ابتُكر قبل عقود.. مضاد حيوي يتحوّل لدواء للأمراض المنقولة جنسيًا
يُرتقب أن تصدر الولايات المتحدة قريبًا توصية بإضافة علاج جديد إلى العلاجات المستخدمة ضد الأمراض المنقولة جنسيًا، يتمثل بمضاد حيوي ابتُكر قبل عقود وجرى تحويله إلى حبة وقائية.
وخلال تجارب سريرية، تبيّن أنّ الدوكسيسيكلين، وعند تناوله بعد ممارسة الجنس من دون وقاية، يقلّص بشكل كبير خطر الإصابة بثلاثة أمراض هي الكلاميديا والسيلان وداء الزهري.
استخدام الدوكسيسيكلين
ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، وهي أبرز وكالة صحة فدرالية أميركية، مولجة اتخاذ قرار في شأن توصيات جديدة مرتبطة باستخدام الدوكسيسيكلين، وعليها الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى احتواء الأمراض التي تصيب ملايين الأميركيين ولكن أيضًا احتمال أن تزداد مقاومة المرضى للمضادات الحيوية.
وفي السياق، اعتبر جوناثان ميرمين، وهو مسؤول في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أنّ "الابتكار والإبداع مهمان في مجال الصحة العامة، ونحن بحاجة ماسة إلى أدوات جديدة".
وقد لا تُعنى بالتوصيات التي من المتوقّع نشرها هذا الصيف، سوى الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بهذه الأمراض التي تُنقل جنسيًا، أي الرجال المثليون والنساء المتحولات جنسيًا الذين أُصيبوا سابقًا بأحد الأمراض.
ولكن مع انتشار الأنباء المرتبطة بالتوصية، بدأ بعض الأطباء يصفون الدوكسيسيكلين لمرضاهم.
وتتزايد الإصابات بالأمراض المنقولة جنسيًا الثلاثة منذ عقد، ووصلت إلى 2,5 مليون حالة عام 2021 في الولايات المتحدة.
عمليًا، كلما زاد عدد الإصابات زاد انتشار المرض، بالإضافة إلى أنّ استخدام الواقي الذكري تقلّص منذ ابتكار "بريب"، وهو دواء يؤخَذ كإجراء وقائي لتجنب الإصابة بمرض الإيدز.
وبما أنّ المرضى الذين يتناولون "بريب" عليهم إجراء فحوصات كل ثلاثة أشهر، تُسجَّل تاليًا إصابات أكثر.
فعالية الدوكسيسيكلين
وبالمقابل، أظهر الدوكسيسيكلين فعالية في ثلاث من أصل أربع تجارب سريرية أجريت، وأُجري هذا الاختبار على 500 رجل يمارسون الجنس مع رجال ونساء متحولين جنسيًا.
وكانت فعالية الدواء أعلى ضد الكلاميديا وداء الزهري (أقل بـ80% من الإصابات) من السيلان (أقل بـ55% من الإصابات). أما الآثار الجانبية فكانت محدودة.
لكنّ توسيع نطاق استخدام الدوكسيسيكلين أثار مخاوف عدة، كاحتمال أن يظهر مُتناولوه مقاومة ضد المضادات الحيوية وبخاصة المصابين بمرض السيلان الذي تتحوّر البكتيريا الخاصة به سريعًا، إلا أنّ التحليلات الأولية أتت مطمئنة.
وخلال التجربة السريرية الأميركية، قارن الباحثون عينات من هذه البكتيريا أخذت من إصابات سُجلت حتى مع تناول الدوكسيسيكلين، مع عينات من مجموعة لم تأخذ العلاج.
وبطبيعة الحال، أتى معدل البكتيريا المقاومة أعلى لدى المجموعة التي تلقت العلاج، لكن ذلك قد يعني ببساطة أن المضاد الحيوي أقل فعالية ضد هذه السلالة المقاومة، لا أنّه تسبب بها، بحسب كوني سيلوم، إحدى المسؤولات عن هذه التجارب.
وبما أنّ الدوكسيسيكلين يقلّل من عدد الإصابات بمقدار النصف، يتعيّن إذًا معالجة نصف المرضى بالمضادات الحيوية التي توصف بالعادة للمصابين بالسيلان (سيفترياكسون).
وينبغي إجراء مزيد من الدراسات لفهم أثر الدوكسيسيكلين على بكتيريا أخرى تطال الأنف مثلًا أو الأمعاء.