حظيت الملكة إليزابيث الثانية بمسيرة حافلة بعدما اعتلت العرش البريطاني لفترة طويلة عايشت خلالها أحداثًا مختلفة وشهدت محطات تاريخية.
فملكة بريطانيا، هي أطول الملوك حكمًا في تاريخ المملكة المتحدة، وهي احتفلت بمرور 70 عامًا على توليها العرش في يونيو/ حزيران 2022.
ومع احتفالها باليوبيل البلاتيني لتوليها الحكم، تجاوزت إليزابيث الثانية فترة الحكم الطويلة لملك تايلاند السابق بوميبول أدولياديج، الذي حكم من عام 1946 حتى وفاته عام 2016، وأصبحت ثاني أطول الملوك حكمًا في التاريخ.
من هي الملكة اليزابيث الثانية؟
صعدت إليزابيث الشابة إلى عرش بريطانيا وأكثر من عشر دول تابعة للعرش البريطاني من بينها كندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، عندما توفي والدها الملك جورج السادس يوم 6 فبراير/ شباط 1952 بسرطان في الرئة عن عمر 56 عامًا، بينما كانت ابنة الـ 25 عامًا في زيارة إلى كينيا ضمن جولة خارجية.
وفي 2 يونيو/ حزيران 1953، تُوجت إليزابيث الثانية بحفل رسمي مهيب، وحاولت منذ ذلك اليوم جعل عهدها أكثر حداثة وقربًا للجمهور المتغير، مع الحفاظ على التقاليد المرتبطة بالتاج.
ولأول مرة على الإطلاق، تم بث حفل التتويج على شاشة التلفزيون، مما سمح للناس من جميع أنحاء العالم بمشاهدة هذا الحدث المميز.
قدّر لها أن تكون ملكة
وولدت الأميرة إليزابيث ألكسندرا ماري في 21 أبريل/ نيسان 1926 في لندن، للأمير ألبرت دوق يورك (المعروف لاحقًا باسم الملك جورج السادس) وإليزابيث باوز ليون.
ووقت ولادتها، لم يدرك الناس أن إليزابيث ستصبح يومًا ما ملكة بريطانيا العظمى، حيث استمتعت إليزابيث الملقبة بـ "ليليبت"، بالعقد الأول من حياتها بكل الامتيازات الملكية من دون أن تستعد لتكون وريثة العرش البريطاني.
فإليزابيث لم يكن من المقرر أن تصبح ملكة عندما ولدت، إلا أن هذا المسار كان قدرها، عندما تنازل عمها إدوارد الثامن عن العرش بعد أن وقع في حب المطلقة الأميركية واليس سيمبسون، لتؤدي هذه "الفضيحة"، كما صُنّفت وقتها، إلى تولي شقيقه الأصغر، والد إليزابيث، جورج السادس الحكم.
طفولة إليزابيث الثانية
وفي سنوات حياتها الأولى، قسّم والد ووالدة إليزابيث وقتهما بين منزلهما في لندن ومنزل العائلة الواقع في حديقة وندسور غريت بارك. وتم تعليم إليزابيث وشقيقتها الصغرى مارغريت في المنزل على يد مدرسين. وشملت الدورات الأكاديمية الفرنسية والرياضيات والتاريخ، إلى جانب دروس الرقص والغناء والفنون بحسب موقع "بيوغرافي".
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، بقيت إليزابيث وشقيقتها معظم الوقت خارج لندن، إذ تم نقلهما إلى قلعة وندسور.
من هناك قامت بأولى إطلالاتها الإذاعية الشهيرة عام 1940، في خطاب شهير خصصته لطمأنة أطفال بريطانيا الذين تم إجلاؤهم من منازلهم وعائلاتهم.
حينها، أظهرت الأميرة البالغة من العمر 14 عامًا، أولى ملامح شخصيتها الهادئة والثابتة، وقالت لهم: "في النهاية سيكون كل شيء على ما يرام، لأن الله سيهتم بنا ويعطينا النصر والسلام".
وسرعان ما بدأت إليزابيث في تولي واجبات عامة أخرى. وعيّنها والدها عقيدًا لقائد حرس غرينادير، وكان أول ظهور علني لها خلال تفقد القوات البريطانية عام 1942. وبدأت أيضًا في مرافقة والديها في زيارات رسمية داخل بريطانيا.
عام 1945، انضمت إليزابيث إلى الخدمة العسكرية الإقليمية للمساعدة في المجهود الحربي، حيث تدربت جنبًا إلى جنب مع نساء بريطانيات أخريات لتصبح سائقة وميكانيكية خبيرة.
وبينما استمر عملها التطوعي بضعة أشهر فقط، قدمت الأميرة تجربة خارج "البرتوكول" الملكي، إذ سُمح لها ولمارغريت بالاختلاط من دون الكشف عن هويتيهما بين المواطنين في يوم النصر في أوروبا.
حياتها الزوجية
تزوجت إليزابيث من قريبها البعيد فيليب مونتباتن في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947، في وستمنستر آبي بلندن.
أما قصة حبهما فبدأت قبيل الحرب العالمية الثانية، حين التقى الراحل الأمير فيليب والأميرة إليزابيث في "دارتموث" خلال زيارة العائلة الملكية؛ حيث طلب خاله اللورد مونتباتن من فيليب أن يلعب دور مرافق الملكة ليريها المكان، وقيل: إن إليزابيث "وقعت في حبه" آنذاك، عندما كانت تبلغ من العمر 13 عامًا.
فشكلا معًا ثنائيًا غير عادي، فقد كانت إليزابيث هادئة ومتحفظة بينما كان فيليب صاخبًا وصريحًا. لذلك كان والدها، الملك جورج السادس، مترددًا بشأن ارتباطهما، ولا سيما أن مونتباتن كانت تربطه علاقات بالعائلات المالكة الدنماركية واليونانية، إلا أنه لم يكن يمتلك ثروة كبيرة وكان يعتبره البعض شخصية قاسية.
وفي وقت زفافهما، كانت بريطانيا لا تزال تتعافى من ويلات الحرب العالمية الثانية.
وبعد سنوات من الزواج قررت أسرة إليزابيث اعتماد كنية وندسور، وهي خطوة شجعتها عليها والدتها ورئيس الوزراء البريطاني آنذاك ونستون تشرشل ما تسبب في توتر مع زوجها.
وعام 1960، قررت الملكة تصحيح المسار، وأصدرت أوامر بأن أحفادها الذين لم يحملوا ألقابًا ملكية أو يحتاجوا إلى أسماء العائلة لأغراض قانونية مثل حفلات الزفاف، لكنّهم سيستخدمون لقب مونتباتن وندسور.
وتوفي فيليب في 9 أبريل/ نيسان 2021 عن عمر ناهز 99 عامًا.
أولاد الملكة إليزابيث الثانية
ولد بكر الملكة إليزابيث الثانية ووريث العرش البريطاني، تشارلز، عام 1948، بعد عام من زواجها الأمير فيليب، قبل أن يرزقا بابنتهما آن عام 1950.
بعد ذلك، أنجبت إليزابيث طفلين آخرين هما أندرو وإدوارد، في عامي 1960 و1964 على التوالي.
وفي عام 1969، عينت الملكة، تشارلز رسميًا خليفة لها من خلال منحه لقب أمير ويلز.
في عام 1981، تزوج تشارلز البالغ من العمر 32 عامًا حينها، من زوجته الأولى ديانا سبنسر التي كانت تبلغ من العمر 19 عامًا.
وأنجب تشارلز وديانا حفيد إليزابيث الأمير ويليام عام 1982، الذي يحتل المرتبة الثانية لخلافة العرش، ثم الأمير هاري عام 1984.
حكم الملكة إليزابيث الثانية
تميز عهد الملكة إليزابيث الطويل والسلمي بشكل أساسي بتغييرات واسعة في حياة شعبها، ووفق الدستور البريطاني لا يحق للملك التدخل في الشؤون السياسية، أو الكشف عن الآراء السياسية.
ومع ذلك، كان مطلوبًا من الملكة التشاور بانتظام مع رؤساء وزرائها.
وشهد عهد الملكة إليزابيث الثانية لحظات محورية لا حصر لها في تاريخ بريطانيا، فقد خدم باسمها 15 رئيس وزراء بريطاني آخرهم ليز تراس التي عينتها يوم الثلاثاء الفائت، رئيسة للوزراء خلال اجتماع في قلعة بالمورال بأسكتلندا.
كذلك، عاصرت إليزابيث الثانية أعدادًا تكاد لا تحصى من الرؤساء والملوك والحروب والنزاعات في العالم، وأصبحت أول ملكة بريطانية تطأ قدمها روسيا عام 1994.
وعلى سبيل المثال، التقت إليزابيث أيضًا بحوالي ربع رؤساء الولايات المتحدة، وآخرهم كان جو بايدن.
هوايات الملكة إليزابيث الثانية
عرف عن الملكة حبها للحيوانات الأليفة وخصوصًا الكلاب.
فقد أحاطت الملكة نفسها بالكلاب حيث عرفت على وجه الخصوص بحبها للكلاب من نوع الكورغي التي امتلكت منها أكثر من 30 كلبًا منذ أن أصبحت ملكة.
ووفق برنامج "سيداتي سادتي" عبر "العربي"، أطلقت الملكة أسماء غريبة على كلابها منها: إيما، ونوبل، وكاندي، وشوغر، وفوكسي، وويسكي، وبركان.
كذلك تُعرف إليزابيث أيضًا بعشقها للخيول، الذين أشرفت شخصيًا على تربيتها وحضرت أحداث السباق لسنوات عديدة.
إلى جانب ذلك، يعرف أن ملكة بريطانيا تحب "التسلية الهادئة"، أي إنها تستمتع بالقراءة، وحل الألغاز المتقاطعة، كما مشاهدة المصارعة على شاشة التلفزيون.