كشف رئيس السلطة المستقلّة للانتخابات بالجزائر محمد شرفي، اليوم السبت، أن نسبة المُشاركة في الاقتراع بالانتخابات البرلمانية بلغت 10.2% عند الظهيرة (12:00 بتوقيت غرينتش) بعد 5 ساعات على انطلاقها، مضيفًا أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 3.7% بالنسبة للجالية في الخارج.
وصباح السبت، انطلقت عملية التصويت في إطار انتخابات تشريعية مبكرة يرفضها الحراك المطالب بتغيير النظام وجزء من المعارضة على خلفية قمع متزايد من السلطات.
وتحدّثت مراسلة "العربي" في الجزائر عن ترقّب لنسبة المشاركة بعدما شهد الاستحقاقان الانتخابيان السابقان (الاقتراع الرئاسي العام 2019 والاستفتاء الدستوري العام 2020)، نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت بلغت 60% و76% على التوالي.
وتُعدّ هذه الانتخابات النيابية الأولى في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، الذي وصل إلى سدة الحكم في انتخابات ديسمبر/ كانون الأول 2019، خلفًا لعبد العزيز بوتفليقة الذي أطاحت به انتفاضة شعبية غير مسبوقة في 22 فبراير/شباط من العام ذاته، بعدما أمضى 20 عامًا في الحكم.
وقلّل تبون، بعدما أدلى بصوته في مركز بسطاوالي في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، من نسب المشاركة المتدنية في الانتخابات السابقة، مشيرًا إلى أنّها "لا تهمه"، مضيفًا: "ما يهمّني أن من يصوّت عليهم الشعب لديهم الشرعية الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعية".
وأردف أن "من حقّ الرافضين للانتخابات مقاطعتها، لكن دون فرض رأيهم على الأغلبية".
مكاتب اقتراع لم تفتح
وبحسب رئيس السلطة الوطنية للانتخابات محمد شرفي، فإن نسبة المشاركة الأدنى، كما كان متوقعًا، كانت في منطقة القبائل بأكبر مدنها الثلاث تيزي وزو 0.47% وبجاية 0.76% والبويرة 5.25%. أما في العاصمة، فلم تتعدّ نسبة المشاركة في منتصف النهار 5.65%.
ونقل مدوّنون على مواقع التواصل الاجتماعي صور أوراق التصويت مرمية في الشوارع، كما حدثت مواجهات محدودة بين مواطنين ورجال الأمن. وبحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، تمّ توقيف عدة أشخاص في العاصمة وفي بومرداس القريبة منها، وكذلك في تيزي وزو.
وكان نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان سعيد صالحي، أكد لوكالة فرنس برس أنّ أغلب المكاتب لم تفتح في تيزي وزو وبجاية، كما حدث في الانتخابات الأخيرة حيث كانت نسبة المشاركة قريبة من الصفر في هذه المنطقة.
وفي آخر انتخابات نيابية، شهدتها الجزائر عام 2017، بلغت نسبة المشاركة 15.58% في نفس التوقيت، واستقرّت النسبة النهائية عند 38.25%.
وحسب السلطة المستقلّة للانتخابات، يبلغ عدد الناخبين المسجلين نحو 24 مليونًا، من أصل نحو 43 مليونًا تعداد سكان البلاد، منهم 902 ألف و865 ناخبًا مسجّلًا بالخارج بدأوا التصويت بعدة مراكز دبلوماسية، الخميس.
وأُفرج ليل السبت-الأحد عن ثلاث شخصيات بارزة في الحراك: كريم طابو، وإحسان القاضي الذي يدير موقع "مغرب إيمارجون" و"راديو ام" القريب من الحراك، والصحافي خالد درارني الذي يتعاون مع الإذاعة ذاتها. وكان الناشطون أُوقفوا الخميس.
استشرافات شيطانية
ويأمل النظام بنسبة مشاركة تراوح بين 40 و 50% على الأقل. وتبدو السلطة مصمّمة على تطبيق "خارطة الطريق" الانتخابية التي وضعتها، متجاهلة مطالب الشارع (دولة القانون والانتقال الديمقراطي والقضاء المستقل).
ودُعي نحو 24 مليون ناخب لاختيار 407 نواب جدد في مجلس الشعب الوطني (مجلس النواب في البرلمان) لمدة خمس سنوات. وعليهم الاختيار من بين 2288 قائمة - أكثر من نصفها "مستقلة" - أي أكثر من 22 ألف مرشّح.
وهي المرة الأولى التي يتقدّم فيها هذا العدد الكبير من المستقلّين ضد مرشحين تؤيدهم أحزاب سياسية فقدت مصداقيتها إلى حد كبير، وحُمّلت المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمرّ بها الجزائر مند حوالي 30 شهرًا.
من جهة أخرى، قرّرت الأحزاب الإسلامية المرخّص لها المشاركة في الاقتراع من أجل "المساهمة في القطيعة والتغيير المنشود".
ويتوقّع بعض المُحلّلين حصول هذه الأحزاب الإسلامية على غالبية نسبية في المجلس.
وترى مجموعة الأزمات الدولية أنه "في سيناريو محتمل، قد تجتمع القوى السياسية المنبثقة عن هذه الانتخابات لتشكيل ائتلاف هدفه استمرار النظام".
ويقبع ما لا يقلّ عن 222 من سجناء الرأي خلف القضبان في الجزائر بسبب نشاطهم في الحراك أو الدفاع عن الحريات الفردية، بحسب اللجنة الوطنية للافراج عن المعتقلين.
وعبّرت منظمة هيومن رايتس ووتش الجمعة عن أسفها لأن "وعود الرئيس تبون الفضفاضة بالانفتاح والحوار تتحطم على صخرة واقع القمع في الجزائر"، ودانت "التصعيد القمعي المخيف".