Skip to main content

اقتحام المصارف في لبنان.. ما حدود أزمة أموال المودعين وانعكاساتها؟

الأربعاء 14 سبتمبر 2022

في واقعتين فصل بينهما زمن قصير، اقتحم لبنانيان يائسان مصرفين الأربعاء في محاولة لاستعادة أموالهما، التي يعجزان عن الوصول إليها في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد.

فقد اقتحمت شابة مسلحة بمسدس تبين أنه بلاستيكي لاحقًا وشركاء لها مصرف "لبنان والمهجر" في العاصمة بيروت، وغادروا بعد الحصول على نحو 13 ألف دولار من حسابها الخاص.

وتقول الشابة إنها أقدمت على فعلتها من أجل تأمين أموال لعلاج شقيقتها المصابة بالسرطان.

وقد نفى الأمن العام في بيان الأنباء التي ترددت حول توقيف الشابة، كما نفى أيضًا أن تكون قد غادرت الأراضي اللبنانية.

وبعد ذلك بوقت قصير، دخل رجل مسلح أحد فروع "بنك ميد" في مدينة عاليه اللبنانية وتمكن من استعادة جزء من مدخراته المحتجزة قبل تسليم نفسه لقوات الأمن.

وتأتي الحادثتان بعد نحو شهر من احتجاز رجل لرهائن في منتصف أغسطس/ آب في مصرف آخر في شارع الحمرا في بيروت، لسحب أموال لعلاج والده المريض.

وتمنع البنوك اللبنانية المودعين من السحب من مدخراتهم منذ أن عصفت أزمة مالية بالقطاع المصرفي قبل 3 سنوات، مما جعل الكثير من اللبنانيين غير قادرين على دفع تكاليف الاحتياجات الأساسية، فيما لم تنجح السلطات حتى الآن في معالجة الأزمة.

"المصارف ترفض إعلان إفلاسها"

وفي هذا الإطار، يرى عضو جمعية المودعين نزار غانم أن المودعين اللبنانيين أمام خيار صعب بعد تذويب نحو 17 مليار دولار من ودائعهم على مدى 3 سنوات مضت في المصارف من خلال أسعار صرف متعددة.

ويشير في حديث إلى "العربي" من بيروت إلى أن "هناك حلولًا كثيرة للأزمة إلا أن القضاء لا يتجاوب وكذلك الطبقة السياسية"، مذكرًا بتصريح سابق صادر عن البنك الدولي قال فيه إن "الأزمة في لبنان مفتعلة".

ويعتبر أنه يمكن للسلطة السياسية اليوم أن تذهب باتجاه حل مع صندوق النقد الدولي ما قد يؤمن للمودعين حقوقهم، إلا أنه يلفت إلى أن ذلك يعني إفلاس المصارف اللبنانية وإعادة هيكلتها. ويشرح أن هناك جزءًا كبيرًا من السلطة السياسية المتحالفة مع المصارف لا تريد أن تذهب في هذا الاتجاه.

ويعتبر أن "على المودعين اليوم أن يتصرفوا، ويجب على المصارف أن تعلن إفلاسها وبالتالي نذهب نحو إعادة الهيكلة، أو أنها تحتجز أموال اللبنانيين بالقوة وبشكل غير قانوني".

ويشدد غانم على أن المصارف ترفض إعلان إفلاسها، معتبرًا أن هذا هو لب المشكلة الحقيقي.

"غياب أحكام واضحة وقابلة للتنفيذ"

بدوره، يلفت رئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية بول مرقص إلى غياب أي أحكام واضحة ومبرمة وحقيقية وقابلة للتنفيذ عن المحاكم اللبنانية بموضوع "تحرير ودائع المودعين" إن لناحية سحبها نقدًا أو لجهة تحويلها إلى الخارج.

ويشدد في حديث إلى "العربي" من العاصمة اللبنانية، على أن الأحكام في هذا الشأن لم تصل إلى خواتيمها، متحدثًا عن وجود تفسيرات متعددة للقانون بسبب هذه "السابقة" في ظل "وجود الملاءة الكافية لدى المصارف التي في الوقت نفسه لا تمتلك السيولة النقدية لاستيعاب طلبات جميع المودعين".

ويشرح أن القانون اللبناني ينص على إرجاع الوديعة لصاحبها عند استحقاقها، متسائلًا في الوقت ذاته عن طريقة تطبيق هذا القانون في ظل اعتكاف القضاة.

ويوضح مرقص أنه وحتى أكبر المصارف في العالم لا تستطيع استيعاب تهافت مودعين لسحب مدخراتهم على مدى 3 سنوات متتالية، مؤكدًا في الوقت ذاته أن هذا الأمر لا شأن للمودع به.

ويدعو إلى وضع خطة من قبل الدولة تعيد الأموال إلى المودعين على نحو زمني واضح وحتى ولو كان طويلًا، من أجل عدم لجوئهم إلى الخيارات الصعبة.

"ثلاثة أسباب للأزمة"

أما الخبير الاقتصادي والمالي نسيب غبريل فيعتبر من جهته أن "المشكلة تتمثل في أن القطاع المصرفي والمودع في خندق واحد بوجه تقاعس وإهمال السلطة بإيجاد حل للأزمة التي بدأت منذ 3 سنوات".

ويقول غبريل لـ"العربي" من بيروت إن "لا حل للأزمة المالية حتى الآن، ورغم توقيع اتفاق مبدئي مع صندوق النقد منذ 5 أشهر لم تطبق السلطة أي إجراء من الاتفاق".

وفيما يؤكد أن السلطة تولي الأهمية دائمًا للشؤون السياسية كالانتخابات النيابية التي جرت في مايو/ أيار الماضي، يلفت غبريل إلى أن الاهتمام السياسي منصب الآن على الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويرى أن جذور الأزمة تعود إلى 3 أسباب، تتمثل بسوء استخدام السلطة السياسية، وسوء إدارة القطاع العام والتدخل السياسي في المؤسسات العامة ذات الطابع التجاري، إضافة إلى سوء إدارة الأزمة.

ويخلص إلى أن الخطأ الكبير الذي ارتكبته الحكومة السابقة هو عدم سداد سندات الدين بالعملات الأجنبيّة (اليوروبوندز) قبل بدء مفاوضات مع صندوق النقد أو مع حاملي هذه السندات، لافتًا إلى أن سيولة المصارف تراجعت تدريجيًا.

المصادر:
العربي
شارك القصة