شهدت بريطانيا الأحد الماضي جملة من الإساءات العنصرية، استهدفت لاعبين من ذوي البشرة السمراء في المنتخب الإنكليزي عند خسارته أمام منتخب إيطاليا في نهائي كأس أمم أوروبا 2020.
وفيما نشر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تغريدة عبّر فيها عن تضامنه مع منتخب بلاده، كشف أنه سيتخذ الإجراءات اللازمة والقانونية، وسيضع مخططًا حكوميًا لمشروع قانون الإساءات على الإنترنت.
وكان موقع "تويتر" أعلن في وقت سابق عن إزالة نحو 1000 تغريدة عنصرية، وإيقاف العديد من الحسابات التي نشرت تصريحات عنصرية ضد اللاعبين من أصل إفريقي.
ولم تكن الإساءات التي ضج بها ملعب ويمبلي وكذلك الفضاء الإلكتروني مساء الأحد الماضي الأولى من نوعها ولا الأخيرة، فقد تعرّض اللاعب في منتخب "الديوك" امبابي أيضًا للعنصرية بسبب فشل فرنسا في التأهل.
وفي العام الماضي، أُجبر رئيس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم على الاستقالة على خلفية تصريحات عنصرية.
ويطرح كلّ ذلك تساؤلات حول أسباب تفاقم هذه الظاهرة، والدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في إذكائها.
"فضاء مولد للعنف"
يشير الاختصاصي في علم الاجتماع زهير العزعوزي إلى أن الإنسانية ما زالت تعاني من العديد من الأمراض الاجتماعية وأهمها العنصرية المقيتة تجاه مجتمعات وأشخاص معينين.
ويلفت في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أن "هذه الظاهرة عادة ما تبرز استنادًا إلى تنامي حركة العنصرية في عدد من الدول، لا سيما أوروبا"، معتبرًا أن إنكلترا هي واحدة من الدول التي تتنامى فيها هذه الحركة.
ويتوقف عند "مخلفات أو شعور بمركبات العظمة والتغلب على مجتمعات أخرى"، في إشارته إلى أهم الأسباب التي تفتح المجال واسعًا أمام العديد من السلوكيات والتصرفات تجاه أشخاص بدعوى العنصرية والتمييز العنصري.
ويرى أن ملاعب الرياضة لا سيما كرة القدم تتحول تدريجيًا إلى فضاء مولد للعنف تمارس فيه أشكال عديدة من التنمر والوصم الاجتماعي، وخصوصًا التمييز العنصري تجاه لاعبين من أصول إفريقية أو ذوي بشرة سوداء.
"تفكير إقصائي"
وإذ يعتبر أن هناك قوانين رادعة وجهدًا كبيرًا من ناحية التشريع القانوني للتصدي لهذه الظاهرة، يقول: "إن الفضاء العام الموجود في الملاعب الرياضية لا يمكن التحكم فيه، ذلك لأن مرتادي الملاعب ليسوا قابلين للتحكم في سلوكهم أو ردات أفعالهم". لذلك يرى أن "القوانين تبقى غير رادعة وغير مجدية كثيرًا أمام تنامي هذه الظاهرة".
وفيما يوضح العزعوزي أن "منصات التواصل الاجتماعي تشكل اليوم فضاء موازيًا للحياة الواقعية"، يرى أنها تتحول هي أيضًا إلى "منصة حاملة لقيم سلبية داخل المجتمع؛ وأهمها الوصم والتنمر والتمييز العنصري".
وينبه إلى أن هذه الوسائل تتحول تدريجيًا إلى منصات حاضنة لتفكير عنيف وإقصائي.