هي "أميرة حرب بقفازات مخملية" كما يصفها البريطانيون. كان اسمها في لندن "إيما الأخرس"، وبات في دمشق "أسماء الأسد". وبين هذا الاسم وذاك، حرب طاحنة يقول السوريون: إن الزوجة قطفت ثمارها على أكثر من مستوى.
لكنّ "نعمة" الجنسية البريطانية قد تنقلب قريبًا "نقمة" على أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، بعدما أعلنت شرطة لندن فتح تحقيق مبدئيّ بحقها بتهم ضلوعها في التشجيع على انتهاكات ضد الإنسانية وعلى ممارسات إرهابية.
وفي حال ثبوت الاتهامات ضدها، يمكن للشرطة محاكمتها والمطالبة بتسليمها للتحقيق بوصفها مواطنة بريطانية، علمًا أن الخزانة الأميركية كانت قد فرضت أواخر العام الماضي على أسماء الأسد وأفراد عائلتها عقوبات جديدة، متهمة إياها بمراكمة الثروة واستغلال ظروف الحرب في سوريا.
وجاء فتح التحقيق ضدّ أسماء الأسد بعد تلقي شرطة العاصمة البريطانية ملفين سريَّين، يحملان دلائل جديدة تشير إلى تورط زوجة رئيس النظام السوري بدعم وتشجيع ممارسات إرهابية، قدّمها مكتب "المحاماة الدولية" للسلطات.
ويوضح مدير مكتب "المحاماة الدولية" توبي كادمان أنّ المكتب بدأ العمل على قضية أسماء الأسد منتصف العام المنصرم، وقد تضمّن ذلك "إجراء مقابلات مع سوريين في الداخل، ومشاهدة مواد فيديو، بالإضافة إلى تحليل خطاباتها ولقاءاتها مع المسلحين، وقيامها بتشجيع القوات المسلحة وغيرهم من المقاتلين على القيام بأعمال وحشية ضد المدنيين في سوريا".
جنسية أسماء الأسد تثير الجدل
وتثير جنسية أسماء الأسد البريطانية الكثير من الجدل، حيث تبرز مسألة ازدواجية معايير لدى السلطات البريطانية، إذ كيف لزوجة متهم بجرائم ضد الإنسانية أن تحتفظ بجنسيتها، في جين جُرّدت شميمة بيغوم، مثلًا، من جواز سفرها دون محاكمة حتى، بسبب زواجها من مقاتل ينتمي إلى تنظيم "داعش".
ويقول كادمان في هذا السياق: القانون لا يتطلب أن يكون الشخص المتهم بريطانيًا ليُحاكَم على انتهاكات ارتكبها خارج بريطانيا. وإذ يلفت كادمان إلى وجود مطالبات بتجريد أسماء الأسد من الجنسية، يضيف: "قد يحدث هذا مستقبلًا، ولكننا نريد تحقيق العدالة بإدانتها أولًا".
من جهته، يؤكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أنّ أسماء الأسد هي جزء من النظام السوري المتورط بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويتحدّث عن إمكانية لاستخدام الاختصاص القضائي العالمي في القانون البريطاني.
لكنّ عبد الغني يلفت، في حديث إلى "العربي"، إلى أنّ سحب الجنسية من أسماء الأسد يمكن أن يوقف القضية ضدها، وهناك سوابق في هذا السياق، كاشفًا عن خيار آخر قد يكون واردًا، ويقضي بأن تتخلى أسماء الأسد نفسها عن الجنسية، وبالتالي تهرب من المحاكمة.
ويشدّد على أنّ المحاكمة، في مطلق الأحوال، هي رسالة قوية وإدانة لأسماء الأسد بالإرهاب بعدما صُوّرت على أنها "زهرة الصحراء".
تعويم النظام السوري مستبعد
ويجزم مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن أسماء الأسد هي من الصفوف الأولى في النظام السوري، وهي متورطة بكل تأكيد بدعم النظام وتبرير جرائمه، وبالتالي تبييض صورته.
ويضيف: يفترض أن تحاكمها كل دول العالم، وفقًا لاختصاصها القضائي، وأن تلاحقها، لأن النظام السوري انتهك اتفاقية جنيف.
ويستبعد عبد الغني، من جهة ثانية، فكرة "تعويم النظام السوري" من قبل بريطانيا، متحدثًا عن إجراءات تصعيدية ستلجأ إليها في المرحلة المقبلة، ولا سيّما فيما يتعلق بملف المعتقلين.