ضمن سلسلة من التسريبات الأخيرة لوثائق داخلية من شركة "فيسبوك"، أظهر استطلاع أعده باحثون من الشركة أن مستخدمًا من بين 8 مستخدمين لمنصة فيسبوك يعانون من الاستخدام القهري لشبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على حياتهم سواء من حيث عادات النوم أو العمل أو العلاقات الاجتماعية.
ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الاستطلاع الذي أشار إلى أن أنماط الاستخدام هذه تعكس أشكالًا تُعرف باسم "إدمان الإنترنت".
وأظهرت الوثائق أن حالة مستخدمي فيسبوك كانت أسوأ من أي منصّة وسائط اجتماعية رئيسية أخرى.
وركّز الباحثون على "رفاهية المستخدم"، بحيث اقترحوا مجموعة من الإصلاحات، والتي تمّ تنفيذ بعضها، وبناء مزايا اختيارية للتشجيع على تقليل وقت استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وإعادة هندسة الإشعارات بطريقة مختلفة.
ولكن الشركة أغلقت القسم الذي يعمل به هؤلاء الباحثون في أواخر 2019.
وقالت المتحدثة باسم فيسبوك، داني ليفر: إن الشركة بدأت في الأشهر الأخيرة في صياغة تغييرات جديدة لمعالجة ما تسميه "الاستخدام الإشكالي" لضمان عدم التأثير على الصحة العقلية أو مخاوف أخرى تتعلّق برفاهية المستخدم.
وأضافت أن بعض الناس يعانون من إجهاد من تقنيات أخرى مثل التلفاز أو الأجهزة الخلوية الذكية، ولهذا أضافت فيسبوك أدوات وضوابط لمساعدة الأشخاص على إدارة الوقت.
تغيير روتين
وتوثّق الملفات التي تكشفها "وول ستريت جورنال" أن شركة فيسبوك تعرف أن نجاح أنظمتها ومنتجاتها قائم على تغيير روتين المستخدم، بما قد يسبب أضرارًا كبيرة لشريحة واسعة من المستخدمين. فبالنسبة لبعضهم، مثل الفتيات المراهقات أو ضحايا الاتجار بالبشر، يمكن أن تكون المخاطر كبيرة.
وإذ أبدى الباحثون في فريق الرفاهية قلقهم من أن بعض المستخدمين يفتقرون إلى التحكم في الوقت الذي يقضونه باستخدام فيسبوك، وبالتالي يعانون من مشاكل في حياتهم، أكدوا، في الوقت نفسه، أنهم لا يعتبرون السلوك "إدمانًا إكلينيكيًا" لأنه لا يؤثر على الدماغ بنفس طريقة القمار أو تعاطي المخدرات.
مخاطر كبيرة
وفي إحدى الوثائق، أشاروا إلى أن "الإفراط في الأنشطة مثل التسوق والجنس واستخدام فيسبوك، قد يسبب مشاكل لبعض الأشخاص".
ووفقًا للوثائق، تشمل هذه المشاكل فقدان الإنتاجية، خصوصًا عندما يتوقّف الأشخاص عن إكمال المهام في حياتهم للتحقق من فيسبوك بشكل متكرر، وفقدان النوم عندما يظلون مستيقظين في وقت متأخر لتصفّح التطبيق، وتدهور العلاقات الشخصية عندما يستبدل الأشخاص الوقت الذي يُمكن أن يقضيه مع محيطه بقضاء الوقت على الإنترنت.
وكتب الباحثون أنه في بعض الحالات "ركّز الآباء على فيسبوك أكثر من الاهتمام بأطفالهم أو الارتباط بهم".
تأثير واسع
وقدّر الباحثون أن هذه المشكلات تؤثر على نحو 12.5% من مستخدمي فيسبوك الذي يقترب عددهم من 3 مليارات مستخدم، ما يعني تأثر نحو 360 مليون مستخدم، حوالي 10% منهم في الولايات المتحدة فقط.
ووفقًا للباحثين، تتعدّى المشاكل استخدام تطبيق فيسبوك إلى جميع منصّات الشركة من إنستغرام وواتساب، ومنصات أخرى مثل تويتر وسنابتشات.
وأشار الباحثون إلى أن الضغط الذي يشعر به مستخدمو فيسبوك لناحية الرد على الرسائل والبحث المتكرر عن محتوى جديد، منتشرة أيضًا على نطاق واسع في استخدام الهواتف الذكية.
وقال براين بريماك، أستاذ الصحة العامة والطب وعميد كلية التعليم والمهن الصحية في جامعة أركنساس، إن النتائج التي توصّل إليها باحثو فيسبوك تؤكد الأبحاث السابقة التي أجراها باحثون من خارج الشركة وتحدّثت عن التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على حياة المستخدمين.
وتابع بريماك حوالي ألف مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي على مدى ستة أشهر في مسح تمثيلي على المستوى الوطني، ووجد أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كان المؤشر الأول للإصابة بالاكتئاب.