إغلاق بنك "سيليكون فالي".. ما تأثيرات هذه الخطوة على الاقتصاد العالمي؟
أعلنت السلطات الأميركية إغلاق مصرف "سيليكون فالي" المقرّب من القطاعات التكنولوجية التي وجدت نفسها في حالة تعثّر مالي.
هذا المصرف الذي يحتل المرتبة 16 بين أكبر بنوك الولايات المتحدة، طالب بسيولة إضافية لمواجهة خسائره التي بلغت نحو مليار و800 مليون دولار.
ضربة قوية
ومنعًا لاتساع رقعة الضرر، تولت مؤسسة التأمين على الودائع الأميركية السيطرة على حسابات البنك لضمان عدم تبخّر السيولة التي وضعتها المؤسسات الاستثمارية والأفراد.
وتلقت أسواق المال الغربية ضربة قوية بإغلاق المصرف، وهي التي لم تكد تتنفس الصعداء بعد عام عانت فيه كثيرًا نتيجة الحرب في أوكرانيا، كما هوت أسهم معظم البنوك الأميركية، إضافة إلى أسهم بنوك أوروبية كبرى في ألمانيا وسويسرا وفرنسا.
وطالت تداعيات الأزمة البورصات الأميركية والغربية التي غرقت في موجة بيع واسعة النطاق. فانهيار بنك "وادي السيليكون" ذكّر العالم بعام 2008، حيث انهار بنك "ليمان برازرز" الأميركي في ذروة أزمة الرهن العقاري.
إفلاس ذلك البنك أدى إلى موجة تعثر طالت القطاع المالي الغربي، والاقتصاد العالمي برمّته، وهذا ما باتت الأسواق تخشاه اليوم.
وضع مؤقت
في هذا السياق، يرى أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة الأميركية بواشنطن غريغوري أفتانديليان أن "ظروفًا دقيقة أدت لانهيار هذا المصرف الأميركي، وتحديدًا اعتماده على شركات التقنية العالية".
ويشير أفتانديليان، في حديث إلى "العربي" من واشنطن إلى أن "هذا القطاع التكنولوجي تعرض لأزمات كبيرة خلال الأشهر الأخيرة؛ ما دفع الكثير من المساهمين إلى سحب أموالهم من المصرف".
ويوضح الخبير الأميركي، أن "هذا الوضع الصعب دفع المصرف إلى الاستثمار في سندات مالية طويلة الأجل، ما زاد من قيمة خسائره، وخلق حالة من الذعر بين المودعين والمستثمرين".
وعن المخاوف من انتقال الأزمة إلى مصارف أخرى، يؤكد أن "هذا الوضع مؤقت، وسيعود الوضع إلى حاله بعد فترة زمنية قصيرة".
محاولات إصلاح الوضع
من جهته، يعتبر الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل أن "أزمة هذا المصرف بدأت عندما ربط 91 مليار دولار من الودائع بسندات طويلة الأمد وقروض عقارية، ظنًا منه أنها أدوات استثمارية آمنة".
ويشير إسماعيل في حديث إلى "العربي" من لندن إلى أن "هذه السياسة من المصرف كبدته خسائر بــ15 مليار دولار، وعند محاولته إصلاح الوضع تكبد خسائر إضافية بـ1.8 مليار دولار".
ويقول: "هذا الواقع أفقد الثقة بالنظام الداخلي لهذا المصرف، خصوصًا بعد طروحاته التي عمّقت الأزمة".
ويضيف: "رغم تأثير قرار السلطات الأميركية الأخير حول زيادة نسبة الفائدة، إلا أنه ليس السبب الوحيد في التعثر المالي لمصرف وادي السيليكون".
تأثير على القطاع التكنولوجي
بدوره، يعتبر أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية جاسم عجاقة أن "أزمة مصرف وادي السيليكون تراكمية وآنية في الوقت عينه".
وإذ يشير إلى أنها آنية نظرًا للوضع الاقتصادي الصعب في الولايات المتحدة، يلفت إلى أنها تراكمية لأن "هناك تعقيدات كبيرة في هذا البنك لناحية التمويل والقروض".
ويقول عجاقة في حديث إلى "العربي" من بيروت: "لم يكن ممكنًا تفادي هذا الأمر في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع التضخم".
ويتابع قائلًا: "لا أعتقد أن من مصلحة السلطات الأميركية ترك هذا البنك ليذوب أو ليتم تصفيته، بل سيتم مساعدته بشكل معيّن لكي لا يكون لذلك تداعيات على القطاع التكنولوجي".