يصل الاتفاق النووي بين إيران والغرب إلى نقطة حاسمة بعد 15 شهرًا من المباحثات. وأكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن المقترح الأوروبي لإيران قد تضمّن تقديم تنازلات كبيرة لطهران تهدف إلى إنهاء تحقيق وكالة الطاقة الذرية، فمن المتوقع أن تجيب إيران عن أسئلة الوكالة الدولية بهدف توضيحها.
وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أن المسؤولين الإيرانيين يواصلون دراسة نص الاتحاد الأوروبي النهائي لإحياء الاتفاق النووي.
إيران تناقش المقترح الأوروبي
وكشفت عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، زهرة الهيان، أن اللجنة عقدت اجتماعًا مع الفريق المفاوض لمناقشة المقترح الأوروبي، مشيرة إلى أنه في ظل الظروف الراهنة لا بد من التحقق مما ستحصل عليه إيران وما ستفقده من نتائج المفاوضات الجارية.
ونقلت وكالة "إرنا" الرسمية الإيرانية عن مصدر دبلوماسي أن طهران تراجع الاقتراح الأوروبي الذي يمكن أن يكون مقبولًا إذا قدّم تطمينًا بشأن الحماية والعقوبات والضمانات.
وأوضح المصدر أن الملفات التي تطالب إيران بضمانات فيها هي العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومسألة الادعاءات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، ورفع العقوبات وضمان عدم خرق الاتفاق مجددًا.
وأكد المندوب الروسي الدائم في فيينا ميخائيل أوليانوف في تصريحات لصحيفة روسية، أن الأطراف اتفقت على ما يبدو على نص الاتفاق بشكل شبه كامل وسيتضح مصير الاتفاق الأسبوع المقبل.
تلبية شروط طهران
واعتبر أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة طهران حسن أحمديان أن فكرة عدم وجود فرص جديدة للتفاوض هي أطروحة غربية.
وقال في حديث إلى "العربي" من طهران: "إيران تؤكد أن ما تم تقديمه هو مقترح يمكن أن يُناقش أو يُرفض في بعض أجزائه وربما تُقبل أجزاء أخرى منه".
وأضاف: "لا نعلم ما هي التنازلات التي يتكلم عنها الطرف الأوروبي، لكن في النهاية هناك قضايا هامة محورية كانت وما زالت إيران تصرّ على أن تُلبّى في هذه المفاوضات".
واعتبر أن تلبية هذه القضايا -وإن كان يستبعده- سيؤدي إلى قبول طهران بالمقترح الأوروبي. وفي حال عدم تلبية الشروط الإيرانية، قدّر أحمديان أن إيران ستتحفظ على بعض أجزاء المقترح وتطالب بجولة مفاوضات جديدة.
وأشار إلى أن الملف العالق يتعلق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولفت إلى أن الولايات المتحدة والطرف الأوروبي اقترحا على إيران في مراحل سابقة أن تقبل بإحياء الاتفاق دون إنهاء ملف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبرًا أن عدم إنهاء هذا الملف يعني أنه سيستخدم في المستقبل كما في الاتفاق السابق لخرقه بوضع قانوني وفرض العقوبات على إيران.
الضمانات الإيرانية
من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، نبيل ميخائيل، أن الضمانات التي سيتم الاتفاق عليها بين واشنطن وطهران ستشمل رغبة واشنطن في أن تكون للاتفاق مدة زمنية محددة لسنتين أو ثلاث تتم بعدها مراجعته.
وقال في حديث إلى "العربي" من واشنطن: "ربما يكون هناك مطلب إيراني بعدم قيام الولايات المتحدة الأميركية بأي عمل عدواني عسكري على إيران في حال التثبت من أن طهران تخالف مواد ولوائح هذا الاتفاق".
كما أشار إلى أن عدة مطالب قد تُرفض من قبل واشنطن مثل رغبة إيران في رفع اسم الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب. لكنه رجّح أن يتم الإفراج عن أرصدة مالية كبيرة تملكها إيران في بنوك أجنبية.
وشدد ميخائيل على أهمية التوقيت في هذه المرحلة، حيث "قد يلجأ الرئيس الأميركي جو بايدن للإعلان عن اتفاق مع طهران قريبًا لأنه غير قادر على التحكم في المشهد الأوكراني ولا يعرف كيف يتصرف تجاه الصين في مواجهتها مع تايوان، في ظل اضطراب داخل أميركا مع محاولات لإلحاق تهم جنائية بالرئيس السابق دونالد ترمب".
أطراف الاتفاق تواجه واقعًا مأزومًا
من جهته، رأى أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة قطر محجوب الزويري أن جميع الأطراف المشاركة في الاتفاق النووي مأزومة في علاقاتها الخارجية وسط حالة من التوتر في المشهد السياسي.
وقال في حديث إلى "العربي" من الدوحة: "إن هذا الوضع المأزوم يدفع الأطراف إلى التفكير بكيفية الخروج من هذه الأزمة ولو بشكل مؤقت".
وأوضح أن إيران تطمح في أن يكون هناك اتفاق مدته 8 سنوات، وتتخوف من اتفاق مؤقت يعيدها إلى سوق الطاقة بما يؤثر إيجابيًا على أسواق الطاقة في الشتاء، لكنه يضرها فيما بعد.
كما لفت الزويري إلى اختلاف المشهد السياسي الداخلي في إيران عام 2015 عن المشهد الحالي الذي هو ذو لون واحد، وسط غياب أقطاب مختلفة تتجاذب الآراء حول الاتفاق. واعتبر أن التطور الذي يتعلق بإيران داخليًا لا يقل أهمية عن التطور المقبل في المشهد السياسي الأميركي الداخلي.
وقال: "إن النقاش السائد في إيران حاليًا هو كيف يمكن أن تروج لفكرة الاتفاق في الداخل الإيراني بطريقة تقنعه بأنه استفاد منها".