استمع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، اليوم الخميس، إلى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، بشأن مضمون مراسلة سويسرية تسلّمها لبنان قبل أيام تطلب مساعدة للتحقيق حول تحويلات مالية تخصّ سلامة وشخصين مقربين منه، وفق ما أفاد مصدر قضائي وسلامة.
وتتطرق المراسلة إلى تحويلات بقيمة 400 مليون دولار، تخصّ سلامة وشقيقه ومساعدته ومؤسسات تابعة للمصرف المركزي، بينها شركة طيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان، وفق ما أفاد مصدر قضائي أول أمس الثلاثاء وكالة "فرانس برس".
غسل أموال
وأكدت النيابة العامة الفدرالية في سويسرا أول أمس الثلاثاء، "أنها وجّهت عبر السبل الرسمية طلب مساعدة قضائية إلى السلطات اللبنانية المختصة".
وأوضحت أن طلبها مرتبط "بتحقيق حول غسل أموال على ارتباط باختلاس أموال محتمل من مصرف لبنان"، من دون أن تذكر أسماء المشتبه فيهم.
والتقى عويدات اليوم الخميس سلامة في مكتبه في قصر العدل لمدة ساعة. وقال مصدر قضائي لوكالة "فرانس برس" إنّ عويدات أبلغ سلامة فحوى كتاب المدعي العام السويسري. ونقل عن سلامة أنّه "سيتوجه إلى سويسرا للدفاع عن نفسه من التهمة الموجهة إليه".
وفي بيان عقب اللقاء، أفاد سلامة أنّه قدّم إلى عويدات "كل الأجوبة عن الأسئلة التي حملها بالأصالة كما بالنيابة عن المدعي العام السويسري".
وأضاف: "جزمتُ له بأنّ أي تحويلات لم تحصل من حسابات مصرف لبنان أو من موازناته".
وبحسب المصدر القضائي، أبلغ سلامة عويدات أنّ "مجمل التحويلات التي أجراها لا تتعدى 240 مليون دولار، وبدأت منذ العام 2002 لتمويل شركة أسّسها مع شقيقه رجا في سويسرا قبل 20 عاماً، وتمّت من حساباتهما الخاصة".
مستندات توضيحية
ومن المقرر أن يطلب عويدات، وفق المصدر ذاته، من "مصرف لبنان مستندات توضّح كيفية حصول التحويلات وقيمة كلّ حوالة وتاريخها"، على أن يردّ على طلب المساعدة القضائية السويسرية بعد استحصاله على المعلومات المطلوبة.
وتطلب المراسلة، وفق ما شرح مصدر قضائي لـ "فرانس برس"، تزويد الجانب السويسري بأجوبة على مجموعة أسئلة ينبغي طرحها على سلامة والشخصين المذكورين. لكنها "لم تتضمّن أدلة أو مستندات تثبت أو تعزّز الشبهات التي تتحدث عنها".
وتحمّل جهات سياسية في لبنان سلامة، الذي كان يعدّ عرّاب استقرار الليرة، مسؤولية انهيار العملة الوطنية. وتنتقد بشكل حادّ السياسات النقدية التي اعتمدها طيلة السنوات الماضية، باعتبار أنها راكمت الديون. إلا أن سلامة دافع مراراً عن نفسه بتأكيده على أن المصرف المركزي "موّل الدولة، ولكنه لم يصرف الأموال".
لائحة شبهة
ويُتَّهم زعماء سياسيون ومسؤولون بينهم سلامة، بتحويل مبالغ ضخمة من حساباتهم إلى الخارج، إثر التظاهرات الشعبية غير المسبوقة التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 ضد الطبقة السياسية، رغم القيود المصرفية المشددة.
وأوردت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، التي غالباً ما توجّه انتقادات لاذعة إلى سلامة والقطاع المصرفي، أول أمس الثلاثاء، أن التحقيقات مع سلامة تجري ضمن ملف يشمل عدداً كبيراً من الشخصيات اللبنانية وفق "لائحة شبهة" أُعدّت "بالتعاون بين فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة".
ويشهد لبنان انهياراً اقتصادياً يُعدّ الأسوأ في تاريخ البلاد، تزامن مع انخفاض غير مسبوق في قيمة الليرة.
وتخلّفت الدولة في مارس/ آذار عن دفع ديونها الخارجية، ثم بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي جرى تعليقها لاحقًا.