في اليوم الرابع مما يُسمى عيد "الفصح اليهودي"، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح الأربعاء، ساحات المسجد الأقصى بمدينة القدس، وأجبرت المصلين على الانسحاب من ساحاته لتأمين اقتحام المستوطنين.
وانتشرت قوات التدخل السريع في ساحات المسجد، وشرعت بالاعتداء على الفلسطينيين وإبعادهم عن مسار اقتحامات المستوطنين.
وحاصرت قوات الاحتلال الفلسطينيين في مصليات الأقصى بعد إغلاقها، ومنعتهم من التواجد في منطقة المصلى القبلي وصحن قبة الصخرة، إلى حين الانتهاء من اقتحامات المستوطنين في الفترة الصباحية.
تغطية صحفية: " لحظة إخراج قوات الاحتلال للأهالي من المسجد الأقصى بالقوة" pic.twitter.com/NLYwqnjIgC
— AlQastal القسطل (@AlQastalps) April 20, 2022
من جانبهم، تصدى الشبان المحاصرون داخل المصلى القِبلي للمستوطنين المُقتحمين عبر فعاليات الإرباك الصوتي من خلال الطرق على الأبواب والتكبير والمفرقعات النارية.
بدورها، ذكرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، أن المستوطنين اقتحموا الأقصى من جهة باب المغاربة، على شكل مجموعات ونفذوا جولات استفزازية، وأدوا طقوسًا تلمودية في ساحاته، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال التي اعتلت أسطح المصلى القبلي.
وكانت شرطة الاحتلال فرضت قيودًا على دخول الشبان الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر.
تغطية صحفية: "تكبيرات المرابطات تزامنًا مع اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى". pic.twitter.com/cxQnzXLwdm
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) April 20, 2022
وتواصل إسرائيل التضييق على الفلسطينيين، حيث نصبت الحواجز داخل القدس القديمة وعند الطرقات المؤدية إلى أبواب الأقصى، ومنعت الكثير من المواطنين، بخاصة الشباب من الدخول للأقصى لأداء صلاة الفجر.
وأمس الثلاثاء اقتحم نحو 850 مستوطنًا المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، على شكل مجموعات ونفذوا جولات استفزازية، وأدوا طقوسًا تلمودية في ساحاته.
وكانت ما تسمى "منظمات الهيكل" دعت إلى تنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى لمناسبة عيد "الفصح اليهودي"، الذي بدأ صباح الجمعة الماضي ويستمر حتى الخميس.
ويذكر أن جماعات اليمين المتطرف أعلنت عن تنظيم "مسيرة الأعلام" اليوم الاربعاء، حول أسوار البلدة القديمة وداخل القدس القديمة، الساعة الخامسة عصرًا.
"إغلاق الحرم القدسي أمام اليهود"
في غضون ذلك، كشفت قناة عبرية، مساء الثلاثاء، أن القيادة السياسية في إسرائيل، قررت إغلاق الحرم القدسي أمام "الزوار اليهود"، اعتبارًا من الجمعة، وحتى نهاية شهر رمضان.
ولم تصدر الحكومة الإسرائيلية بيانًا رسميًا تؤكد فيه ما أوردته القناة السابعة "عاروتس شيفع" حتى الساعة.
وذكرت القناة أن الحكومة قررت أنه "لن يتمكن اليهود من الدخول إلى جبل الهيكل (الحرم القدسي) من يوم الجمعة حتى نهاية شهر رمضان".
ويدور الحديث عن إجراء معتاد في كل عام، في العشر الأواخر من شهر رمضان حيث تمنع الحكومة الإسرائيلية اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى.
وقال نشطاء من اليمين الإسرائيلي المتطرف للقناة إن فترة الإغلاق السابقة كانت بحد أقصى 3-4 أيام، بدلًا من 12 يومًا كما هو مخطط حاليًا.
إلا أن مصدرًا مقربًا من رئيس الوزراء نفتالي بينيت قال إنه في جميع السنوات الأخيرة، تم إغلاق الحرم القدسي أمام اليهود في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، بحسب المصدر ذاته.
وأشار إلى أنه في العام الماضي، في ظل حكومة بنيامين نتنياهو، تم إغلاق الحرم القدسي لمدة 19 يومًا.
من جهته، قال عضو الكنيست (البرلمان) المتطرف "إيتمار بن غفير" رئيس حزب "قوة يهودية" على تويتر: إنه حال كانت أخبار إغلاق الحرم القدسي صحيحة "فقد رفع بينيت الراية البيضاء الليلة".
"التقسيم الزماني والمكاني"
وفي هذا الإطار، أوضح مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق خليل تفكجي، أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول استغلال الظروف الدينية والدولية بخاصة في هذا التوقيت، واعتبر أن ما يحدث في القدس يأتي ضمن إطار "خطوة بخطوة" للوصول إلى الهدف الإستراتيجي لإسرائيل، وهو تقسيم الأقصى مكانيًا.
أما التقسيم الزماني، حسب تفكجي، فإن الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2000، استطاع أن يستغل هذا المخطط ما بين الساعة السابعة والثامنة صباحًا حتى الـ11:00 ظهرًا بالتوقيت المحلي (8:00 بتوقيت غرينتش) للزيارات اليهودية، ومن الساعة الـ11:00 حتى الواحدة ظهرًا للمسلمين، وما بعد ذلك حتى صلاة العصر لليهود.
وأضاف في حديث لـ"العربي" من القدس المحتلة، أن الاحتلال يستغل بعض مصطلحات الإعلام لصالحه بخاصة عندما يُذكر أن الاحتلال يقتحم ساحات المسجد الأقصى، موضحًا أن الساحة بإمكان الجميع دخولها لكن الاحتلال يقتحم "صحن الأقصى".
وتابع التفكجي أن ما بين قبة الصخرة والأسوار هناك مناطق فارغة مزروعة بالأشجار، حيث يوجد باب الرحمة الذي تعتبره إسرائيل جزءًا من الأسطورة اليهودية لقدوم المسيح المنتظر القادم من السماء حاملًا الهيكل المزعوم للدخول إلى باب الرحمة واستقباله في هذا المكان، حيث يعتزم الاحتلال بناء كنيس بهدف الوصول للتقاسم المكاني ومن ثم هدم قبة الصخرة وبناء الهيكل مكانه.
وأردف أن إسرائيل تريد تغيير الوضع القائم الحالي من خلال وضع سياسة جديدة تكون السيادة فيها لها، إذ إن الأوقاف هي المسؤولة تمامًا عن الأماكن الدينية، مشيرًا إلى أن الاحتلال يريد أن يحدد عدد المسيحيين الذين يحب أن يصلوا في "سبت النور".
و"الوضع الراهن" هو الذي ساد في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية أثناء الفترة العثمانية، واستمر خلال فترة الانتداب البريطاني لفلسطين والحكم الأردني، وحتى ما بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967.
واعتبر أن التدخل الأميركي جاء متأخرًا، وذلك بسبب انشغال واشنطن بالهجوم الروسي على أوكرانيا، إذ إن الولايات المتحدة حسب التفكجي لا تريد أن تتحول أنظار العالم إلى فلسطين، بل تريد اهتمامًا دوليًا بأوكرانيا، لتحقيق مصالحها لذلك فهي تقوم بالضغط على إسرائيل، تجنبًا لانتفاضة داخل الضفة الغربية، أو حدوث مشاكل ما بين السلطة الفلسطينية التي أصبحت سلطة شكلية حسب وصفه.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، استعرض أمس الثلاثاء، خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، آخر المستجدات في الأراضي الفلسطينية، وبخاصة في الأقصى.
ووضع عباس وزير الخارجية الأميركي في صورة آخر التطورات، بخاصة ما يجري في مدينة القدس، وشدّد على "أهمية خلق أفق سياسي يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووقف الأعمال أحادية الجانب، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة".
من جانبه، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنه قد جرى إبلاغ إسرائيل بضرورة الالتزام بالوضع التاريخي في المسجد الأقصى، وحرية وسلامة وصول المصلين المسلمين إليه.
ومنذ أيام، يسود توتر في القدس وساحات المسجد الأقصى، في ظل اقتحامات يومية ودعوات مستوطنين إسرائيليين و"جماعات الهيكل" اليهودية إلى مواصلة اقتحام المسجد، تزامنًا مع عيد الفصح اليهودي، الذي بدأ الجمعة ويستمر لمدة أسبوع.