الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

أنهار ملوثة بالأدوية حول العالم.. تهديد كارثي للبيئة وصحة الإنسان

أنهار ملوثة بالأدوية حول العالم.. تهديد كارثي للبيئة وصحة الإنسان

شارك القصة

تقرير من "شبابيك" حول تحويل النفايات الطبية إلى وقود ومواد البناء (الصورة: غيتي)
يمكن أن تكون المخاطر البيئية والصحية على الإنسان أكبر من المتوقع بسبب التفاعلات السمية لمكوّنات هذه الأدوية.

من المعروف أن الأدوية والمركبات النشطة بيولوجيًا التي يستخدمها البشر تُضرّ بالحياة البرية، وأن المضادات الحيوية في البيئة تزيد من خطر مقاومة الأدوية، وبالتالي فإنهما يشكلان أحد أكبر التهديدات التي تواجه البشرية.

وفي هذا الإطار، أظهرت دراسة بريطانية جديدة أكثر شمولًا، أن الأدوية لوّثت الأنهار في جميع أنحاء العالم، وباتت تشكل "تهديدًا عالميًا على البيئة وصحة الإنسان".

وقام 127 باحثًا من 86 مؤسسة حول العالم بقياس "مستوى تركيز" 61 نوعًا من الأدوية، في أكثر من ألف موقع على طول 258 نهرًا في 104 دول، تشمل جميع القارات، وتأثيرها على 470 مليون شخص.

ووجد الباحثون موقعين اثنين غير ملوثين فقط، الأول يقع في أيسلندا، والثاني في قرية فنزويلية، حيث لا يستخدم السكان الأصليون الأدوية الحديثة.

مستويات خطيرة وضارّة

ومن أكثر أنواع الأدوية التي تم اكتشاف وجودها في هذه المواقع الملوَّثة، هي الدواء المضاد للصرع "كاربامازيبين" الذي يصعب تحلّله، ودواء السكري "ميتفورمين"، بالإضافة إلى الكافيين. وعُثر على هذه الأنواع الثلاثة في نصف المواقع على الأقل.

وسجّلت الدراسة، التي نشرتها مجلة "Proceedings of the National Academy of Sciences" الطبية، "مستويات خطيرة" من المضادات الحيوية في واحد من خمسة مواقع.

وفي مواقع أخرى سُجّلت "مستويات ضارّة" للحياة البرية، مع تأثيرات مثل "تأنيث الأسماك" أي أن الأنهار تحتوي على ما يكفي من "الهرمونات الأنثوية الاصطناعية، لتغيير الخصائص الجنسية لذكور الأسماك".

وتصل هذه الأدوية إلى الأنهار، عن طريق البشر والماشية، ومنها ما يذهب إلى نظام الصرف الصحي أو مباشرة عبر رميها في الطبيعة، وبعضها قد يتسرّب أيضًا إلى الأنهار من مصانع الأدوية.

وسجّلت مناطق في لاهور الباكستانية، ولاباز البوليفية، وأديس أبابا الإثيوبية، مستويات عالية جدًا من الأدوية، بينما سجّلت مدريد الإسبانية، وغلاسكو البريطانية، ودالاس الأميركية مستويات منخفضة من الأدوية.

المضادات الحيوية

وقال جون ويلكينسون، من جامعة يورك في المملكة المتحدة، والذي قاد الدراسة إن "منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة ومنظمات أخرى تقول إن مقاومة مضادات الميكروبات هي أكبر تهديد فردي للبشرية، إنها الجائحة المقبلة".

وأضاف: "في 19% من جميع المواقع التي راقبناها، تجاوز تركيز المضادات الحيوية المستويات التي نتوقّعها لتحفيز البكتيريا على تطوير المقاومة"، أي أن فعالية الأدوية تضعف بوجه الميكروبات.

ويحتوي أحد المواقع في بنغلاديش على مستويات من المضاد الحيوي "ميترونيدازول" أكثر من 300 مرة من المستوى الآمن، ومن المرجّح أن يكون التسرّب حصل خلال تصنيع المستحضرات الصيدلانية.

ومن بين الأدوية التي تمّ اكتشافها في جميع القارات، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مضادات الاكتئاب "سيتالوبرام"، و"فينلافاكسين"، ومضادات "هيستامين سيتريزين" و"فيكسوفينادين"، والمضاد الحيوي "تريميثوبريم" و"ليدوكائين" وهو مخدر. ويحتوي نهر كاي تاك في هونغ كونغ على 34 دواء في موقع واحد، وهو أعلى رقم تم تسجيله.

وقال الباحثون: "يمكن أن تكون المخاطر البيئية أكبر من المتوقع بسبب التفاعلات السمية لمكوّنات هذه الأدوية". هناك أكثر من 2500 دواء قيد الاستخدام، لكن التكنولوجيا الحالية تسمح بتحليل بين 50 إلى 100 فقط من عينة واحدة، لذلك ركّز الباحثون على أكثرها استخدامًا.

إجراءات مساعدة

كما تم العثور على أعلى "تركيز" من الأدوية بأنهار موجودة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بما في ذلك الهند ونيجيريا.

ويأمل العلماء أن تُساعد الدراسة في تركيز جهود تنظيف الأنهار على المستحضرات الصيدلانية والمناطق المعرّضة للخطر الأكبر.

ونظرًا للكلفة الباهظة لانشاء بنية تحتية للصرف الصحي، قال ويلكنسون: "إن استخدام الأدوية بعناية أكبر هو طريقة أخرى للحد من التلوث، وخاصة المضادات الحيوية، التي تتوفر بثمن بخس في العديد من البلدان دون وصفات طبية، ويتم تناولها على نطاق واسع دون داع".

يُذكر أن علماء في إسكتلندا اكتشفوا القدرة على تحويل معدات الحماية الشخصية التي تستخدم في المستشفيات لمواجهة فيروس كوفيد- 19 (PPE) إلى نوع من الزيت، يمكن تكريره وتحويله إلى وقود.

كما صمّم علماء من سيبيريا جهازًا يحوّل النفايات الطبية إلى غاز ومواد يمكن استخدامها في الوقود والبناء.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close