- أي أكثر من نصف سكان السودان- لمساعدات إنسانية وللحماية"، موضحًا أن هذا العدد "هو أكبر عدد" محتاجين لمساعدات إنسانية تسجّله الوكالة الأممية في هذا البلد على الإطلاق.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن احتياجات السودان من المساعدات تفوق 3 مليارات دولار، ولذلك أطلقت نداء استجابة للوضع ودقت ناقوس الخطر.
الأمم المتحدة تسعى لجمع 3 مليارات دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية في #السودان#العربي_اليوم تقرير: حنان البلخي pic.twitter.com/ZZpseCEcrV
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 18, 2023
وتوقّعت الأمم المتحدة أن تحتاج إلى 2,56 مليار دولار لتقديم مساعدات داخل الأراضي السودانية، في مقابل 1,75 مليار دولار وفق تقديرات نهاية العام الماضي.
وستسمح هذه الأموال لهيئات الإغاثة بالوصول إلى 18 مليون شخص يعدّون الأكثر عرضة للخطر داخل البلاد، بحسب راجاسينغهام.
وأمس الأربعاء، تصاعدت حدة الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في أكثر من موقع في العاصمة السودانية والمناطق المجاورة. ونشرت الوكالة السودانية الرسمية للمرة الأولى لقطات تظهر الجنرال عبد الفتاح البرهان محاطًا بجنود لدى تفقّده مبنى متفحمًا تابعًا للقيادة العامة للجيش في الخرطوم.
متجولا بين قواته.. قائد الجيش السوداني عبد الفتاح #البرهان يظهر في شوارع العاصمة السودانية #الخرطوم #السودان pic.twitter.com/pMjaZROMHK
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 17, 2023
والشهر الماضي، اندلعت اشتباكات بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو.
ووفقًا لنقابة الأطباء السودانية، فقد أسفر الاقتتال الدائر عن مقتل أكثر من 800 شخص ونزوح مئات الآلاف.
وأُصيب أكثر من خمسة آلاف شخص بجروح، فيما لا يزال الملايين عالقين في منازلهم وعاجزين عن الوصول إلى الخدمات الأساسية والرعاية الصحية، وفق راجاسينغهام.
"تقارير مقلقة"
ونبّه المسؤول الأممي أيضًا إلى "تقارير مقلقة حول ازدياد العنف الجنسي"، محذرًا من أن "الأطفال ضعفاء بشكل خاص في هذه الفوضى التي تتكشّف". كما عبّر راجاسينغهام عن أسفه لتعرّض العاملين الإنسانيين لعدة هجمات، منهم من قتل، فيما نُهبت مكاتب ومخزونات.
وأعرب عن أمله بأن يلتزم الطرفان المتحاربان قواعد إنسانية توصلا إليها الأسبوع الماضي، بشأن إجلاء المدنيين من مناطق القتال وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات الإنسانية.
ولفت إلى أن المقاتلين انسحبوا من بعض المرافق الصحية التي كانت محتلة في السابق، مشيرًا إلى زيادة في تسليم المساعدات، لكنه شدّد رغم ذلك على "الحاجة إلى المزيد". وتابع: "الأزمة في السودان بدأت تتحول بسرعة إلى أزمة إقليمية".
وأشارت الوكالة الأممية في الوقت ذاته إلى حاجتها إلى مبلغ 470,4 مليون دولار إضافية لمساعدة الأشخاص الذين فرّوا من البلاد، مضيفة بأنها تستعد حاليًا لتأمين احتياجات ما يصل إلى 1,1 مليون شخص يتوقع أن يفرّوا من السودان خلال العام الحالي وحده.
وقال مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات رؤوف مازو لصحافيين: "حتى الآن، أدت الأزمة التي بدأت قبل شهر فحسب إلى تدفق هائل إلى بلدان مجاورة لنحو 220 ألف لاجئ وعائد يبحثون عن السلامة في تشاد وجنوب السودان ومصر وجمهورية إفريقيا الوسطى وإثيوبيا".
وتتوقع الأمم المتحدة أن يكون من بين أكثر من مليون شخص يتوقع فرارهم من السودان، نحو 640 ألف سوداني و204 آلاف شخص كانوا لاجئين في السودان، وقد يعودون إلى وطنهم ربما جنوب السودان بشكل أساسي. وكان نحو 1,1 مليون لاجئ يعيشون في السودان قبل بدء النزاع.
جهود لوقف إطلاق النار
وفي مدينة جدة السعودية، لا يزال الطرفان السودانيان يجريان محادثات حول وقف إطلاق نار "إنساني" للسماح للمدنيين بالخروج وإتاحة المجال لدخول المساعدات.
كما تطرّق وزيرا الخارجية المصري سامح شكري والسعودي الأمير فيصل بن فرحان مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في جدة التي تستضيف قمة عربية الجمعة، إلى مسألة النزاع في السودان.
وعبّر ثلاثتهم عن تأييدهم لوقف لإطلاق النار لكن من دون اقتراح أي خطوط عريضة له.
كذلك، دعا رئيس كينيا وليام روتو أمس الأربعاء، الجنرالَين إلى "وقف هذه العبثية". وتتزايد الجهود الدبلوماسية في جميع الاتجاهات، في ظل عدم نجاح أحد حتى الآن في إجبار الجنرالَين على وقف القتال، وسط مخاوف في الدول المجاورة للسودان من انتقال عدوى النزاع.
لكن معهد "ريفت فالي" للأبحاث حذر في تقرير من "صعوبة تصوّر كيفية إرغام (الجنرالَين) على وقف العنف" رغم انطلاق المحادثات في جدّة. وأكّد المعهد أن "كلَيهما ينظر إلى وجود الآخر كتهديد"، مضيفًا: "إذا استمر النزاع، ستزداد فرص تورّط أطراف خارجية".