عاد موضوع الازدحام في سجون المغرب إلى الواجهة من جديد، بعدما أورد المرصد المغربي للسجون وهو منظمة مدنية، في تقريره عن عام 2021 معطيات تظهر ارتفاع عدد السجناء إلى نحو 89 ألفًا موزعين على 75 سجنًا.
وأكد عبد الله مسداد رئيس المرصد المغربي للسجون، أنه في العقد الأخير ارتفعت الساكنة السجنية بمعدل 25%، ما يؤثر بشكل كبير على كل مجالات الحياة داخل المؤسسات السجنية.
معضلة حكومية
ورفضت المندوبية العامة المكلفة بتسيير السجون في المغرب طلب "العربي" للتعليق على مسألة استفحال عدد المسجونين.
أما وزارة العدل، فقد أكدت اتخاذ تدابير للتخفيف من هذه الظاهرة على لسان مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل المغربية هشام الملاطي، الذي كشف عن اعتماد ما يعرف بالعقوبة البديلة المتعلقة بالعمل من أجل المنفعة العامة.
أي "عوض أن يقضي المدان عقوبة حبسية يمكنه أن يؤدي خدمة للمجتمع في إحدى المؤسسات وفق ضوابط محددة قانونيًا"، بحسب الملاطي.
ووفق أرقام غير رسمية، تتصدر جرائم القانون الخاص الجرائم المرتكبة من طرف سجناء بنسبة 33%، من مجموع الجرائم المرتكبة، تليها جرائم الأموال ثم الجنايات بنسبة 16%.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتأهيل البنية التحتية للسجون، تظل هذه المعضلة بحاجة إلى خطة حكومية شاملة لوضع حد لظاهرة الاكتظاظ، ووقف آثارها على السجناء.
عائق أمام كرامة عيش السجناء
ومن الرباط، يتحدث رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عادل تشيكيطو عن الظروف التي يعيشها السجناء، مشيرًا إلى أن الاكتظاظ المتزايد يؤثر على حياة السجناء داخل تلك المؤسسات السجنية.
ويلفت إلى أن الازدحام ينهك المجهودات التي تقوم بها المندوبية العامة لإدارة السجون، من ناحية توفير الإمكانيات الاستشفائية والغذائية، وكل ما من شأنه أن يضمن حقوق السجناء.
ويتابع في حديث إلى "العربي" قائلا: "الاكتظاظ اليوم يعد عائقًا أساسيًا أمام توفير كرامة العيش للسجناء في المغرب، والحرص على سلامتهم وحقوقهم".
وعن مقاربة المندوبية العامة لإدارة السجون ووزارة العدل لمعالجة هذه الأزمة، يقول تشيكيطو إنه لا يمكن إنكار مجهودات هذه المؤسسات الحكومية فيما يتعلق بتوفير الإمكانيات التي تحفظ أدنى معايير الكرامة للمحكومين.
إلا أنه في المقابل، يرى أن هذه المجهودات تصطدم بمجموعة من العوامل، التي تجهض هذه المحاولات على رأسها العامل القانوني.
"الحل موجود"
ويعتقد تشيكيطو أن هناك حلولًا كثيرة يجب اتخاذها بشكل مستعجل، أبرزها تعديل القوانين الجنائية، متسائلًا في هذا الإطار عن سبب التأخر في البت بمشروع القانون الجنائي من قبل الحكومة.
ويضيف: "هذا التأخير يضر بمصلحة عدد كبير من المغاربة من بينهم السجناء الذي يقبعون في السجون، كون هذا التعديل من شأنه أن يعالج مسألة الاعتقال الاحتياطي الذي يعد أحد الإشكاليات الأساسية التي تسبب بشكل مباشر الازدحام داخل السجون".
ويكشف رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، في هذا الصدد أن حوالي ثلث السجناء في المغرب "معتقلون احتياطيًا إلى جانب المحكوم عليهم بمدد قصيرة".