رفع الخصوم السياسيون في لبنان السلاح فيما بينهم بعدما احتدم التوتر السياسي على مدى أسابيع، على خلفية الجدل بشأن مسار التحقيق حول انفجار مرفأ بيروت.
حزب الله وحركة أمل حشدا في الشارع لتنتهي هذه الخطوة باشتباكات اتهم حزب الله مجموعات من حزب القوات اللبنانية بالوقوف خلفها فيما نفى الأخير هذا الأمر.
وعاشت شوارع في بيروت ساعات تحت وابل الرصاص الكثيف، قبل أن يعود الهدوء الحذر ليسيطر بعد اتصالات سياسية وانتشار مكثف للجيش في الأحياء.
وقبل أيام لم يخف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله اتهامه للمحقق العدلي بقضية انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار وإدانته للتحقيق وتحذيره من كارثة محتملة.
وعلى الطرف الآخر لم يتوقف الحشد أيضًا، حيث رد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على الوعيد بالاحتكام للتظاهر باستدعاء حشد مضاد. وهكذا بعد التهديد كان التنفيذ.
وضع مشحون
الكاتب السياسي قاسم قصير يرى أن "ما حصل اليوم هو اعتداء واضح على متظاهرين كانوا متجهين إلى قصر العدل لتنفيذ مسيرة سلمية، حيث تم إطلاق النار عليهم وسقط ضحايا معظمهم أصيب برصاص القنص".
ويلفت قصير في حديث إلى "العربي" من بيروت إلى أنه لا إجابات حاسمة حتى الساعة حول الجهة التي أطلقت رصاص القنص، لكنه يكشف أن "بعض المعلومات الأمنية توجه أصابع الاتهام في هذا الإطار إلى عناصر من حزب القوات اللبنانية، خصوصًا أن سمير جعجع كان أطلق تهديدًا بإقفال البلد من أجل مواجهة حزب الله".
قصير الذي يصف الوضع في لبنان بالـ"مشحون"، يسأل:" هل من المقبول إطلاق النار بشكل مباشر على متظاهرين سلميين إذا كان البلد يشهد سجالًا سياسيًا؟".
ويتحدث قصير عن سقوط 8 ضحايا "من جهة واحدة" إثر الاشتباكات التي وقعت اليوم.
"فائض القوة لدى الحزب أوصل الأمور إلى هنا"
في المقابل، يشدد أمين سر كتلة الجمهورية القوية فادي كرم على أن موقف القوات اللبنانية هو الذهاب إلى المواجهة السياسية والقانونية وليس العسكرية.
ويوضح كرم في حديث إلى "العربي" من بيروت كلام جعجع عن المواجهة، لافتًا إلى أنه جاء بعد تهديد نصر الله بـ"قبع" المحقق العدلي وباللجوء إلى الأرض والشارع.
ويعتبر أن فرض حزب الله رأيه على الأطراف الأخرى و"فائض القوة" لدى الحزب هما ما أوصلا الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم.
ويشرح كرم أن "إطلاق النار لم يحصل على طريق قصر العدل أو عندما كانت هناك تظاهرة سلمية لا سلاح فيها؛ بل في شارع بعيد جدًا في منطقة عين الرمانة عندما دخلت إلى المنطقة مجموعة مدججة بالسلاح من عناصر حزب الله وحركة أمل".
ويلفت إلى أن هذه المجموعة اعتدت على المواطنين في الشارع حيث سقط 4 جرحى من أهالي المنطقة، وعندها بدأت اشتباكات بالأيادي والعصي والحجارة، وثم بدأ إطلاق النار. وقال:" لا نعرف من بدأ بإطلاق النار، ونلجأ لنتائج التحقيق للكشف عن هوية مطلقي النار".
تهديدات سبقت الاشتباكات
المحلل السياسي إبراهيم منيمنة يرى أن الشارع اللبناني في حال إحباط من ممارسات الطبقة السياسية التي اعتادت افتعال المشاكل في ما بينها لتتهرب من الاستحقاقات.
ويقول في حديث إلى "العربي" من بيروت: "نحن اليوم أمام استحقاق حقيقي في موضوع استقلالية القضاء وكانت الكلمة النهائية في الشارع، وسبق ذلك تهديد نصر الله بذلك وكذلك تهديد وزير الثقافة التابع لحركة أمل في مجلس الوزراء حول الموضوع".
ويشير إلى أن هذه التصاريح تعني تهديدًا واضحًا وعلنيا بحصول عنف، معتبرًا أن الهدف هو الوصول في النهاية إلى حلول بين الفرقاء السياسيين تحت الضغط الأمني.
ويذكّر منيمنة بأحداث أمنية سبقت اشتباكات بيروت ولم يصل التحقيق فيها إلى نتيجة على غرار أحداث خلدة أخيرًا، لافتًا إلى أنه وفي ما يتعلق بحزب الله هناك تكريس لنقطة أنه فوق القانون وبعيد عن المساءلة.