استشهد ثلاثة فلسطينيّين، فجر اليوم الخميس، بينهم قياديّ في سرايا القدس، الجناح المسلّح لحركة الجهاد الإسلامي، خلال غارة جوّية إسرائيليّة استهدفت جنوب قطاع غزّة، ليرتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 25 شهيدًا على الأقلّ قضوا منذ الثلاثاء جرّاء غارات الاحتلال.
ونعت سرايا القدس في بيان لها، "شهيدها القائد علي غالي عضو المجلس العسكري، ومسؤول الوحدة الصاروخيّة في سرايا القدس الذي ارتقى في عمليّة اغتيال صهيونيّة غادرة فجر اليوم برفقة عدد من الشهداء الأبرار".
استشهاد غالي
وأفاد مراسل "العربي" في غزة أن عملية اغتيال غالي تمت عبر طائرة مسيّرة، حيث كان في شقة سكنية بمدينة حمد جنوب القطاع، وكان في الشقة برفقة عدد من المواطنين، ما أدى لاستشهاد اثنين ممّن كانوا معه، وإصابة آخرين.
من جانبه، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان، إن استهداف غالي هو "عمليّة مشتركة لجيش الدفاع وجهاز الشاباك".
وأضاف: "شكّل علي غالي شخصيّة بارزة في التنظيم، وكان مسؤولًا عن إدارة الوحدة الصاروخيّة، ولعب دورًا مهمًا في توجيه وتنفيذ عمليّات إطلاق الصواريخ صوب إسرائيل بما في ذلك الرشقات الصاروخيّة الأخيرة".
في المقابل، شدّدت حركة الجهاد الإسلامي في بيان على أنّ "الاغتيالات الإسرائيليّة لن تمرّ مرور الكرام"، مضيفة أنّ "كلّ الخيارات مطروحة على طاولة المقاومة".
وأشار مراسل "العربي" إلى أن الأوضاع قد تتخذ منحى تصاعديًا، ولا سيما أن فصائل المقاومة تطالب بوقف سياسة الاغتيالات كشرط أول للحديث عن وقف إطلاق النار، قبل تثبيته.
وأضاف المراسل أن الاحتلال الإسرائيلي، بعد اغتيال غالي، واصل غاراته تجاه منطقة عبسان شرقي مدينة خانيونس جنوبي القطاع، وسط هدوء تام من الجبهة الفلسطينية خلال الساعات الأخيرة.
تصعيد متواصل
وتعتبر هذه المواجهات الأشدّ منذ أشهر، حيث تم إطلاق المزيد من الصواريخ من غزة مساء أمس، إذ أكدت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أنّ "المقاومة الفلسطينيّة تُواصِل ضرب المدن" الإسرائيلية، وجاء ذلك ردًّا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان صرّح قبل بضع دقائق: "لا نزال في وسط الحملة" على الجهاد الإسلامي.
من جهته، قال متحدث باسم الأمم المتحدة، إن الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش "قلق جدًا" ويودّ التأكّد "من عدم حصول تصعيد" إضافي، فيما أدانت ألمانيا بـ"شدة" الهجمات الصاروخية الفلسطينية التي وصفتها بـ"العشوائية".
ومنذ إطلاق أول الصواريخ بعيد ظهر الأربعاء، دوت صفارات الإنذار في المناطق الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة وصولًا إلى بئر السبع شرقًا وتل أبيب شمالًا. وقبل إطلاق الدفعة الأخيرة من الصواريخ، تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت عن "أكثر من 400" صاروخ أطلِقَت من غزة على إسرائيل، اعتُرض عدد كبير منها.
وقال نتنياهو إنه "لم يُصَب أي مدني إسرائيلي حتى الآن"، داعيًا سكان المناطق المتاخمة لغزة إلى ملازمة الملاجئ، علمًا بأن بعض الصواريخ أحدث أضرارًا مادية.
في وقت سابق، تجددت الغارات الإسرائيلية على القطاع حيث تقول تل أبيب إنها تستهدف أهداف عدة خصوصًا لحركة الجهاد الإسلامي، رغم تصريحات مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين عن جهود تبذلها القاهرة توصلًا إلى اتفاق لوقف النار بين الجانبين.
"ثأر الأحرار"
والأربعاء، أكدت بيانات متلاحقة لوزارة الصحة في غزة استشهاد 22 شخصًا في قصف جوي إسرائيلي على القطاع، بينهم خمسة أطفال إضافة إلى ما لا يقل عن 50 إصابة، فيما كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يؤكد أنه "يقصف البنية التحتية لإطلاق الصواريخ لمنظمة الجهاد الإسلامي" في غزة، مشيرًا إلى أن الضربات تستهدف مواقع في "الأجزاء الشمالية والجنوبية" من القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان منفصل إنه "استهدف أكثر من 40 قاذفة صواريخ وقذيفة هاون تابعة لحركة الجهاد الإسلامي"، مؤكدًا مواصلته "العمل لحفظ أمن المدنيين الإسرائيليين".
وأعلنت وزارة الصحة في غزة استشهاد سبعة أشخاص في الغارات الجوية الأربعاء، ليضافوا إلى 15 فلسطينيًا قضوا الثلاثاء في قصف إسرائيلي أدى لاستشهاد ثلاثة قادة عسكريين في حركة الجهاد. وبحسب الجيش الإسرائيلي، طال القصف أشخاصًا "كانوا في طريقهم إلى موقع إطلاق صواريخ في مدينة خانيونس" جنوب غزة، حسب زعمه.
وكانت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، قد أطلقت على العملية اسم "ثأر الأحرار"، مؤكدة أنها "رد على جريمة اغتيال قادة سرايا القدس" الثلاثاء.
اسم ظهر سنة 2018.. تعرفوا إلى الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية #فلسطين pic.twitter.com/7C1t5Koy1H
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 11, 2023
مساع مصرية للتهدئة
من جانبه، قال عبد اللطيف القانوع المتحدث باسم حركة حماس، إن الضربات "جزء من عملية الرد على المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني". وأشار طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية إلى وجود اتصالات من أجل التهدئة.
وقال النونو: "تلقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اتصالات من الأخوة في مصر وقطر والأمم المتحدة بحث خلالها العدوان على قطاع غزة خلال الساعات الأخيرة وسبل التعامل معه".
من جهته، أكد مصدر مصري لوكالة "فرانس برس" "إجراء اتصالات عدة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي". وقال: "دعت مصر إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين بشكل فوري".
وأكد مصدران متطابقان في الجهاد الإسلامي وحماس لفرانس برس أن مصر أجرت اتصالات "مكثفة ومثمنة" مع الحركتين "وأبلغتنا أنها أجرت اتصالات مع الجانب الإسرائيلي وطلبت وقفًا فوريًا لإطلاق النار والعودة للهدوء. وحتى الآن لا يوجد اتفاق للتهدئة".
الموقف الأميركي
من جانبه، صرح مسؤول إسرائيلي للوكالة نفسها مفضلًا عدم كشف هويته بأن جهودًا مصرية تبذل توصلًا إلى اتفاق لوقف النار، مضيفًا: "سنجري تقييمًا للأوضاع بناء على الأفعال على أرض الواقع وليس على البيانات".
من جهته، وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين قال في تصريحات متلفزة: "تواصلت معنا مصر بخصوص التهدئة، هذا يأتي من جانب الجهاد الإسلامي، أعتقد أن السبب الذي يدفع الجهاد الى توسُّل التهدئة واضح"، حسب قوله.
وفي اتصال مع نظيره الإسرائيلي تساحي هنغبي، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان ضرورة وقف التصعيد ومنع مزيد من الخسائر في الأرواح، وأشار إلى جهود الوساطة المصرية في تأمين وقف للنار، حسب بيان للبيت الأبيض.
يأتي ذلك بعدما شهد الأسبوع الماضي، جولة قصف بعد استشهاد القيادي في حركة الجهاد خضر عدنان (45 عامًا) في سجن إسرائيلي نتيجة إضراب عن الطعام استمر نحو ثلاثة أشهر، واستهداف إسرائيل للقطاع ما أدى إلى استشهاد فلسطيني وجرح 3 آخرون، بالمقابل سقط ثلاثة جرحى إسرائيليين.