أدانت فصائل ومؤسسات فلسطينية اليوم السبت، فتح شرطة ألمانيا تحقيقًا ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على خلفية تصريحاته التي شبه فيها ممارسات إسرائيل بمحرقة "الهولوكوست".
والـ"هولوكوست" مصطلح استخدم لوصف الحملات من قبل حكومة ألمانيا النازية وبعض حلفائها، بغرض اضطهاد وتصفية اليهود في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945).
والثلاثاء، أثارت تصريحات عباس التي أدلى بها، خلال مؤتمر صحفي في برلين مع المستشار الألماني أولاف شولتز، غضب واستياء الأخير والمسؤولين في إسرائيل.
وقال عباس خلال المؤتمر الصحفي ردًا على سؤال: "منذ عام 1947 ارتكبت إسرائيل 50 مجزرة 50 مذبحة.. 50 هولوكوست".
وأكدت شرطة برلين الجمعة، تقريرًا لصحيفة "بيلد" الألمانية بفتح تحقيق في احتمال تحريض عباس على الكراهية بعد شكوى جنائية رسمية.
بدورها، أكدت وزارة الخارجية الألمانية، أن عباس باعتباره ممثل السلطة الفلسطينية سيتمتع بالحصانة من الملاحقة القضائية لأنه كان يزور ألمانيا بصفة رسمية.
من جهته، أكد الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر رفضه لحملة التحريض التي يتعرض إليها الرئيس الفلسطيني.
وخلال اتصال هاتفي مع عباس، شدد مزهر على وقوفه والجبهة الشعبية خلف الرئيس في "مواقفه الشجاعة التي تعبر عن مواقف شعبنا وقضيته العادلة".
كما أكد أن هذه الحملة التحريضية تمس حقوق الشعب الفلسطيني، وروايته التاريخية.
"طمس الرواية الفلسطينية"
واعتبرت حركة "الجهاد الإسلامي" على لسان القيادي خالد البطش، أن "موقف الشرطة الألمانية يُمثّل أحد أوجه ازدواجية المعايير والانحياز للاحتلال والتنكّر لمعاناة الشعب".
وأضاف: أن "تصريح الرئيس عباس جزء من الرواية الوطنية الفلسطينية التي يُدافع عنها شعبنا في وجه العالم بأسره لكشف جرائم الاحتلال الصهيوني".
وعبّر البطش عن رفض الشعب لـ"الانحياز للاحتلال أو لأي تسوية سياسية معه".
بدورها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" فتح تحقيق بحق الرئيس الفلسطيني. وقالت على لسان عضو المكتب السياسي في الحركة حسام بدران: "مرة أخرى تثبت القوى الدولية انحيازها للاحتلال الصهيوني وتنكرها للحقوق التاريخية لشعبنا الفلسطيني ولمعاناته الممتدة لأكثر من سبعة عقود".
وأضاف: "مهما حاولت هذه القوى تشويه الحقيقة وصم آذانها عما لحق بشعبنا والكيل بمكيالين فإنها لن تفلح في طمس الرواية الفلسطينية مهما طال الزمن، ومهما كانت الأساليب والإجراءات، فشعبنا لا ينسى ولا يغفر أمام ما يتعرض له من ظلم، وستستمر مقاومته بلا كلل حتى التحرير والعودة".
وتابع: "آن الأوان أمام كل ما يجري من استهداف لشعبنا وقضيته التقدم عمليًا وإلى الأمام في إنجاز وحدة وطنية فلسطينية حقيقية تقوم على الشراكة الكاملة في إطار قيادة وطنية جامعة، ووفق برنامج وطني كفاحي يعتمد المقاومة الشاملة في مواجهة الاحتلال".
طمس جرائم الاحتلال
من جانبه، أكد الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف أن حملة التحريض الألمانية ضد الرئيس محمود عباس تهدف إلى إرضاء إسرائيل، وطمس جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن تلك الحملة "لن ترهب شعبنا ولن تؤثّر على سعيه لاستكمال مشروعه بالتحرر من الاحتلال، ونيل الاستقلال الوطني".
من ناحيته، قال أمين عام حزب "فدا" صالح رأفت: إن "الهجمة على الرئيس محمود عباس عزّزت الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير، وزادت من قوة وإصرار شعبنا في مختلف أماكن تواجده في مواجهة الاحتلال على مختلف الأصعدة".
وأضاف رأفت في تصريحات لإذاعة "صوت فلسطين"، اليوم السّبت، أن "الهجمة على الرئيس تستهدف الشعب الفلسطيني وقضيّته العادلة، لتضليل العالم في ظل الجرائم اليومية المرتكبة بحقّ شعبنا، إلا أنها أثبتت التفافه بكافة أطيافه وفصائله حول القيادة".
بدوره، شدّد مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين على وجوب التضافر الجماهيري مع مواقف الرئيس محمود عباس في وجه الحملة التي يشنها الاحتلال ضده.
وقال المفتي: إن "الاحتلال يسعى لقلب الحقائق عبر حملة التحريض لطمس الرواية الفلسطينية التي توثق جرائم الاحتلال، الذي يحاول شيطنة كل ما هو فلسطيني، وإسقاط تهمة الجريمة عن الضحية".
وطالب المجتمع الدولي بمحاسبة دولة الاحتلال عبر مؤسساته التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان بدل الكيل بمكيالين والتماهي مع جرائم الاحتلال عندما تكون الجريمة ضد الشعب الفلسطيني.
والأربعاء، استدعت المستشارية الألمانية، رئيس البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في برلين للاحتجاج على تشبيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأعمال الإسرائيلية بالمحرقة، وفقًا لمتحدث باسم الحكومة الألمانية.
وجاء تعليق عباس في برلين بعد توتر مستمر منذ شهور وعدوان هذا الشهر استشهد خلاله 49 شخصًا في غزة بعد أن نفذت إسرائيل سلسلة من الضربات الجوية ردًا على ما قالت إنه تهديد وشيك من حركة الجهاد الإسلامي التي ردت بإطلاق صواريخ صوب إسرائيل.