بعد مفاجئة جاءت بها الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة لصالح الحزب الديمقراطي الذي ينتمي له الرئيس جو بايدن، احتفل الديموقراطيون بالفوز بالغالبية في مجلس الشيوخ الأميركي وسط حالة من الذهول والتشتت خيمت على الجمهوريين، ولا سيما بعدما تمكن الحزب الديمقراطي من تأمين قاعدة هامة من الدعم السياسي والتشريعي ترافق بايدن حتى نهاية ولايته الرئاسية.
وعلى الرغم من أن مصير مجلس النواب لا يزال معلقًا، إلا أن استعادة الديمقراطيين السيطرة على مجلس الشيوخ في انتخابات توقع الكثيرون خسارتهم فيها بفارق كبير يعد انتصارًا كبيرًا.
وخلال حضور بايدن قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا في كمبوديا قال: "لدي شعور جيد وأنا أتطلع الى العامين المقبلين".
فوز كبير للديمقراطيين
ومجلس الشيوخ يشرف على المصادقة على تعيين القضاة الفدراليين والوزراء وغير ذلك من المناصب الهامة، وبقاء المجلس ذي المئة مقعد إلى جانب بايدن هو بمثابة هدية له بينما يسعى لمتابعة تنفيذ برامجه.
وجاءت اللحظة الحاسمة في انتخابات مجلس الشيوخ في وقت متأخر السبت الماضي، مع إعلان فوز المرشحة الديمقراطية كاثرين كورتيز ماستو في نيفادا، ما رجح كفة الحزب الديمقراطي بنيله المقاعد الخمسين المطلوبة لضمان الغالبية.
ويمكن لنائبة الرئيس كامالا هاريس أن تؤمن بصوتها الغالبية للديمقراطيين حتى لو نال كل حزب خمسين مقعدًا بالتساوي.
ويبقى مقعد واحد لم يُحسم بعد في انتخابات مجلس الشيوخ بانتظار جولة الإعادة في ولاية جورجيا المقررة في 6 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ويمكن للديمقراطيين من خلالها أيضًا تعزيز غالبيتهم.
انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.. بيانات تظهر تغيير مئات آلاف الأميركيين لانتمائهم الحزبي، والمرشحون يتسابقون لإقناعهم بالبقاء في نفس الحزب#العربي_اليوم #أميركا تقرير: ريما أبو حمدية pic.twitter.com/9m2dHuYDAq
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) November 3, 2022
وقال زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: إن النتيجة كانت "إثباتًا" لإنجازات الديمقراطيين، ورفضًا صريحًا "للاتجاه المناهض للديمقراطية والسلطوي والمشين والمثير للانقسام" الذي قدمه الرئيس السابق دونالد ترمب وأنصاره.
"بايدن بات أقوى"
وكان ترمب من أكثر المتضررين في الانتخابات مع خسارة العديد من المرشحين الذين أيدهم شخصيًا.
ومن المتوقع أن يعلن ترمب الثلاثاء ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2024، وهو إعلان خطط له قبل الانتخابات ليكون استكمالًا للموجة الحمراء التي توقعها، وهو رغم النتائج "المخيبة لآماله"، إلا أنه لا يزال يتمتع بدعم شعبي كبير.
وفي هذا الإطار، قال المستشار للحزب الديمقراطي كريس لابتينا: إن فوز الجمهوريين في مجلس النواب قد يشكل مشكلة سياسية لبايدن، لكن رغم ذلك فإن بايدن بات أقوى من السابق عقب الانتخابات النصفية.
وأضاف لابتينا في حديث إلى "العربي" من واشنطن، أن جزءًا من انتصار الحزب الديمقراطي يتمثل بوجود عدد كبير من المقترعين اختار الحزب الديمقراطي ورفض المدعومين من قبل ترمب.
"سيل صغير هزيل"
وأثنت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، أمس الأحد، على أداء حزبها القوي، متحدثة عبر شبكة "سي إن إن" كيف أن الموجة الحمراء التي تنبأ بها الحزب الجمهوري والخبراء انتهت إلى أن تكون "سيلًا صغيرًا هزيلًا"، حسب تعبيرها.
في هذه الأثناء لم يعد أمام الجمهوريين سوى إعادة النظر في الأخطاء التي حصلت ولا سيما أن الرياح السياسية كانت مؤاتية لهم قبل فتح صناديق الاقتراع.
وبعد حسم نتيجة مجلس الشيوخ، دعا السناتور الجمهوري عن ولاية ميسوري جوش هاولي الحزب الجمهوري إلى "بناء شيء جديد"، وغرد على تويتر قائلًا: "الحزب القديم مات. حان وقت دفنه".
هل يحافظ الديمقراطيون على الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي؟ #الولايات_المتحدة تقرير: جهاد العدوان pic.twitter.com/6NsBfEcKsq
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) November 12, 2022
وكان رد ترمب هو الإمعان في سرد مزاعم حول تزوير الانتخابات، وكتب على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" أن النتائج كانت "خديعة"، محملًا زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل مسؤولية ما حدث.
وكتب قائلًا: "إنه خطأ ميتش ماكونيل"، مشيرًا الى أن السناتور عن كنتاكي أساء إنفاق أموال الحملات الانتخابية.
وأضاف الرئيس السابق الذي لا يكن الود لماكونيل نتيجة خلافات بينهما منذ فترة طويلة: "لقد أطاح انتخابات منتصف الولاية، والجميع يحتقره".
أفضلية للسيطرة
لكن لا يزال أمام الجمهوريين أفضلية للسيطرة على مجلس النواب، ولكن بغالبية أقل بكثير مما كانوا يتصورونه قبل بدء الانتخابات الثلاثاء الماضي، والتي حشد لها ترمب وجال في الولايات وتوعد "بالنصر".
ويبقى انتظار ما ستؤول الأمور إليه بالنسبة إلى تطلعات ترمب لترشيح نفسه مجددًا للانتخابات الرئاسية ومدى تأثير الأداء الجمهوري الضعيف على مكانته في الحزب.
واعتبر حاكم ولاية ميريلاند المنتهية ولايته الجمهوري لاري هوغان أحد منافسي ترمب المحتملين في انتخابات 2024 أن على الحزب تغيير اتجاهه والمضي قدمًا.
وقال هوغان الذي ينتقد ترمب بشكل صريح في برنامج "حالة الاتحاد" على شبكة "سي إن إن" الأحد "إنها الانتخابات الثالثة تواليًا التي خسرنا فيها بسبب دونالد ترمب، وبعد ثلاث نكسات يجب أن تخرج".
وأضاف: "تعريف الجنون هو فعل الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا وتوقع نتيجة مختلفة"، معتبرًا أن"ظل دونالد ترمب يردد أننا سنفوز بقوة الى درجة السأم من الفوز. حسنًا، أنا سئمت من الخسارة".