فشل البرلمان اللبناني اليوم الأربعاء للمرة الثانية عشر في انتخاب رئيس للجمهورية على وقع انقسام سياسي يزداد حدة بين حزب الله وخصومه وينذر بإطالة الشغور الرئاسي.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، فشل البرلمان في انتخاب رئيس إذ لا يحظى أي فريق بأكثرية تمكنه منفردًا من إيصال مرشحه إلى المنصب.
إلا أن إجماع كتل سياسية وازنة على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مواجهة الوزير السابق سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، أعاد خلط الأوراق الرئاسية.
ورقة تصويت "ضائعة"
وافتتح رئيس البرلمان نبيه بري، عند الساعة الحادية عشر صباحًا (08:00 بتوقيت غرينتش) الجلسة البرلمانية بحضور جميع النواب الـ128.
إلا أن الجلسة فشلت في انتخاب رئيس على الرغم من توافر نصاب انعقادها في الدورة الأولى، قبل أن ينسحب نواب على رأسهم كتلتا حزب الله وحليفته حركة أمل، التي يتزعمها بري، ليطيحوا بالنصاب في الدورة الثانية.
وفي الدورة الأولى من الجلسة، حصل أزعور على 59 صوتًا، وفرنجية على 51 صوتًا.
ماذا قال النواب بعد فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد لـ #لبنان؟ 👇 pic.twitter.com/sfh8InRQ4S
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 14, 2023
ويحتاج المرشح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتًا للفوز. وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتًا. لكن النصاب يتطلب الثلثين في الدورتين.
وبعد انتهاء فرز الأصوات، دار سجال بين نواب ورئيس المجلس على خلفية ورقة تصويت "ضائعة"، فبينما أكد بري أنها موجودة وصبت لصالح زياد بارود، قال النواب إن هذا الأمر غير صحيح، مطالبين بإعادة الفرز، إلا أن هذا ما لم يحصل واختُتمت الجلسة.
وفي هذا الإطار، أكدت النائبة ستريدا جعجع التي تنتمي لكتلة القوات أن "الأصوات المقترعة مجموعها 127 لا 128".
وقالت: "طلبنا من رئيس مجلس النواب نبيه بري إعادة التصويت فرفض، وهذا ما كان يجب أن يحصل وما حصل لا يليق بنا أو بمجلس النواب وبالتالي الجلسة غير دستورية".
جهاد أزعور وسليمان فرنجية
وكانت أسهم أزعور الذي انضم إلى صندوق النقد الدولي عام 2017، وشغل منصب وزير المالية اللبناني بين 2005 و2008، ارتفعت في الأسابيع الأخيرة إثر اتصالات مكثفة انتهت بإعلان كتل رئيسية ونواب معارضين لفرنجية تأييدهم لترشيحه.
وإثر ذلك، أعلن النائب ميشال معوّض أول من خاض السباق الرئاسي ونال العدد الأكبر من الأصوات خلال الجلسات السابقة من دون أن يحقق الأكثرية المطلوبة، تراجعه عن ترشحه لصالح أزعور.
ويعد حزب القوات اللبنانية ولديه كتلة برلمانية وازنة، والتيار الوطني الحر، وكتلة "اللقاء الديمقراطي" برئاسة تيمور وليد جنبلاط، من أبرز داعمي أزعور.
وبعد دعم ترشيحه، تنحى أزعور مؤقتًا عن مهامه كمدير لقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد. وقال في أول تعليق له إنه يريد لترشحه أن يكون "مساهمة في الحل وليس عنصراً يُضاف إلى عناصر الأزمة".
وأكد أنه "ليس تحديًا لأحد"، في رد على حزب الله الذي وصف عدد من نوابه أزعور بمرشح "المواجهة" و"التحدي".
وقبل دخوله قاعة البرلمان الأربعاء، قال النائب في كتلة حزب الله حسن فضل الله: إن "الرئيس لا يُنتج إلا بالتوافق"، داعيًا إلى الحوار بين القوى السياسية. وأضاف "لا نفرض على الآخرين ولا نريد أن يفرضوا علينا".
جان إيف لودريان إلى بيروت
وكان رئيس كتلة حزب الله النائب محمّد رعد اعتبر الإثنين أن من يدعمون ترشيح أزعور، من دون تسميته، "لا يريدون إيصاله إلى رئاسة الجمهورية، وإنما يستخدمونه فقط لمنع أن يصل مرشّح المقاومة"، في إشارة الى فرنجية.
وأكد فرنجية في كلمة الأحد أنه سيكون "رئيسًا لكل اللبنانيين" برغم تحالفه مع حزب الله وصداقته مع رئيس النظام السوري بشار الأسد. ووجه انتقادات لاذعة إلى معارضي ترشيحه، الذين يصفونه بـ"مرشّح الممانعة".
وقال في كلمة: "أذكرهم في 2016 دعموا مرشح الممانعة الرئيس ميشال عون".
وبينما يبدو الملف اللبناني غائبًا عن الاهتمام الدولي وحتى الإقليمي، تقود فرنسا، بلا جدوى، منذ أشهر حراكًا لتسريع انتخاب رئيس.
وأفادت مصادر حكومية لـ "العربي"، بأن المبعوث الفرنسي الوزير جان إيف لودريان سيصل إلى بيروت الأربعاء المقبل للضغط باتجاه حوار لبناني لانتخاب رئيس توافقي.
ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، في وقت يشهد لبنان منذ 2019 انهيارًا اقتصاديًا صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، ويشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي.