مع كل تغيير يطرأ على وسائل التواصل الاجتماعي، يعرب مستخدمون عن إصرارهم على إلغاء حساباتهم. وآخر هذه الموجات، كانت مع إعلان شركة "تويتر" قبول العرض الذي قدّمه الملياردير الأميركي إيلون ماسك لشراء المنصّة.
وقبلها، أعرب مستخدمون عن رغبتهم في التوقّف عن استخدام "إنستغرام" و"فيسبوك"، لكن قلّة منهم يقدمون على هذه الخطوة.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مركز "بيو" للأبحاث أن حوالي 70% من الأميركيين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي عام 2021، أي بمستوى ثابت خلال السنوات الخمس الماضية.
وذكرت شركة "ميتا" (فيسبوك سابقًا) في فبراير/ شباط الماضي، أن عدد المستخدمين النشطين يوميًا على "فيسبوك" انخفض للمرة الأولى منذ عقد على الأقل، إلا أنها الأسبوع الماضي ذكرت أن عددهم عاد للنمو من جديد.
وأشارت الصحيفة إلى أن اشتياق المستخدمين لجرعة هرمون "الدوبامين" الذي تفرزه أجسادهم بسبب نقرات الإعجاب على منشوراتهم، تدفعهم إلى العودة لاستخدام المنصات.
التأثير على الإنتاجية
وأشار خبراء إلى أن الاستخدام المفرط لهذه المنصات، والدخول في تفاصيل الحياة اليومية للآخرين تترك آثارها على المستخدم، من ناحية نظرته إلى جسده أو الحرمان من النوم والتوتر بالإضافة إلى التأثير على الإنتاجية.
وقالت المشرفة على موقع "توك سبايس" (Talkspace) المخصص للعلاج والاستشارة النفسية مايت روزنبلات، للصحيفة: "هذه المشاعر تدفع الناس إلى التفكير بالوقت الذي يودون إمضاءه في استخدام منصات التواصل الاجتماعي".
وقال العديد من الأشخاص الذين غادروا "تويتر" و"فيسبوك" و"انستغرام" إنهم أكثر سعادة بسبب ذلك، لكنهم أدركوا أيضًا أنهم يفتقدون بعض الأشياء.
وأوضحت كيمبرلي كاتيتي: "عندما تركت تويتر لأول مرة في أبريل/ نيسان 2021، شعرت برغبة لا إرادية في العودة. لكنني تجاوزت ذلك في غضون أسبوع. لم تعد لدي الرغبة في العدة ورؤية ما يحصل في العالم".
لدى إعلانه عن شراء "تويتر"، أعلن ماسك أنها أصبحت "ساحة للواقعية" التي تعلن فيها الأخبار، فعلى الرغم أن هذه الوسائل صُمّمت لكي يتمكن الأصدقاء من التواصل في ما بينهم، إلا أنها تحوّلت إلى أداة لترويج الأخبار والأجندات السياسية.
وقال كريستوفر بريتون، الذي توقّف عن استخدام منصات التواصل، للصحيفة: "بدأت باستخدام تويتر عام 2008، لأنه كان طريقًا جديدًا للتواصل"، مضيفًا: "حينها كنت أخشى ألا ألحق بالركب".
عام 2011، ألغى حسابه على "تويتر"، وبدأ باستخدام تطبيقات مثل "ريديت" و"آبل نيوز" للاطلاع على آخر المستجدات.
وأكد أنه يستخدم الرسائل النصية القصيرة كي يبقي تواصله مفتوحًا مع معارفه.
بين الحياة الافتراضية والواقعية
قد يبادر المستخدمون إلى استخدام أساليب هجومية للنقاش في المواضيع السياسية أو الاجتماعية عبر منصات التواصل، وقد تختلف طرق التواصل عما يبدر منهم في الحياة الواقعية.
وفي هذا الإطار، قال المحلل جي جي غارسيا للصحيفة: "يبدو جيرانك أقل ميلًا للتحدث عن هذه الأشياء. ويمكنك التعايش معهم بشكل أفضل عندما لا ترى جميع آرائهم عبر الإنترنت".
ألغت كريستين ووماك، التي كانت تستخدم فيسبوك وإنستغرام بكثافة وتدير مجموعات بين الأصدقاء، حسابها على "فيسبوك" عام 2016، و"إنستغرام" عام 2020. لكن أحدًا لم يلحظ غيابها.
وأضافت: "لم يقل لي أحد: لا أراك عبر فيسبوك وإنستغرام، اشتقت إليك"، قائلة: "إن غادرت الحفلة، فلن يشتاق إليك أحد".
أما التنبيهات التي تذكّر بأعياد ميلاد الآخرين، والتي قد يحبّذها البعض، قد يكون لغيابها نتائج إيجابية أيضًا. وقالت المستخدمة السابقة فيرلين كامبل للصحيفة إنه لم يعد يتوجب عليها أن ترد على حوالي 300 شخص في عيد ميلادها.
وأضافت: "أشعر أن تواصلي الآن نابع من القلب، ففي عيد ميلادي أتلقى التهنئة من حوالي 20 شخص، وأشعر بالرضا لذلك".
ويمنحك التخلي عن وسائل التواصل الاجتماعي بعض الوقت لتنفيذ مهامك. وفي هذا الإطار، أشارت المستخدمة السابقة ليندزي سيتزمان، التي ألغت حسابها على "إنستغرام" عام 2020، للصحيفة إلى أنها "لم تكن تتمكن من التركيز على مهامها بسبب تلك المنصات".
وقالت: "فوجئتُ بمعرفة مقدار الوقت الذي كنت أهدره. الآن، في تلك الأوقات الفاصلة عندما يكون لدي بضع دقائق، أقرأ الكتب، وأشارك في الجلسات العائلية، أو سأطبخ من دون الإمساك بهاتفي".
وأوضح الفنان الرقمي أوليفر موراي، الذي ترك إنستغرام عام 2019 أنه فاض به الكيل من التعليقات السطحية. وقال: "اليوم أشارك أعمالي عبر تمبلر وتويتر".
وأضاف: "سأعود إلى استخدام إنستغرام فقط، إن قام ماسك بتدمير تويتر".