من حيث بدأ آخر تصعيد، عاد مستوطنون ليقتحموا باحات المسجد الأقصى ويؤدّوا طقوسًا تلمودية فيه.
قبل ساعات، وقف أزيز الصواريخ المتبادلة بين غزة وتل أبيب، فكيف يُثبت وقف إطلاق النار ومسبباته الأولى حاضرة على الأرض؛ في الأقصى باستمرار الاقتحامات والشيخ جراح المحاصر.
السلطة الفلسطينية حذرت الحكومة الإسرائيلية من العودة إلى مربع التصعيد والتوتر، وطالبت الإدارة الأميركية بالتدخل منعًا للاستفزازات الإسرائيلية. كما دعت المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لتجنب مزيد من التوتر والتصعيد.
وفي غضون ذلك، اجتمع وفد مصري بقادة حركة "حماس" في غزة لبحث جهود تثبيت الهدنة.
ووسط كل ذلك، يُطرح الكثير من الأسئلة من بينها: هل عادت مسببات التوتر من جديد إلى فلسطين بأيد إسرائيلية، وهل تسعى إسرائيل إلى إخراج القدس من تفاهمات التهدئة، وما هو موقف المقاومة من عودة الاقتحامات؟.
وحدة الشعب الفلسطيني أزعجت إسرائيل
تعليقًا على التطورات، يؤكد رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة "فتح" منير الجاغوب، أن إسرائيل تستهدف جميع الفلسطينيين؛ الأطفال والشيوخ والنساء والمقاومة والرئاسة والأرض والأغوار".
ويضيف: "إسرائيل تستهدف كل مكان في فلسطين، وتستفز الشعب الفلسطيني يوميًا"، لافتًا إلى "أنها تقيم حواجزها على طول الأراضي الفلسطينية المحتلة وتقتل الناس بدم بارد ولا يردعها أي شيء".
وإذ يشدد على أن إسرائيل دولة إحتلالية غير أخلاقية إحلالية إستعمارية تمارس كل أنواع الإستفزاز اليومي، يشير إلى أنها تريد الأرض الفلسطينية دون شعب، مؤكدًا أن "هذه الأرض فلسطينية كنعانية، والاحتلال سيزول عاجلًا أم آجلًا".
وبشأن الاقتحامات المتكررة وما إذا كان يُفهم منها أن أي إتفاق لوقف إطلاق النار لا يشمل القدس والمسجد الأقصى، يقول إن إسرائيل تريد أن تكون القدس وحدها، وأراضي 48 وحدها والضفة وحدها، وغزة كذلك..
ويشرح: "إسرائيل تريد الشعب الفلسطيني كنتونات منفصلة عن بعضها البعض"، معتبرًا أن النصر الحقيقي في المعركة الأخيرة التي قامت بها المقاومة في قطاع غزة هو وحدة الشعب الفلسطيني، من بحره إلى نهره مع الشتات. ويؤكد أن هذا أكثر ما أزعج إسرائيل، التي لا تفكر بالشعب الفلسطيني إلا مفتتًا ومنقسمًا ومتعاركًا مع بعضه البعض.
ويلفت إلى أن ما تستطيع السلطة الفلسطينية فعله إزاء الاحتلال الإسرائيلي وممارساته هو التحرك بشكل دبلوماسي، وتعزيز صمود الناس عن طريق مؤسساتها الموجودة في الوطن، كما تتحرك معها "فتح" في مظاهرات جماهيرية في الشوارع، على غرار ما حصل في الأيام السابقة.
ويلفت إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج تقوم بدورها عن طريق السفارات، وإن كان دورًا ضعيفًا ولم يرتق إلى مستوى الحدث؛ ما يتطلب نظرة جادة من قبل المنظمة بخصوص السفارات المنتشرة في الخارج.
"مدينة القدس تتربع على أجندة المقاومة"
بدوره، يحيّي الناطق الرسمي باسم حركة "حماس" عبداللطيف القانوع أبناء الشعب الفلسطيني في القدس، الذين هبّوا اليوم لمواجهة قطعان المستوطنين لدى اقتحامهم المسجد الأقصى.
ويشدد على أن "مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح ما زالت تتربع على أجندة المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها".
ويشير إلى "وجوب مراكمة ما تم إنجازه في المعركة التي حصلت مع الاحتلال الصهيوني، وتثبيت حق الشعب الفلسطيني في البقاء بأرضه في حي الشيخ جراح ووقف كل أشكال العدوان الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني والاقتحامات المستمرة في ساحات القدس".
وكذلك يرى أن على السلطة الفلسطينية أن تستثمر ذلك في المحافل الدولية عربيًا وإسلاميًا ودوليًا بتثبيت حق الشعب الفلسطيني في حي الشيخ جراح ووقف كل أشكال العدوان الصهيوني عليه.
ويدعو القانوع الفلسطينيين في مدينة القدس إلى مواجهة أي اعتداء وأي اقتحام للمسجد الأقصى، لافتًا إلى أن المقاومة الفلسطينية جاهزة لصد أي عدوان أو أي محاولة لتهجير المقدسيين من حي الشيخ جراح أو لتغيير معالم المدينة المقدسة أو تهويدها.
ويحذر الاحتلال الصهيوني من مغبة العودة إلى مسببات الانفجار من جديد، مؤكدًا أن "الشعب الفلسطيني جاهز وبكل استبسال وخياراته وخيارات المقاومة مفتوحة، ولا يمكن أن نسمح للاحتلال أن ينفرد بأهلنا في مدينة القدس والشيخ جراح والمسجد الأقصى المبارك".
وإذ يشير إلى أن "الاتصالات مع الأشقاء المصريين لم تنقطع وكذلك مع الوسطاء، يوضح أن زيارة الوفد الامني المصري إلى قطاع غزة تأتي في إطار تثبيت التهدئة مع الاحتلال الصهيوني".
ويلفت إلى أن "مدينة القدس ووقف كل أشكال العدوان في ساحاتها ومنع تهجير المقدسيين كان حاضرًا في تثبيت التهدئة مع الاحتلال الصهيوني".
"نتانياهو لا يريد الظهور ضعيفًا أمام اليمين"
من ناحيته، يعتبر الباحث بالمركز العربي في واشنطن جو معكرون أن "جانبًا كبيرًا مما يحصل الآن هو جزء من الاستثمارات الداخلية لتداعيات الحرب، ونرى ذلك على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية بمعنى من يدعي الانتصار وما هي التداعيات وكيف يحصل الحراك الدولي على أساسه".
وإذ يلفت إلى أن الحرب كانت مفتعلة إلى حد ما، يشير إلى أن لها تداعيات سياسية واقتصادية على الأطراف المعنية.
وبشأن عودة المستوطنين سريعًا إلى اقتحام المسجد الأقصى، يرى أن "المشكلة هي في أنه لم يكن هناك فعلًا اتفاق لوقف إطلاق النار".
ويوضح أن "نتنياهو واليمين الإسرائيلي يشعرون أن ليس هناك رادع لهم، لا سيما على المستوى الأميركي، وبالتالي فإن الأمور مستمرة".
ويردف: "لا أعتقد أن نتنياهو كان راغبًا بهذه الصيغة لإنهاء الحرب". ويلفت إلى أنه "كانت هناك ضغوط كثيرة، وهو لا يريد أن يظهر ضعيفًا أمام اليمين الإسرائيلي، لا سيما بالنظر إلى الموضوع الداخلي وتشكيل الحكومة، لذا يسمح ببعض هذه الأمور".
ويقول إنه "بانتظار تبلور اتفاق أكثر استدامة لوقف إطلاق النار بين الأطراف المعنية، أعتقد أن اليمين الإسرائيلي ـ بحجة نتنياهو ـ يحاول الاستفزاز بهذه الطريقة".