يُمثّل نقص الوقود الحلقة الأخيرة من مسلسل الكوارث في لبنان. وتتراوح حلقات هذا المسلسل بين الانهيار الاقتصادي الذي أدى إلى انهيار العملة اللبنانية إلى أدنى مستوياتها، وجائحة كورونا التي أغلقت أبواب الكثير من الأعمال التجارية، والانفجار في المرفأ الذي قتل أكثر من 200 شخص في أغسطس/ آب الماضي، ودمّر أغلب مناطق وسط بيروت.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن لبنان يُعاني من نقص حاد في البنزين، الأمر الذي منع العديد من الطلاب من الذهاب إلى المدرسة، والموظفين إلى مكاتبهم، مع تجدّد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الشوارع.
وتصطف الطوابير لمسافة أميال أمام محطات الوقود، حيث ينتظر المواطنون ساعات طويلة لشراء كميات قليلة من البنزين المسموح به.
تقاذف المسؤوليات
وأدى الدعم إلى إتاحة البنزين بأسعار تبقى في متناول اللبنانيين؛ ولكن الحكومة اللبنانية التي تُعاني من أزمات مالية خانقة لا تستطيع تأمين كميات البنزين المطلوبة واحتياجاتها لمنع استنزاف احتياطي النقد الأجنبي، في ظلّ نفاد الدولارات المطلوبة لاستيراد الوقود.
كما يتمّ تهريب البنزين النادر إلى سوريا، التي تشهد هي الأخرى نقصًا حادًا في الوقود.
ويعتمد لبنان بشكل كبير على السيارات والدراجات النارية، في ظلّ غياب سياسة النقل العام، إضافة لغياب المساحات لاستخدام الدراجات الهوائية.
أما في الجنوب اللبناني تبدو أزمة شحّ الوقود أكثر حدة؛ فالطوابير أطول، ومحطات الوقود تقدّم كميات قليلة، ويُمكن للبعض الاستعانة بأشخاص يقومون بتوصيل البنزين إلى المنازل، ولكن بثلاثة أضعاف السعر.
ويكاد لا يخلو يوم إلا وتتداول وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان صورًا وفيديوهات لإشكالات تنشب أمام محطات الوقود.
اشكال على احدى محطات المحروقات على خلفية تعبئة الوقود وقد تخلل الاشكال تضارب بالخراطيم ⛽ فيلم طويل مليء بالاكشن انشالله يكون عاجب #الحريري ومتمتع بهالمناظر الخلابة وعم يضحك من قلبه شو بدنا غير راحته ما تشكل حكومة وما بتسمح لغيرك يترشح شو فيه وراك..#البنزين pic.twitter.com/QlWSbUWir6
— ali📝a🈂️ (@alihamiYa_00167) June 15, 2021
وقرّرت العديد من محطات البنزين إغلاق أبوابها. وفي الوقت الذي يتّهم فيه الكثير من السائقين أصحاب تلك المحطات بتخزين كميات كبيرة من الوقود لبيعه بأسعار أعلى عقب قرارات مرتقبة بخفض الدعم، نفت رابطة أصحاب محطات الوقود تلك المزاعم، محمّلة المسؤولية للبنك المركزي اللبناني بسبب عدم توفير الدولارات اللازمة لتغطية احتياجات الدولة من الوقود المستورد.
الرحلة بين الجبل والبحر باتت أطول
وكانت بيروت منذ فترة طويلة مدينة مليئة بالرفاهية. وتقع العاصمة في منتصف الطريق على الساحل اللبناني الطويل، وتضم نواديَ شاطئية فاخرة وناديًا لليخوت وبعض مراكز أشهر مصممي الأزياء في العالم والمطاعم الجذابة باهظة الثمن.
لكن السكان سئموا من سماع العبارة التي تمّ الإفراط في استخدامها، "يمكنك التزلج والسباحة في اليوم نفسه في لبنان"، في إشارة إلى قرب الشاطئ من الجبال.
فقد باتت هذه الرحلة القصيرة الشهيرة أطول من المعتاد، فالطرق السريعة مقفلة أحيانًا بثلاثة مسارات من السيارات التي تصطف أمام المحطات خارج المدينة؛ حتى إن بعض السكان باتوا يدفعون المال لأشخاص آخرين لأخذ سياراتهم إلى المحطة لتعبئتها بالبنزين، لتجنّب الوقوف في الطابور.