الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

احتفالات مجنونة رغم الأزمة الاقتصادية.. منتخب الأرجنتين يعيد الفرحة لشعبه

احتفالات مجنونة رغم الأزمة الاقتصادية.. منتخب الأرجنتين يعيد الفرحة لشعبه

شارك القصة

"العربي" يواكب عودة اللقب إلى الأرجنتين بعد سنوات طويلة من الانتظار (الصورة: غيتي)
لا فرحة توازي فرحة الشعب الأرجنتيني باستعادة لقب كأس العالم بعد 36 عامًا من الانتظار في بلاد تحول فيها الملهم "ميسي" إلى أيقونة.

تدفق الملايين من المحتفلين، إلى شوارع العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، فرحًا بالفوز ببطولة كأس العالم قطر 2022، بعد أن غاب منتخبها عن التتويج لمدة 36 عامًا. 

وأعاد الأسطورة ليونيل ميسي ورفاقه، الكأس الذهبية التي غابت عن البلاد منذ أن توج بها سلفه الراحل دييغو مارادونا، الذي كان قد حقق اللقب الثاني للأرجنتين عام 1986 في المكسيك. 

من جحيم "الفقر"

وعاش الأرجنتينيون لحظات مثيرة وعصبية قبل التتويج، حيث تابعوا عبر الشاشات العملاقة في ساحات المدن الكبرى، ومنازلهم، المباراة المتقلبة بين منتخبهم وغريمه الفرنسي، الذي عادل النتيجة في الدقائق الأخيرة للمباراة بواسطة كيليان مبابي لتصبح 2-2، ويذهب اللقاء إلى الشوطين الإضافيين. 

واشتعل الحماس بينهم حين عاد "الملهم" ميسي ليعطي التقدم في الشوط الإضافي، قبل أن يعود مبابي ليعادل مجددًا، وتحمل ضربات الترجيح إليهم الانتصار المنتظر، فتنفجر البلاد بالفرح والأبواق والعناقات. 

وكان الأرجنتينيون المولعون بكرة القدم بحاجة ماسة إلى الفرح والاحتفال، نظرًا لما تعانيه بلادهم من تضخم في الأسعار وأوضاع اقتصادية صعبة بالنسبة لـ47 مليون نسمة، دفعتهم إلى التخلي عن إجازتهم، وعن شراء اللحوم في بلد اعتاد سكانه على حفلات الشواء في الأعياد واللقاءات العائلية. 

وبات حوالي 40% من السكان يعيشون في فقر، وقد تسبب انخفاض قيمة العملة في حدوث فوضى بعدما فقد الناس قوتهم الشرائية.

ولن ينسى الأرجنتينيون تلك اللحظة التي انتهت بتسديد مونتييل ضربة الترجيح الأخيرة، ليتركوا منازلهم وينزلوا إلى شوارع المدن والأحياء، في فرحة هستيرية عارمة، وحدتهم بعد انقسام حاد حول الطبقة السياسية، وقضايا فساد تلاحق رجالاتها، فهتفوا لبطل البلاد الجديد، الذي صار أيقونة حقيقية، وصدحت الشوارع بهتاف: ميسي.. ميسي.

عودة "البطل"

وتترقب البلاد عودة المنتخب الوطني من الدوحة، حيث من المتوقع أن تشهد احتفالًا ضخمًا وشعبيًا عارمًا في استقبال الكأس الذهبية، التي ستكون بيد ميسي الذي غادر البلاد في عمر الـ13 عامًا، لاعبًا صغيرًا في أكاديمية "لاماسيا" الإسبانية، قبل أن يشق طريقه ليصبح واحدًا من أساطير اللعبة. 

وكان ميسي محط انتقاد واسع في بلاده، لعجزه عن إعادة لقب كأس العالم منذ ظهوره الأول عام 2006، حتى إنه تلقى اتهامات بالانحياز للجانب الأوروبي منه مع ناديه السابق برشلونة أكثر من وفائه لبلاده، فظل في نظر العديد منهم في المركز الثاني بعد دييغو مارادونا. 

وقال سانتياغو، البالغ من العمر 13 عامًا، لوكالة "رويترز" وهو يحتفل مع عائلته بالفوز أمام منزل في بوينس آيرس كان ملكًا للأيقونة مارادونا: "لا أصدق ذلك، كان الأمر صعبًا، لكننا فعلناه بفضل ميسي".

ومنذ وقت مبكر من صباح أمس الأحد وقبل بدء المباراة، بدأت الساحة حول النصب العمودي الشهير "أوبليسكو" في وسط بوينس آيرس تمتلئ بالناس، حيث الموقع التقليدي الذي يحتفل فيه الأرجنتينيون بالانتصارات الرياضية في العاصمة، وهم ما زالوا حتى وقت قريب يحتفلون رغم تقدم الوقت. 

لحظات عصيبة

وبدأ العديد من المشجعين الأرجنتينيين المتحمسين، وجميعهم تقريبًا يرتدون قميص المنتخب الوطني باللونين الأزرق والأبيض، التوافد على المطاعم في طوابير قبل أن تفتح أبوابها من أجل الحصول على أفضل المقاعد لمشاهدة المباراة المرتقبة على الشاشات الكبيرة. 

واجتاحت الأعلام الساحة الشهيرة، التي طغى عليها اللونان الأزرق والأبيض، والأبواق التي علا صخبها بعد الفوز، وقال دييغو أبورجيلي (46 عامًا) الذي كان يشجع المنتخب من ضواحي العاصمة: "كانت مباراة رائعة ومؤلمة في بعض الأحيان.  لقد جعل هذا الفريق الناس يقعون في حبه لأول مرة منذ عقود".

وكان الأرجنتينيون في خشية بأن يتكرر سيناريو المباراة النهائية لمونديال البرازيل 2014، حيث أخفق ميسي ورفاقه أمام ألمانيا التي حققت نجمتها الرابعة على حسابهم، وحسمت النتيجة في أواخر الوقت الإضافي 1-0. 

وقال المشجع روجيليو فاسكيز: "كان بإمكاننا الفوز باللقب بشكل مريح لكننا أجبرنا على المعاناة كما هو الحال دائمًا". وأضاف: "لكن المعاناة تجعل الفوز أكثر متعة".

وفي روساريو، مسقط رأس ميسي، وأنخل دي ماريا صاحب الهدف الثاني في النهائي، دفن مشجعو الفريقين المنافسين، نيويلز أولد بويز، وروساريو سنترال، خصومتهم التاريخية واحتفلوا معًا في مشهد مدهش، بعد عناقات، وحتى صلوات تعالت منهم خلال تنفيذ اللاعبين ضربات الترجيح. 

هكذا عاش الأرجنتينون لحظة فريدة، بسبب كرة القدم، فصرخوا، وقفزوا فرحًا، ورشقوا مشروباتهم في الهواء، وأطلقوا هتافات "فاموس أرخنتينا" وهم يحتضنون بعضهم بعضًا، حد البكاء من الفرح والتأثر. 

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
تغطية خاصة
Close