رأت صحيفة "لكسبرس" الفرنسية، أنّ كامالا هاريس التي ضمنت منذ الجمعة بطاقة الترشّح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي بحصدها تأييد أكثر من نصف مندوبيه في تصويت أُجري عبر الإنترنت، تواجه عدة عقبات أمام منافسها الجمهوري دونالد ترمب، أهمها قضية الهجرة، والتي من المرجّح أن يستغلّها الجمهوريون بشكل جيد في محاججاتهم ضدها.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أنّه بينما لم يتبق أمامها سوى 3 أشهر لإقناع الناخبين، تحتاج هاريس إلى جذب الديمقراطيين المعتدلين والجمهوريين الوسطيين إلى صفها، دون فقدان دعم اليساريين. كما سيكون اختيار نائب الرئيس حاسمًا لتحقيق التوازن في حملتها.
وذكرت الصحيفة أنّ هاريس ومنذ انسحاب الرئيس الحالي جو بايدن من السباق إلى البيت الأبيض، تعمل على تجنّب أخطاء حملة 2019 عندما تنافست في الانتخابات التمهيدية الرئاسية لحزبها.
يومها كانت هاريس عضوًا في مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا، وحلّت في مقدمة استطلاعات الرأي مع بداية حملتها الانتخابية، قبل أن تنهار شعبيتها بعد اتخاذها عدة قرارات خاطئة بالتعامل مع خصومها وتقييمها للقضايا التي تهم الولايات المتحدة، مثل إصلاح نظام الرعاية الصحي.
أما الآن، وبعد 4 سنوات، فهي تعود لتُنافس على الرئاسة الأميركية أمام المرشّح الجمهوري الرئيس الأسبق دونالد ترمب، لكنّ لا مجال للخطأ أمامها.
أزمة الهجرة غير النظامية
ووفقًا لفرانسواز كوست أستاذة الحضارة الأميركية في جامعة تولوز جان جوريس، فإنّ إدارة أزمة الهجرة غير النظامية على الحدود المكسيكية هي "المهمة الرئيسية التي أوكلها بايدن إلى نائبته خلال ولايتها الرئاسية، لكنّها لم تنجح بالتعامل معها".
وأضافت كوست: "في المقابل تُعتبر أزمة الهجرة القضية الأولى لترمب، ولذلك فإنّ الجمهوريين سيخوضون حملتهم حولها ولن يستسلموا".
وذكرت الصحيفة أنّه في السنة المالية 2022، تعامل وكلاء الجمارك وحماية الحدود الأميركية مع ملفات أكثر من 2.1 مليون مهاجر وافد، وهو رقم قياسي تاريخي يتجاوز بكثير الرقم الذي سُجّل عام 2021، عند 1.7 مليون.
وأوضح تشارلز كوبشان، المستشار السابق للرئيس الأسبق باراك أوباما، أنّ خطة هاريس الأولية خلال إدارة بايدن، هي محاولة تحسين ظروف الحياة في بلاد المصدر مثل السلفادور وهندوراس وغواتيمالا لمنع الهجرة منها، وهي سياسة مُشابهة لسياسة الاتحاد الأوروبي في إفريقيا.
وأضاف كوبشان أنّ إدارة بايدن كانت ملتزمة بتحقيق سياسة هجرة أكثر إنسانية من سياسة ترمب، ما أدى إلى زيادة أعداد المهاجرين غير النظاميين.
ومن غير المستغرب أن يجد ترمب وأتباعه متعة كبيرة في الضغط على نقطة الضعف هذه.
ففي إعلان تلفزيوني صدر يوم الثلاثاء 30 يوليو/ تموز الماضي، قال الحزب الجمهوري عن هاريس: "إنّها قيصر حدود أميركا، وقد خانتنا!. هي فاشلة وضعيفة وليبرالية بشكل خطير".
استقطاب ناخبين
ولإقناع الناخبين الجمهوريين الوسطيين والمستقلّين، يتعيّن على هاريس استغلال نجاحاتها في منصب المدعي العام لسان فرانسيسكو، الذي شغلته بين عامَي 2004 و2011، ثمّ في كاليفورنيا بين عامَي 2011 و2017.
كما يتحتّم عليها الموازنة بين الأحزاب الديمقراطية واليساريين، إذ يعتبر البعض أنّها تميل نحو اليمين في موقفها من القضايا الأمنية، ما قد يجذب الجمهوريين المعتدلين والوسطيين والديمقراطيين. ولكنّ هذه المواقف عرّضتها من قبل لانتقادات من قبل الجناح اليساري في حزبها.
وقال ألكسيس بويسون، الصحفي المستقلّ المقيم في الولايات المتحدة: إنّ هاريس تُعتبر "تقدّمية للغاية بالنسبة للمعتدلين بسبب مواقفها اليسارية بشأن الضرائب"، مضيفًا أنّه "يُنظر إليها على أنّها حازمة للغاية بالنسبة للتقدّميين، وتقدّمية للغاية بالنسبة للمعتدلين بسبب مواقفها اليسارية بشأن الضرائب".
وذكرت الصحيفة أنّه على عكس حملتها الفاشلة عام 2019، يتعيّن على هاريس بناء صورة أقوى وبوتيرة أسرع في قضايا مهمة للأميركيين مثل إصلاح الرعاية الصحية، قبل أن تسرق منها "آلة ترمب" هذه الفرصة.
وأضافت أنّه بسب خلفيتها الحضرية، على هاريس إيجاد طرق للتواصل مع الناخبين في مناطق الريف.
وقال لوريك هينيتون، محاضر في جامعة فرساي سان كوينتين، إنّ "هاريس لا تندمج بسهولة في مثل هذه الأجواء على غرار مصافحة روّاد المطاعم والتقاط الصور مع الزبائن، وبالتالي يجب أن نراقب حملتها وردود الفعل التي ستُثيرها، إذا ما كانت ناجحة أو مزيفة".
نائب الرئيس
إلى ذلك، سيكون اختيار نائب الرئيس حاسمًا لموازنة نقاط الضعف لدى هاريس.
ووفقًا للصحيفة، يُعتبر مارك كيلي عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا، خيارًا حكيمًا لمنصب نائب الرئيس، نظرًا لموقفه الصارم من الهجرة.
لكنّ في الوقت نفسه، قال هينيتون: "إذا ترك كيلي منصبه الحالي فسيفتح المجال لمنافس ديمقراطي أقلّ شعبية، ما قد يؤثر سلبًا على فرص فوز الحزب الديقراطي بانتخابات الكونغرس عام 2026".
وبينما اعتبرت الصحيفة أنّ كيلي "ليس الشخص المناسب لمساعدة هاريس في الفوز بولاية متأرجحة"، رأت أنّ "جوش شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا، خيارًا محتملًا لقدرته على جذب الناخبين بالولايات المتأرجحة، كما يمكن أن يكون آخرون مثل تيم والز حاكم ولاية مينيسوتا، أو آندي بشير حاكم ولاية كنتاكي، الأفضل لمقدرتهم على مخاطبة الناخبين الريفيين، وهو جمهور مهم بالنسبة لحملة هاريس".
وقال هينيتون: إنّ "أيًا من المرشّحين يستوفي جميع المتطلّبات، وكلّهم يمكن أن يُساعدوا في الفوز بشيء ما، ولكن لدى جميعهم عيوبًا أيضًا".
وأكد هينيتون أنّه إزاء كل ذلك، "يتعيّن على هاريس اتخاذ الخيارات الصحيحة خلال ثلاثة أشهر فقط".