أعلن الاتحاد الأوروبي الثلاثاء أنه "يدرس" رد إيران على مقترحه لإعادة إحياء اتفاق 2015 النووي المصمم لفرض قيود على برنامج طهران النووي.
وكان الإعلام الرسمي الإيراني، أكد أن طهران بعثت إلى الاتحاد الأوروبي ردها على "النص النهائي" الذي طرحه عليها وعلى واشنطن ضمن الجهود الهادفة لإحياء الاتفاق النووي
وأوردت وكالة "إرنا" فجر الثلاثاء أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية قدمت ردها خطيًا على النص المقترح من قبل الاتحاد الأوروبي وأعلنت أنه سيتم التوصل إلى اتفاق، إذا كان الرد الأميركي يتسم بالواقعية والمرونة".
ولم تقدّم "إرنا" تفاصيل بشأن الرد، لكنها أفادت بأن نقاط التباين المتبقية "تدور حول ثلاث قضايا، أعربت فيها أميركا عن مرونتها اللفظية في حالتين، لكن يجب إدراجها في النص"، في حين ترتبط الثالثة "بضمان استمرار تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق) والتي تعتمد على واقعية أميركا لتأمين (التجاوب مع) رأي إيران".
تشاور حول "طريقة المضي قدمًا"
وأفاد ناطق باسم مسؤول شؤون التكتل الخارجية جوزيب بوريل الذي نسّق المحادثات الرامية لإعادة إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق، بأنه تم تلقي الرد الإيراني في وقت متأخر الإثنين.
وأضاف المصدر "نقوم بدراسته ونتشاور مع باقي الشركاء في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق) والولايات المتحدة بشأن طريقة المضي قدمًا".
والإثنين، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن بلاده ستقدّم "مقترحاتها النهائية" بشأن إحياء الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديًا عام 2018.
وطالبت طهران بـ3 قضايا رئيسية لتوقيع الاتفاق النووي، تتركز على ضمانات واشنطن باحترام الاتفاق وعدم انسحابها منه لاحقًا ونطاق العقوبات، إذ تطالب برفع المزيد من العقوبات، وتحديد آلية للتحقق من رفعها عمليًا، كما تطالب طهران بضرورة إنهاء ملف تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن 3 مواقع إيرانية مشتبه بممارستها أنشطة نووية قبل أي اتفاق في المفاوضات.
وفي تغريدة على تويتر، كتب مستشار الوفد الإيراني في المفاوضات محمد مرندي، أن بلاده التي سلمت ردها على مسودة نص الاتحاد الأوروبي النهائي أعربت في ردها عن مخاوفها، لكن القضايا المتبقية ليست صعبة الحل، مشيرًا إلى أن هذه المخاوف تستند إلى انتهاكات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي السابقة.
#إيران تؤكد أن محادثات #فيينا الأخيرة لم تلب جميع مطالبها pic.twitter.com/R27wnhyoOa
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 15, 2022
مفاوضات فيينا بشأن الملف النووي الإيراني
ويعتبر مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر محجوب الزويري أن إيران والأطراف الأخرى ليس لديها خيارات كثيرة لعدم الذهاب إلى اتفاق، حتى لو كان اتفاقًا مؤقتًا، مشيرًا إلى أن ما ذكره مرندي في تغريدته هو انعكاس لأجواء النقاش الداخلي الذي جرى خلال اليومين الماضيين، سواء كان على مستوى الوفد المفاوض أو على مستوى النقاش الذي جرى داخل مؤسسة صنع القرار في إيران.
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة القطرية الدوحة، يوضح الزويري أن هناك حالة من القناعة بأنه لا يمكن الحصول على كل شيء، ولا بد من إعطاء بعض المرونة، للخروج من أزمة الملف النووي.
وحول الضمانات التي يمكن أن تعطي تطمينات لطهران للمضي قدمًا في الاتفاق النووي، يبين الزويري أن واشنطن تقول إن الرئيس الأميركي والكونغرس لا يملكان أي سلطة لإعطاء ضمانات مكتوبة لإيران، لأن هناك تغييرًا في السياسة ولأن عملية اتخاذ القرار فيما يتعلق بالملف النووي، ليست قضية أميركية، بل هي قضية مرتبطة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويلفت إلى أن الولايات المتحدة تعي أن التوقيع على شيء مكتوب يخالف كل عمليات التفاوض ولا يجعل الأمر سهلًا بالنسبة لها.
ويرى الزويري في تراجع طهران خطوة للخلف مع إعلانها أن برنامجها الصاروخي والدور الإقليمي يمكن أن يناقش في مرحلة لاحقة للعودة إلى الاتفاق، تنازلًا، لأن الجميع يريد أن يغادر مربع الأزمة الحالية لربح مزيد من الوقت ليتعامل مع أزمات أخرى تعاني منها الدول.
ويخلص الزويري إلى أن الأطراف مستعدة للخطة البديلة، والتي هي عبارة عن اتفاق لمدة عامين أو 3، تعود بموجبه طهران إلى سوق الطاقة، وفي الوقت نفسه ترفع بعض العقوبات عن الجمهورية الإسلامية، لحفظ ماء وجه الطرفين، مشيرًا إلى أن عدم الذهاب إلى اتفاق سيشكل معضلة لإيران اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، ومزيدا من المواجهة مع طهران بالنسبة للغرب.
#إيران ترد على المقترح "النهائي" للاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق النووي pic.twitter.com/F7p9MiBhvB
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 16, 2022
مسار مفاوضات الاتفاق النووي
وأتاح اتفاق العام 2015 بين طهران وست قوى دولية كبرى، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديًا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترمب، معيدة فرض عقوبات قاسية على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجًا عن غالبية التزاماتها.
وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، الصين) مباحثات لإحيائه في أبريل/ نيسان 2021، تم تعليقها مرة أولى في يونيو/ حزيران من العام ذاته. وبعد استئنافها في نوفمبر/تشرين الثاني، علّقت مجددًا منذ منتصف مارس/ آذار مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم.
وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر يونيو/ حزيران، لم تفضِ إلى تحقيق تقدم يذكر. وفي الرابع من أغسطس/ آب، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على طهران وواشنطن، صيغة تسوية "نهائية" وينتظر ردهما "سريعًا" عليها.
وكان أمير عبد اللهيان أكد الإثنين أن "الأيام القادمة أيام مهمة (...) في حال تمت الموافقة على مقترحاتنا، نحن مستعدون للإنجاز وإعلان الاتفاق خلال اجتماع لوزراء الخارجية".
من جهته، شدد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس على أن "ما يمكن التفاوض عليه قد تمّ التفاوض عليه"، مؤكدًا موقف الولايات المتحدة القائل بأنّ الكرة في ملعب طهران.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي أن "الطريقة الوحيدة لتحقيق عودة متبادلة لخطة العمل الشاملة المشتركة (...) تكمن في تخلي إيران عن مطالبها غير المقبولة، والتي تتجاوز بكثير اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة".