الخميس 21 نوفمبر / November 2024

إشارة مرور ومباراتان محتدمتان.. من مخترع البطاقات الصفراء والحمراء؟

إشارة مرور ومباراتان محتدمتان.. من مخترع البطاقات الصفراء والحمراء؟

شارك القصة

ظهرت البطاقات الصفراء والحمراء في كأس العالم عام 1970 في المكسيك لأول مرة
ظهرت البطاقات الصفراء والحمراء في كأس العالم عام 1970 في المكسيك لأول مرة - غيتي
ظهرت لأول مرة قبل 35 عامًا، فكيف نشأت فكرة البطاقات الصفراء والحمراء التي يخشاها جميع لاعبي كرة القدم؟

تشكّل البطاقات الصفراء والحمراء هاجسًا للاعبين في مباريات كرة القدم. وبينما يوجّهها الحكّام للاعبين المخالفين بهدف فرض النظام على اللعبة، باتت تُستخدم بين عامّة الناس كاستعارات عند الكلام عن الطرد والإنذار.

فمتى نشأت فكرة هذه البطاقات؟ وما الأسباب التي كانت وراء تبلورها؟

وفقًا لموقع نادي "تيبورون" الرياضي، فإنه قبل 35 عامًا، ابتكر البريطاني الراحل كينيث جورج أستون هذه الفكرة، وهو الذي قدّم مساهمات لا تقدّر بثمن في كرة القدم وفن التحكيم على وجه الخصوص.

وكانت الرياضة جزءًا مهمًا من المناهج الدراسية في بريطانيا، وكان الأساتذة غالبًا ما يتولون دور الحكم في المباريات، ومن بينهم أستون الذي كان قد بلغ العشرين من عمره عندما طُلب منه تولي التحكيم في مباراة كرة قدم في إسيكس عام 1935.

قدّم أستون مساهمات لا تقدّر بثمن في كرة القدم وفن التحكيم على وجه الخصوص
قدّم أستون مساهمات لا تقدّر بثمن في كرة القدم وفن التحكيم على وجه الخصوص- غيتي

ويبدو أن أستون استمتع بهذه المهمة، ليتأهل ليكون حكمًا رسميًا عام 1936، نظرًا لكفاءته العالية في إدارة المباريات. حتى إن صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، في نعيها له قالت إنه "بحلول الستينيات من القرن الماضي، شقّ أستون طريقه في سلم الحكام في كرة القدم، وكان بلا شك أحد كبار المسؤولين في هذا المنصب بالبلاد. ونادرًا ما يُطرح أي جدل على عمله وقراراته".

"معركة سانتياغو"

لكن هذا المسار تغيّر بشكل كبير في كأس العالم 1962 في تشيلي، حين اختير أستون لإدارة المباراة الافتتاحية بين تشيلي المضيفة، وسويسرا والتي انتهت بنتيجة 3-1 لصالح تشيلي.

ونظرًا لنجاح أستون في مهمته، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تسمية أستون ليكون الحكم الأصلي للمباراة النهائية بين تشيلي وإيطاليا في نهائيات كأس العالم عام 1962، بعد أن وجدته شخصية من ذوي الخبرة والموثوقية.

إلا أن أستون لم يكن مسرورًا بقرار "فيفا"، نظرًا لأن الاستعدادات للمباراة كانت تدل على أن المباراة لن تكون عادية.

آنذاك، زعمت الصحف التشيلية أن الصحافيين الإيطاليين كتبوا مقالات تشكّك بأخلاق المرأة التشيلية وجمالها، الأمر الذي جعل المباراة عرضة للشحن العاطفي، لناحية الشرف، بحيث باتت كرة القدم قضية ثانوية في ما سُمّي لاحقًا بـ"معركة سانتياغو" سيئة السمعة.

اضطر استون لتفريق عدد من المشاجرات والمعارك في المباراة النهائية بين تشيلي وإيطاليا في نهائيات مونديال 1962
اضطر استون لتفريق عدد من المشاجرات والمعارك في المباراة النهائية بين تشيلي وإيطاليا في نهائيات مونديال 1962- غيتي

وفي تعليقة خلال السنوات اللاحقة على هذه المباراة، قال أستون: "لم تكن مباراة كرة قدم، إذ كنت أقوم بدور الحكم في مناورات عسكرية".

وأكدت طبيعة المباراة في سانتياغو مخاوف الجميع، حيث اضطرت الشرطة المسلحة دخول الملعب ثلاث مرات لمساعدة الحكم على استعادة النظام. وطرد أستون لاعبين إيطاليين، واضطر إلى تفريق عدد من المشاجرات والمعارك على أرض الملعب. وفي النهاية، فازت الدولة المضيفة بنتيجة 2-0.

عام 1963، أدار أستون نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي، وتقاعد بعد ذلك من التحكيم.

لحظات حاسمة مرة أخرى

بعد ثلاث سنوات على تقاعده، دعت "فيفا" أستون للانضمام إلى لجنة الحكام التي ترأسها من 1970 إلى 1972.

ومرة أخرى، وجد نفسه في واحدة من أكثر اللحظات إثارة للجدل في تاريخ كأس العالم. فخلال عام 1966، التقت إنكلترا، الدولة المضيفة للمونديال، بالأرجنتين في ربع النهائي في ويمبلي؛ وكان على أستون، الذي كان مسؤولًا عن التحكيم في البطولة، أن يستخدم قدراته في تهدئة كابتن منتخب الأرجنتين أنطونيو راتين بعد طرده، والمحافظة على استمرار المباراة.

طرد كابتن منتخب الأرجنتين أنطونيو راتين في ربع نهائي مونديال 1966
طرد كابتن منتخب الأرجنتين أنطونيو راتين في ربع نهائي مونديال 1966- غيتي

اكتسبت اللعبة المثيرة للجدل أهمية أكبر عندما زعمت تقارير صحفية عن المباريات أن الحكم رودولف كريليتين قد حجز كلا من اللاعبين البريطانيين الشقيقين بوبي وجاك تشارلتون. ولم يشر الحكم إلى ذلك علنًا، بينما طلب مدرب إنكلترا ألف رامزي من "فيفا" توضيح الأمر.

أول بطولة ببطاقات

بعد المباراة، بدأ أستون يفكّر في طرق لتجنّب مثل هذه المشكلات في المستقبل.

وقال: "بينما كنت أقود سيارتي في شارع كينغستون، تحوّلت إشارة المرور عند أحد التقاطعات إلى اللون الأحمر. وخطرت ببالي فكرة، الأصفر: خذ الأمور ببساطة، والأحمر: توقّف".

وركّز أستون على اللونين الأصفر والأحمر، معتبرًا أنه "إذا استخدم هذين اللونين في ملعب كرة القدم، فسوف تتغلّب هذه البطاقات على أي حواجز لغوية، وستشير البطاقة للاعبين إلى التحذير أو الطرد".

وبالفعل، ظهرت البطاقات الصفراء والحمراء في كأس العالم عام 1970 في المكسيك؛ ومنذ ذلك الحين أصبحت جزءًا لا يتجزأ من اللعبة، إلا أنه قبل ذلك كان يحصل الطرد والإنذار بطريقة شفهية.

وكان بلاسيدو جاليندو من البيرو، أول لاعب يُطرد شفهيًا في بطولة عام 1930 بين البيرو ورومانيا. إلا أن كارلوس كاسيلي من منتخب التشيلي، كان أول لاعب يُمنح بطاقة حمراء، بعد ابتكارها، وذلك خلال مباراة بلاده ضد ألمانيا الغربية في بطولة كأس العالم 1974.

في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2001، توفي أستون عن عمر يناهز 86 عامًا. ولكن "باختراعه"، تأكد من تحديد اللاعبين المنتهكين للقواعد ومعاقبتهم أمام الجميع.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
تغطية خاصة