Skip to main content

أول إحصاء مستقل يكشف ما تخفيه موسكو.. كم عدد القتلى الروس بأوكرانيا؟

الإثنين 10 يوليو 2023

منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022، لا تقدّم أي من موسكو أو كييف بيانات عن خسائرهما العسكرية، بينما تبذلان قصارى جهدهما لتضخيم خسائر الجانب الآخر.

وبينما اعترفت روسيا علنًا بمقتل ما يزيد قليلًا عن 6 آلاف جندي، قال نشطاء وصحفيون مستقلّون إنّ التقارير الإعلامية عن الخسائر العسكرية الحقيقية تمّ قمعها. وأصبح توثيق الموتى تحديًا للصحفيين، بينما يتعرّض أولئك الذين يوثّقونها، للمضايقات واحتمال مواجهة التهم الجنائية.

غير أنّ أول تحليل إحصائي مستقلّ كشف مقتل حوالي 50 ألف جندي روسي في الحرب على أوكرانيا. 

واستخدمت وسيلتا إعلام روسيتان مستقلتان "ميديازونا" و"ميدوزا"، بالتعاون مع عالم بيانات من جامعة توبنغن الألمانية، بيانات الحكومة الروسية لإلقاء الضوء على التكلفة البشرية الحقيقية للحرب الروسية على أوكرانيا، والتي تعتبر أحد أكبر أسرار موسكو.

واعتمدوا على المفهوم الإحصائي الذي يُعرف باسم "الوفيات الزائدة" والذي شاع خلال جائحة كوفيد - 19. وبالاعتماد على سجلات الميراث وبيانات الوفيات الرسمية، قدّروا نسبة الوفيات من الرجال الروس تحت سن الخمسين بين فبراير 2022 ومايو/ أيار 2023، مقارنة بالنسبة المعتادة.

كما استخدمت "ميديازونا" والخدمة الروسية في شبكة "بي بي سي"، بالعمل مع شبكة من المتطوعين، منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وصور للمقابر في جميع أنحاء روسيا، لبناء قاعدة بيانات لقتلى الحرب المؤكدة.

استخدم الإحصاء صورًا للمقابر في جميع أنحاء روسيا، لبناء قاعدة بيانات لقتلى الحرب المؤكدة- اسوشييتد برس

وحتى 7 يوليو/ تموز الحالي، تعرّفوا إلى 27423 قتيلًا من الجنود الروس.

وقال ديمتري تريشانين، المحرّر في "ميديزونا" الذي ساعد في الإشراف على التحقيق، لوكالة اسوشييتد برس: "هؤلاء ليسوا سوى جنود نعرفهم بالاسم، ويتمّ التحقق من وفاتهم من قبل عدة مصادر"، مضيفًا أنّ "التقدير الذي قمنا به مع ميدوزا يسمح لنا بمعرفة الوفيات الخفية، والوفيات التي تحاول الحكومة الروسية إخفاءها بقلق شديد وغير ناجح".

للتوصل إلى حصيلة أكثر شمولًا، حصل الصحفيون من "ميديزونا" و"ميدوزا" على سجلات قضايا الميراث المرفوعة لدى السلطات الروسية. واحتوت بياناتهم المأخوذة من السجل الوطني للوصايا، على معلومات حول أكثر من 11 مليون شخص توفوا بين عامي 2014 ومايو 2023.

ووفقًا لتحليلهم، تمّ فتح 25 ألف قضية ميراث إضافية عام 2022، للذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و49 عامًا، أكثر ممّا كان متوقعًا. وبحلول 27 مايو 2023، ارتفع عدد القضايا إلى 47 ألف.

وتتماشى هذه الزيادة تقريبًا مع تقييم للبيت الأبيض في مايو بأن أكثر من 20 ألف روسي قُتلوا في أوكرانيا منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على الرغم من أنّها أقلّ من تقييمات أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية للوفيات الروسية الإجمالية.

في فبراير الماضي، قالت وزارة الدفاع البريطانية إنّ ما بين 40 و60 ألف روسي قُتلوا في الحرب. كما قدّر تقييم مسرّب من وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، أنّ عدد القتلى الروس خلال السنة الأولى من الحرب على أوكرانيا يتراوح بين 35 ألفًا و43 ألفًا.

وقال تريشانين: "قد تكون أرقامهم دقيقة، أو قد لا تكون كذلك. حتى لو كانت لديهم مصادر في وزارة الدفاع الروسية، فإن بياناتها الخاصة قد تكون غير كاملة. من الصعب للغاية جمع كل الضحايا من الجيش، وكتيبة روسغفارديا، وكتيبة أخمات، والعديد من الشركات العسكرية الخاصة والتي تُعتبر فاغنر أكبرها".

وأضاف أنّ "الضحايا بين السجناء، الذين جنّدتهم فاغنر لأول مرة، والآن وزارة الدفاع الروسية، هي أيضًا موضوع ضبابي للغاية، مع الكثير من الاحتمالات بالتلاعب".

وقالت وزارة الدفاع البريطانية، في تقييم استخباراتي، إنّه كان من الممكن تفادي العديد من القتلى الروس، بالإضافة إلى بتر الأطراف، من خلال تقديم إسعافات أولية أفضل في الخطوط الأمامية.

وأضافت الوزارة أنّ روسيا تكبّدت ما معدله 400 ضحية يوميًا لمدة 17 شهرًا، مما تسبب في "أزمة" في الرعاية الطبية القتالية، التي من المحتمل أن تقوّض الخدمات الطبية للمدنيين في المناطق الحدودية بالقرب من أوكرانيا.

من جهته، حصل ديمتري كوباك، عالم البيانات من جامعة توبنغن الألمانية الذي نشر أعمالًا عن الوفيات الزائدة من كوفيد 19 في روسيا،  بشكل مستقلّ على بيانات الوفيات مقسّمة حسب العمر والجنس لعام 2022 من وكالة الإحصاء الرسمية الروسية "روستات" (Rosstat).

ووجد زيادة في الوفيات بين الرجال ما دون الخمسين عامًا خلال عام 2022، تقدّر بـ24 ألفًا. وهو رقم يتوافق مع تحليل بيانات الميراث.

ولم يتمّ إدراج الروس المفقودين الذين لم يتم الاعتراف رسميًا بأنهم أموات، ومواطني أوكرانيا الذين يقاتلون في وحدات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، في هذه التحليل.

عائلات قتلى الجنود الروس يحملون صور ابنائهم- اسوشييتد برس

وردًا على سؤال من وكالة "أسوشيتد برس" عن تحليل "ميدوزا" و"ميديازونا"، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال مؤتمر عبر الهاتف مع الصحفيين اليوم الإثنين، إنّه لم يكن على علم بها لأنّ الكرملين "توقف عن مراقبة ميدوزا".

كما رفض بيسكوف التعليق على عدد الوفيات المذكورة في الدراسة، واكتفى بالقول إنّ "وزارة الدفاع تعطي الأرقام، وأنّها الوحيدة التي تتمتّع بهذا الامتياز".

و"ميدوزا" هي وسيلة إعلامية روسية مستقلّة تعمل في المنفى منذ ثماني سنوات، ومقرّها في لاتفيا. في أبريل 2021، صنّفتها السلطات الروسية على أنّها "وكيل أجنبي". وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، حظرها الكرملين باعتبارها "منظمة غير مرغوب فيها وغير قانونية".

كما صنّفت موسكو قناة "ميديزونا" على أنّها "وكيل أجنبي"، ومنعت موقعها على الإنترنت بعد الحرب على أوكرانيا.

المصادر:
العربي - اسوشييتد برس
شارك القصة