الأربعاء 20 نوفمبر / November 2024

ألمانيا و"رعب الشتاء".. صعوبات في الاعتماد على الفحم بدلًا من الغاز

ألمانيا و"رعب الشتاء".. صعوبات في الاعتماد على الفحم بدلًا من الغاز

شارك القصة

"العربي" يتابع تأثيرات أزمة الغاز في ألمانيا (الصورة: غيتي)
كشفت تقارير غربية عن صعوبات شتى تواجهها ألمانيا في عملية إعادة تشغيل المحطات الحرارية، التي تعمل على الفحم في ظل أزمة الغاز مع روسيا على خلفية الحرب الأوكرانية.

تدفع الأزمة المتواصلة بين روسيا والغرب، بألمانيا للعودة إلى الاستخدام المتزايد للفحم قبل الشتاء، لكن إعادة تشغيل المحطّات عملية باتت محفوفة بالصعوبات، بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وتعوّل ألمانيا بصورة خاصة على إمدادات الغاز الروسي، بعد تراجع تدفقاته إليها في الوقت التي ترجح موسكو الأسباب إلى مشكلات فنية وإجراءات بيروقراطية مرتبطة بالعقوبات الغربية التي فرضت عليها عقب هجومها على أوكرانيا في فبراير/ شباط الماضي. 

ومع هبوط التسليمات عبر خط الأنابيب الرئيس نورد ستريم 1 إلى 20% من طاقته الاستيعابية، وصفت برلين عملية التخفيضات هذه بأنها "مسيّسة".

"محطات بلا عمل"

ومنذ أكثر من سنة، لم يعد يخرج أيّ دخان من مصنع موربورغ في ضواحي هامبورغ (الشمال). فقد أغلقت هذه المحطّة الحرارية، وهي من الأحدث في البلد، في صيف عام 2021، بعد ستة أعوام لا غير من وضعها في الخدمة، في مقابل مساعدات عامة هدفها الحدّ من حصّة الفحم في مزيج الطاقة المستخدمة في ألمانيا.

وعندما قرّرت الحكومة، إزاء مخاطر اشتداد أزمة الطاقة هذا الشتاء، إعادة تشغيل بعض المحطّات للتعويض عن الانخفاض الشديد في إمدادات الغاز الروسي، توجّهت كلّ الأنظار إلى موربورغ. لكن سرعان ما أحبطت مجموعة "فاتنفال" السويدية المالكة لها الآمال، مؤكّدة هذا الأسبوع أنه "ليس من الوارد أن تفتح المحطّة أبوابها من جديد".

وقال غودرون بوديه الناطق باسم "فاتنفال" للوكالة الفرنسية: إنّ "إعادة تشغيل مصنع ما ليست مسألة بهذه السهولة"، مشيرًا إلى "الصدأ" الذي لحق بالمنشآت بعد سنة من التوقّف عن العمل.

وسمحت حكومة المستشار أولاف شولتس لسبع وعشرين محطّة فحم بمعاودة الإنتاج لفترة محدودة، حتّى مارس/ آذار 2024. ومنذ إعلان هذا القرار في أواخر يونيو/ حزيران، لم تفتح سوى محطّة واحدة أبوابها من جديد بكامل طاقتها، هي محطّة ميروم بالقرب من هانوفر شمالي البلاد، التي وضعت في الخدمة مجدّدًا في مطلع أغسطس/ آب بطاقة 690 ميغاوات في الساعة.

اليد العاملة

ويعاني هذا القطاع، شأنه شأن كلّ القطاعات الصناعية في ألمانيا، من نقص حاد في اليد العاملة. ففي موربورغ، "أغلبية العمّال الذين تركوا إمّا وجدوا عملًا آخر أو أحيلوا إلى التقاعد"، وفق ما صرّح روبرت فاكر مدير المحطّة.

ويطال "النقص في اليد العاملة مئات الوظائف"، بحسب ما كشفت مجموعة "آر دبليو اي" للطاقة التي تستعدّ لإعادة فتح ثلاثة معامل تبلغ طاقة كل منها 300 ميغاوات في الساعة. وفي بداية يوليو/ تموز، أعلنت إدارة محطّة يينسشفالديه (الشرق)، على بعد نحو 150 كيلومترًا عن برلين، أنها تنوي توظيف مئة شخص.

وتم تفكيك بعض المحطات جزئيًا، ومنها محطّة موربورغ التي تعتزم خوض مجال الهيدروجين، في خطوة تكتسي أهمية قصوى لمستقبل الطاقة في ألمانيا. ووضعت آلاف القطع الصغيرة المفكّكة في علب مودعة في غرفة التوربينات. وغُلّف المحرّك الدوّار بورق ألمينيوم استعدادًا لإرساله. أمّا المحوِّل الذي يتيح نقل التيّار إلى الشبكة والذي وضع أمام المبنى، فهو جرّد من بعض قطعه.

صعوبات عديدة

أما توفير الكربون فليس بالمسألة السهلة. فمستوى المياه المنخفض في أنهر البلد الذي يعاني هذه الفترة من جفاف غير مسبوق يجعل من الصعب نقل البضائع عبر الأنهر، ولا سيّما منها المواد الأولية. وباتت شبكات النقل عبر الطرق والسكك الحديد شديدة الازدحام.

وعلى ضوء ذلك، تعيد محطة الفحم "هايدن 4" التابعة لشركة الطاقة "يونيبر" والواقعة في غرب البلد فتح أبوابها، لكن ليس بطاقة كاملة. وسيكون تشغيلها "محدودًا بسبب عدم كفاية نقل الفحم بسكك الحديد إلى الموقع"، بحسب ما أفادت المجموعة الألمانية بشأن هذه المحطّة التي تعدّ أكبر المحطّات السبع والعشرين التي سمحت الحكومة بإعادة تشغيلها.

وتنوي شركة "شتياغ" المزوّدة للطاقة إعادة تشغيل محطّتين، مع تحديد نوفمبر/ تشرين الثاني موعدًا محتملًا لمعاودة العمل فيهما. لكنها تلفت إلى أنه سيكون من الصعب الامتثال للقاعدة، التي تفرض التزوّد بمخزون من الفحم القاري يكفي لثلاثين يومًا من العمل بطاقة كاملة "نظرًا للوضع اللوجستي المعقّد في مجال النقل بسكك الحديد".

ولمواجهة هذه الصعوبات، اعتمدت برلين مؤخّرًا مرسومًا يعطي الأولويّة لعربات القطارات المحمّلة بالفحم على تلك الناقلة للركّاب، في قرار هو الأوّل من نوعه في البلد.

ويشكّل قرار اللجوء المتزايد إلى الفحم نكسة للائتلاف الحاكم الذي يشارك فيه حزب الخضر بحقائب وزارية عدّة، منها الاقتصاد. وكانت حصّة الفحم في إنتاج الكهرباء في ألمانيا تبلغ 27,4% في 2021، في انخفاض مطّرد منذ عدّة سنوات.

ويؤكّد المستشار أولاف شولتس أنه لم يتخلّ عن هدفه الرامي إلى وقف الاعتماد على مصدر الطاقة الملوّث هذا سنة 2030، مستبعدًا "أيّ انتعاش لسوق الطاقة الأحفورية".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close