منذ عمر الـ 12 عامًا، تمرّنت الرياضية الصينية هو جيهوي (24 عامًا) لمدة ستة أيام في الأسبوع، ولم تمتلك رفاهية الراحة سوى لأيام قليلة في كل عام، كل ذلك لهدف واحد: رفع أكثر من ضعف وزنها في الهواء.
والسبت، لم تثمر جهود جيهوي فقط بانتزاع الميدالية الذهبية عن فئة 49 كيلوغرامًا في رفع الأثقال في أولمبياد طوكيو، بل وبتحطيم ثلاثة أرقام أولمبية قياسية في آن.
جيهوي هي عضو في الفريق النسائي الصيني لرفع الأثقال الذي يهدف إلى اكتساح أي مباراة تخوضها عن كل فئة أوزان.
وقالت جيهوي: "فريق رفع الأثقال الصيني متماسك للغاية، والدعم من الفريق بأكمله جيد للغاية. الشيء الوحيد الذي نفكر فيه نحن الرياضيين هو التركيز على التدريب".
واعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن فوز الصين بنحو 75% من الميداليات الأولمبية الذهبية منذ عام 1984، لم يكن مصادفة، في ضوء ما يعيشه الرياضيون فيها من ظروف "قاسية".
ومن خلال إشراك 413 رياضيًا في أولمبياد طوكيو، وهو أكبر رقم منذ أولمبياد بكين في عام 2008، تهدف الصين إلى الوصول إلى قمة عدد الميداليات الذهبية، حتى لو كان الجمهور الصيني قلقًا بشكل متزايد من التضحيات التي يُقدّمها الرياضيون الفرديون.
وعشية أولمبياد طوكيو 2020، قال غو زونغوين، رئيس اللجنة الأولمبية الصينية: "يجب أن نضمن حصولنا على المركز الأول في الميداليات الذهبية".
عشرات الآلاف من الطلاب الصغار
وتعمل بكين على استكشاف عشرات الآلاف من الطلاب الصغار، وإخضاعهم للتدريب بدوام كامل، في أكثر من 2000 مدرسة رياضية تُديرها الحكومة. وفي محاولة للفوز بأكبر عدد من الميداليات الذهبية، توجّه بكين رياضييها نحو احتراف رياضات أقلّ شعبية في الدول الغربية، أو رياضات تقدّم ميداليات ذهبية أولمبية متعددة.
ففي مركز تدريب المنتخب الوطني لرفع الأثقال في بكين، يغطي علم الصين أحد الجدران بشكل كامل، في تذكير للرياضيين بأن واجبهم هو نحو "الأمة وليس الذات".
وذكرت الصحيفة أن هوس بكين بالذهب، مرتبط بتأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، والتي كان يُنظر إليها على أنها "قوة ثورية" من شأنها عكس قرون من الانحلال والهزيمة من قبل القوى الأجنبية.
ولعقود من الزمن، كانت السياسة تقف في طريق الإنجاز الأولمبي للصين، نظرًا لأن منافستها تايوان تنافست في الألعاب باسم جمهورية الصين. وقاطعت بكين الألعاب الصيفية حتى عام 1984، عندما تمّ تغيير اسم تايوان إلى تايبيه الصينية خلال المنافسات الأولمبية.
مخاوف وأطفال منبوذون
ويعمل مسؤولو الرياضة في الصين على مضاعفة جهودهم باستقطاب الأطفال، رغم وجود عدد متزايد من الأهالي الذين يرفضون تسليم أطفالهم للدولة ليتمّ تأهيلهم كرياضيين.
ومع فشل عشرات الآلاف من الأطفال في الوصول إلى المستوى الأولمبي، كانت حياة هؤلاء "الرياضيين المنبوذين، صعبة: تعليم ضعيف، أجساد متضرّرة، والقليل من فرص العمل خارج النظام الرياضي"، وفق الصحيفة.
ورغم ذلك، استمرّت بكين في خططها وبرامجها الرياضية من: التايكوندو، والتجذيف، والأثقال، وغيرها من الرياضات. كما قامت بإرسال الأطفال إلى تدريبات الرماية. أما الفتيات الريفيات ذوات البنية الجسدية الجيدة، فتمّ إرسالهن إلى تمارين رفع الأثقال.
وشرح لي هاو، المسؤول في الجهاز الرياضي الصيني الرسمي أن "الأطفال من المناطق الريفية أو من أسر لا تتمتع بوضع جيد اقتصاديًا، يتأقلمون بشكل جيد مع المصاعب".
وتُركّز بكين على الرياضات التي يمكن تحسينها من خلال الروتين، بدلًا من تلك التي تنطوي على تفاعل غير متوقّع بين العديد من الرياضيين. وبصرف النظر عن رياضة الكرة الطائرة للسيدات، لم تفز الصين مطلقًا بالميدالية الذهبية الأولمبية في رياضة جماعية كبيرة.
14 ميدالية ذهبية
وفي أولمبياد طوكيو 2020، حصدت بكين حتى أمس الخميس، 14 ميدالية ذهبية، متفوّقة على الولايات المتحدة واليابان. واستحوذت الصين على الميدالية الذهبية الأولى في الألعاب، في مباراة بندقية الهواء للسيدات 10 أمتار.
وكانت هناك خيبات أمل أخرى قبل بدء الألعاب. فتمّ حظر أحد أفضل السباحين بسبب تعاطي المنشّطات. كما فشلت فرق كرة القدم والكرة الطائرة وكرة السلة للرجال في التأهل.