دهمت شرطة نيويورك مساء الثلاثاء حرم جامعة كولومبيا، وفضت اعتصام الطلاب المؤيدين لفلسطين والمناهضين للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقامت باعتقال العشرات منهم.
وبحسب وسائل أعلام أميركية، فقد أخلت الشرطة جميع المتظاهرين من حرم الجامعة التي أصبحت مركز الحراك الطلابي المناصر للقضية الفلسطينية، والمناهض للحرب على القطاع الفلسطيني المحاصر.
وقرابة الساعة 21:30 (01:30 الأربعاء بتوقيت غرينيتش) دخل مئات من عناصر الشرطة بخوذاتهم الحرم الجامعي، مزوّدين بمعدات مكافحة الشغب.
وآزرت العناصر في هذه المهمة آلية عسكرية مزوّدة بمدفع ماء وسلّمًا تسلّقوه للوصول إلى إحدى نوافذ مبنى "قاعة هاملتون".
توقيف عشرات المحتجين
واقتادت الشرطة عشرات الأشخاص إلى حافلاتها لتوقيفهم. واعتمر عدد من هؤلاء المحتجين الكوفية.
وفي حديث إلى "العربي"، أشار صافي شمعون وهو طالب مشارك في اعتصام جامعة كولومبيا، إلى أن الطلاب تبلّغوا منذ يومين توقف المفاوضات بين الطلاب المعتصمين والجامعة التي رفضت كل مطالبهم.
ولفت إلى أن الشرطة منعت الدخول إلى الجامعة وأقفلت عدة طرقات في محيطها قبل أن تهاجمها.
وذكر أنه خرج من الجامعة ولم يتمكن من دخولها مجددًا، مشيرًا في الآن عينه إلى أن الشرطة تمنعه من الخروج من منزله الذي يقع في مبنى مطل على الجامعة.
كما أشار شمعون إلى أن الجامعة ستعمد لطرد الطلاب الذين جرى توقيفهم، موضحًا أنها لم تتشاور مع الهيئة التدريسية قبل أن تقرر إحضار شرطة نيويورك لفض الاعتصام بالقوة.
وشرح شمعون أن الخطوة المقبلة تتمثل في تقديم المساعدة للطلاب الموقوفين.
وجرت هذه المداهمة بناء على طلب إدارة الجامعة، وبينما كانت حشود تهتف خارج الحرم الجامعي "فلسطين حرة!".
وعلى حسابهم في تطبيق إنستغرام، ندّد المتظاهرون بـ"اقتحام" الشرطة للحرم الجامعي لإخراجهم من "قاعة هاميلتون" التي أطلقوا عليها اسم "قاعة هند"، تكريمًا لطفلة فلسطينية استشهدت في الحرب على غزة وهي لم تزل في السادسة من عمرها.
الشرطة في حرم جامعة كولومبيا حتى 17 مايو
من ناحيتها، قالت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق في رسالة نُشرت ليل الثلاثاء، إنّها طلبت من شرطة نيويورك فضّ اعتصام الطلاب وتفكيك خيامهم وإجلائهم من المبنى.
وأشارت إلى أنّها طلبت أيضًا من الشرطة الإبقاء على انتشارها الأمني داخل الحرم الجامعي حتى 17 مايو/ أيار على الأقل.
ويقع الحرم الجامعي الضخم لهذه المؤسسة التعليمية الكبيرة شمالي حيّ مانهاتن في وسط مدينة نيويورك.
اتفاق بين جامعة "براون" والحركة الطلابية
بموازاة ذلك، أعلنت جامعة "براون" الثلاثاء أنّها توصّلت إلى اتّفاق مع مجموعة من طلابّها مناهضة للحرب على غزة ينصّ على أن يزيل الطلاب المحتجّون مخيّمهم من الحرم الجامعي، مقابل وعد بأن تعيد الجامعة النظر بعلاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل، وذلك في أول اتفاق من نوعه بين جامعة أميركية مرموقة والحراك الطلابي الداعم لفلسطين.
وقالت كريستينا باكسون، رئيسة الجامعة الواقعة في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند (شمال شرق الولايات المتّحدة): "إنّ الطلاب المحتجّين وافقوا على إنهاء احتجاجهم وتفكيك مخيّمهم بحلول الساعة 17:00 بالتوقيت المحلّي من عصر الثلاثاء".
وشرح البيان أنّه "ستتمّ دعوة خمسة طلاب للقاء خمسة أعضاء من مؤسّسة جامعة براون في مايو/ أيار لتقديم حججهم بشأن سحب استثمارات براون من شركات تسهّل وتستفيد من الإبادة الجماعية في غزة".
ويمثّل هذا الاتفاق أول تنازل كبير من جانب إدارة جامعة أميركية مرموقة إزاء الحركة الطلابية الاحتجاجية، التي لا تنفكّ تتّسع نطاقًا في الولايات المتّحدة.
وتسبّبت هذه الاحتجاجات بتوقيف مئات الطلاب وبشلل جامعات عدّة وبانقسام حادّ في الرأي العام الأميركي.
ويمثّل قطع العلاقات بين كبريات الجامعات الأميركية الخاصة ورعاة وشركات مرتبطة بإسرائيل أحد مطالب الحركة الطالبية التي تدافع عن القضية الفلسطينية، وتدعو لوقف العدوان على غزة.
وخلال الأسبوعين الماضيين، امتدّت الاحتجاجات الطالبية المؤيدة لفلسطين إلى جامعات تتوزّع في سائر أنحاء الولايات المتّحدة، من كاليفورنيا غربًا (جامعة كاليفورنيا-لوس أنجلوس، جامعة جنوب كاليفورنيا...) إلى الولايات الشمالية الشرقية (كولومبيا، ييل، هارفارد، يوبين) مرورًا بالولايات الوسطى والجنوبية مثل تكساس وأريزونا.
وأعادت هذه الاحتجاجات إلى الأذهان ذكرى التظاهرات التي عمّت الولايات المتّحدة في نهاية ستينيات القرن الماضي تنديدًا بحرب فيتنام.