الإثنين 18 نوفمبر / November 2024

"النسخة الأفضل في التاريخ".. ما هي رسائل قطر من تنظيمها بطولة كأس العالم؟

"النسخة الأفضل في التاريخ".. ما هي رسائل قطر من تنظيمها بطولة كأس العالم؟

شارك القصة

برنامج"للخبر بقية" يناقش الرسائل التي حملها مونديال قطر 2022 (الصورة: غيتي)
استطاعت دولة قطر أن تثبت قدرتها على تنظيم بطولة كأس العالم بشكل باهر، متجاوزة أصعب التحديات، ومتجاهلة الحملة التي استهدفتها قبل وطيلة فترة استضافتها.

بالتزامن مع اليوم الوطني لدولة قطر، وبحفل ختامي لا يقل بهاء عن حفل الافتتاح، وبمباراة غاية في الإثارة، أسدل الستار على نهائيات كأس العالم فيفا قطر 2022.

واستطاعت دولة قطر من خلال الحدث الكروي العالمي، كما كان متوقعًا، أن تثبت قدرتها على تنظيمه بشكل باهر، متجاوزة أصعب التحديات، ومتجاهلة الحملة التي استهدفتها قبل وطيلة فترة استضافة البطولة.

وأشاد قادة دول ومسؤولون بارزون على مستوى العالم في مختلف المجالات بالنجاح الباهر في تنظيم المونديال، ومن بين هذه الشهادات، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو الذي قال بالحرف إن هذه البطولة هي أفضل نسخة من المونديال على الإطلاق.

استطاعت دولة قطر من خلال الحدث الكروي العالمي أن تثبت قدرتها على تنظيمه بشكل باهر
استطاعت دولة قطر من خلال الحدث الكروي العالمي أن تثبت قدرتها على تنظيمه بشكل باهر - غيتي

ولم تكن نهائيات كأس العالم بنسختها الحالية إنجازًا فقط لمن ظفر بالكأس، أو وصيفه، أو من أبلى من الفرق المشاركة بلاء عظيمًا مثل المنتخب المغربي، بل إن إنجازات البطولة تجاوزت الرياضة إلى قيم أخرى لا تقل أهمية، هي إنسانية وحضارية وثقافية، كما أنها لم تكن فقط بطولة كسر الأرقام القياسية من حيث عدد المشاهدين حول العالم، والإيرادات وغير ذلك.

وكانت "فيفا قطر 2022" في حقيقتها إنجازًا للعرب ولدول الشرق الأوسط، ونجحت في تعريف العالم على الثقافة العربية، كما نجحت في توحيد العرب على قلب رجل واحد، بل إنها وبشكل أكثر تعميمًا ودقة وحدت العالم وفق تصريحات رئيس الفيفا.

ما هي الرسائل التي حملها مونديال قطر؟

وفي هذا الإطار، يشير مدير المتحف الأولمبي ورئيس النادي الأهلي في قطر عبد الملا، إلى أن هناك العديد من الرسائل التي حملها المونديال للعالم، منذ إسناد الحدث الكروي لقطر عام 2010.

ولفت الملا إلى أن "الدوحة كانت تعمل بصمت، وكان لها ثلاثة أهدف لإيصال رسائل للعالم أجمع بأنها تستطيع أن تجمع العالم، وأن تكون البطولة إنسانية ورياضية وتنظيمية وفنية، بالإضافة إلى الجهد الضخم والاستثمار الكبير الذي وضعته قطر في الكوادر للظهور بمظهر مشرف في إنجاح الحدث العالمي، فضلًا عن الإرث الكبير الذي ستحظى به الدوحة من خلال استضافة هذا الحدث العالمي، والاستدامة في المنشآت الكبيرة التي سيستفيد منها أبناء قطر والمقيمين على أرضها".

وفي حديث لـ"العربي" من مدينة لوسيل، أضاف الملا أن قطر استطاعت أن تزيل الحواجز بين الدول العربية، بحيث تعايشت الجماهير التي جاءت من مختلف البلدان، وتفاعلت مع التظاهرة الكروية العالمية، بحيث كانت جميع الجاليات العربية تشجع المنتخبات العربية الأربعة المشاركة في المونديال، وشكلوا لوحة رائعة وأزالوا كل ما هو يعيق توحدهم.

وأردف أن بطولة كأس العالم في قطر جمعت الكل على قلب رجل واحد، لافتًا إلى أن الجماهير العربية هي واعية ومثقفة، فيما جاءت الجماهير غير العربية لتغتنم المونديال لمعرفة عادات وتقاليد الشعب العربي.

وواصل الملا أن اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم بذلت جهدًا كبيرًا في التنظيم، كما أن اللجان الأمنية قامت بدورها، بحيث لم تسجل أي شكوى أو حادثة خلال 28 يومًا من البطولة.

واعتبر أن النجاح الذي حققته دولة قطر في تنظيم المونديال هو نجاح لكل العرب، مشيرًا إلى دروس مستفادة من البطولة وتقارير سترفع للجنة المنظمة للاستفادة منها في البطولات القادمة.

نظرة الإعلام الألماني تجاه تنظيم المونديال

ومن العاصمة الألمانية برلين، أشار الصحافي المختص في الشأن الأوروبي نادر الصراص إلى أمر كان بارزًا في هذه النسخة من المونديال، حيث أنه قبل بدء البطولة الكروية بأسابيع كانت هناك حملة في الإعلام الألماني، أدت إلى تسيس كأس العالم بشكل كبير، مشيرًا إلى نقد كبير لدولة قطر، على الرغم من أن الحكومة الألمانية كانت تحاول أن تكون متزنة من هذه الناحية، لأنها على علم بأنها تريد التعاون مع الدوحة في مجال الطاقة.

وأضاف في حديث لـ"العربي"، أنه مع بدء المونديال وأداء المنتخب الألماني في البطولة الذي لم يكن قويًا، تحولت الأنظار إلى الرياضة، مشيرًا إلى أن النظرة تغيرت تجاه الدوحة، بعد أن كان هناك تشكيك في قدرة قطر على تنظيم المونديال، كما تغيرت النظرة الألمانية تجاه المنتخبات العربية التي أبلت بلاء حسنًا في كأس العالم.

وأردف الصراص أن الأنظار تحولت من التشكيك في قطر والأوضاع التي نظم خلالها المونديال، إلى التركيز على النقاط الإيجابية في قدرة المنتخبات العربية والدوحة على القيام بالجهد الكبير.

"القضية الفلسطينية"

وقال الصراص: إن الرأي العام الأوروبي تفاجئ ببروز القضية الفلسطينية لدى المشجعين والمنتخبات العربية المشاركة برفع علم فلسطين، مشيرًا إلى أن الصحافة الأوربية كتبت عن هذا الأمر، بحيث أن المنتخبات العربية والمشجعين العرب اغتنموا الاهتمام العالمي من ناحية رياضية وإعلامية في المونديال لإبراز القضية الفلسطينية.

ورأى أن هذه الخطوة كذّبت من كان يعتقد أن الشعوب العربية لا تكترث بقضية فلسطين، وأن قضيتها تم تهميشها بعد أن عقدت بعض الدول العربية اتفاقات سلام مع إسرائيل.

"انعطافة في تاريخ المنطقة العربية"

من ناحيته، اعتبر أستاذ علم الاجتماع في جامعة مولاي إسماعيل رشيد جرموني، أن ما حدث في قطر يعد انعطافة في تاريخ المنطقة العربية، مشيرًا إلى النجاح الكبير الذي حققته البطولة الكروية.

وأضاف في حديث لـ"العربي" من العاصمة المغربية الرباط، أنه بعد حملات التشكيك، تبين أن هناك تنظيمًا كبيرًا جدًا، ودقة في مجموعة من التفاصيل، من خلال إبراز الهوية الثقافية العربية المستوعبة لكل الهويات.

وتابع الجرموني قائلًا: إن تقبل التعايش المشترك مع الجميع الذي يتبجح به الغرب تجسد في قطر من خلال استقبالها الوفود العربية والمشجعين، مشيرًا إلى بروز قيم من خلال التآخي ونظافة الملاعب، والتعريف ببعض الأعراف والقيم التقليدية، من خلال التنظيم الجيد والتدبير الأمثل في البنية التحتية المناسبة وحسن الضيافة بالإضافة إلى تفاعل المشجعين وبروز الروح العربية.

وقال: "إذا توافرت إرادة قوية جدًا يمكن أن نحلم بالتغيير"، مضيفًا أن التغيير بدأ مع الملحمة الكروية، التي تعد منتدى لتعايش الثقافات التي غيرت مجموعة من الأحكام النمطية التي كانت سائدة حول الشرق والعرب بأنهم متعطشون للإرهاب وغير متسامحين.

ولفت إلى أنه حتى المشجعين الغربيين بدأوا يلبسون الزي العربي التقليدي في قطر، والتفاخر به، ما يدل على أنهم أعجبوا بالقيم العربية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close