أقرّ الكنيست الإسرائيلي اليوم الإثنين مشروع القانون الذي أثار جدلًا كبيرًا منذ أن اقترحته حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتقييد بعض صلاحيات المحكمة العليا.
ولفت رئيس الكنيست إلى أن مشروع القانون أقرّ بموافقة 64 صوتًا دون وجود أي أصوات معارضة، وذلك بعدما غادر نواب المعارضة الجلسة احتجاجًا على القرار.
احتجاجات مناهضة
وأقرّ القانون فيما تواصلت الاحتجاجات المناهضة للتعديلات في أنحاء إسرائيل. واستخدمت الشرطة خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين المعارضين لحملة ائتلاف نتنياهو القومي الديني، واقتاد الضباط بعيدًا متظاهرين قيدوا أنفسهم بالسلاسل وأغلقوا الطريق أمام البرلمان.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية توقيف 19 متظاهرًا في القدس الغربية خلال الاحتجاجات التي تركزت في محيط مبنى الكنيست (البرلمان) في القدس الغربية حيث جرت عملية التصويت على مشروع قانون "الحد من المعقولية" وهو واحد من 8 مشاريع قوانين تدفع بها الحكومة.
وقالت الشرطة الإسرائيلية: "تواصل الشرطة العمل مع القوات الكبيرة للحفاظ على النظام العام في الاحتجاجات في عدة مواقع في منطقة الكنيست، وفي مواجهة مثيري الشغب، الذين يقوم بعضهم بأعمال شغب وعصيان أوامر الشرطة".
وقبل دقائق من بدء التصويت، قال زعيم المعارضة يائير لابيد لقنوات تلفزيونية إسرائيلية في الكنيست: "لا يمكنك التوصل إلى اتفاقات تحمي الديمقراطية في إسرائيل مع هذه الحكومة".
ومع انضمام البنوك والشركات إلى الاحتجاج، تصاعد الضغط على نتنياهو الذي غادر المستشفى صباح اليوم بعد إقامة لمدة ليلتين تم خلالهما تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب.
وكانت واشنطن قد حثت نتنياهو على التوصل إلى توافق في الآراء بشأن أي تعديلات قضائية، بينما ضغط شركاؤه المتشددون في الائتلاف للمضي قدمًا في إجراء التعديل على أن تتبعه المزيد من التغييرات القضائية.
أزمة متشعبة
وتشعبت الأزمة وصولًا إلى الجيش، حيث قال قادة الاحتجاج إن الآلاف من متطوعي الاحتياط هددوا بعدم أداء الخدمة إذا مضت الحكومة قدمًا في خططها، وحذر كبار الضباط السابقين من أن جاهزية إسرائيل لخوض الحروب قد تكون في خطر.
وقبيل التصويت، قال لابيد للمشرعين في مناقشة عاصفة "نحن في طريقنا إلى كارثة... إذا تم التصويت لصالح هذا القانون فستضعف دولة إسرائيل وشعب إسرائيل وجيش الدفاع الإسرائيلي".
وسيمثل هذا خطوة أولى ضمن حزمة من التعديلات القانونية التي يخشى منتقدون من أنها تهدف إلى الحد من استقلال القضاء، لكن نتنياهو، الذي يحاكم بتهم فساد ينفيها، يصر على أهميتها من أجل تحقيق التوازن بين سلطات الحكم.
خطوة مهمة
ودافع وزير العدل ياريف ليفين، الذي يقود عملية التعديلات، عن مشروع القانون، الذي سيعدل قانونا يمكّن المحكمة العليا من إبطال القرارات التي تعتبرها "تفتقر للمعقولية".
وقال: "لا يوجد سبب للخوف من هذه التعديلات. هناك أسباب عديدة تجعلك تراها خطوة مهمة باتجاه إعادة التوازن بين دوائر الحكم من حيث احترام اختيار الناخبين".
وكان ائتلاف نتنياهو قد عقد العزم على مقاومة ما يصفه بأنه تجاوز من قبل المحكمة العليا التي يقول إنها أصبحت تتدخل في السياسة بشكل أكثر من اللازم.
#عاجل | مراسل التلفزيون العربي: الكنيست يصادق على قانون التعديلات القضائية للحد من صلاحيات المحكمة العليا بعد انسحاب المعارضة pic.twitter.com/O7n9UCgZUu
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 24, 2023
وأشار مراسل "العربي" في القدس إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن فعل كل شيء لحض الحكومة الإسرائيلية على التراجع عن إقرار التعديل. وقد نشر تصريحات مخصصة باللغة العبرية في موقع محلي إسرائيلي لكن الحكومة تجاهلت هذه التحذيرات.
وبحسب المراسل، فقد رضخت الحكومة لتهديدات داخلية كما تتهمها المعارضة.
ويقول منتقدون: "إن تعديل اليوم الإثنين تم الدفع به بسرعة من خلال البرلمان وسيفتح الباب أمام إساءة استعمال السلطة من خلال إزالة أحد الضوابط الفعالة القليلة على سلطة السلطة التنفيذية في بلد لا يوجد فيه دستور رسمي مكتوب".
تبعات اقتصادية
وأوضح المراسل أن الأنظار تتجه الآن إلى البورصة وقطاع البنوك وتراجع الشيقل بنحو 1% خلال الساعتين الأخيرتين بعدما تأكد أن الأوضاع لا تتجه نحو تسوية.
وقال أكبر بنكين في إسرائيل، وهما "لئومي" و"هبوعليم" إنهما سيسمحان لموظفيهما بالتظاهر اليوم الإثنين دون الخصم من رواتبهم. كما شارك منتدى يضم حوالي 150 من أكبر الشركات الإسرائيلية في الإضراب، وقال اثنان من أكبر مراكز التسوق وهما "وعزرائيلي" و"بيج" إن المتاجر في مراكز التسوق الخاصة بهما ستظل مغلقة.
كما لفت المراسل إلى أن التركيز الآن على الجيش حيث إن ردة فعل طياري الاحتياط غير متوقعة.
وأعلنت الحكومة عن خططها لإدخال تعديلات على النظام القضائي في يناير/ كانون الثاني بعد فترة وجيزة من أدائها اليمين، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات غير مسبوقة في الشوارع وأثار قلق الحلفاء في الخارج بشأن ما يسمى بـ"سلامة الديمقراطية" في إسرائيل وألحق أضرارًا بالاقتصاد.
وأشار مراسل "العربي" في القدس إلى أن الكنيست يبدأ الأسبوع المقبل في عطلة ما يعني توقف التشريعات القانونية حتى الشتاء.
ويعوّل الرئيس الإسرائيلي على إطلاق مفاوضات هذه الفترة للاتفاق على عدد من القضايا، لكن بعضا من في المعارضة يعتبرون أن لا معنى للتفاوض مع حكومة نتنياهو ويدرسون وسائل للضغط عليها.