الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

السجال المغربي - الإسباني.. هل يؤثر توتر العلاقة على شراكة الرباط مع أوروبا؟

السجال المغربي - الإسباني.. هل يؤثر توتر العلاقة على شراكة الرباط مع أوروبا؟

شارك القصة

رُفعت أمام القضاء الإسباني شكويان ضد زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي تتهمه بـ"التعذيب" وارتكاب "مجازر إبادة" (غيتي)
رُفعت أمام القضاء الإسباني شكويان ضد زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي تتهمه بـ"التعذيب" وارتكاب "مجازر إبادة" (غيتي)
قراءة في مصير المساعدات الأوروبية والشراكات الاقتصادية، في ضوء توتر العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ومدريد على خلفية "أزمة زعيم جبهة البوليساريو".

تشهد العلاقات بين الرباط ومدريد توترًا متزايدًا؛ إذ قالت وزارة الخارجية المغربية: إن أزمة زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية كشفت تواطؤ إسبانيا مع خصوم المغرب لتقويض وحدة أراضيه.

من جهته، رفض الجانب الإسباني هذه الاتهامات مؤكدًا أنها عارية عن الصحة، داعيًا إلى أن تكون العلاقة بين البلدين "مبنية على الاحترام".

ويستمع القضاء في إسبانيا، اليوم الثلاثاء، إلى زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي الذي رُفعت شكويان ضده بتهمة "التعذيب" وارتكاب "مجازر إبادة"، بعدما أثار استقباله في هذا البلد بداعي الاستشفاء شرارة أزمة بين الرباط ومدريد.

وهذه الجلسة هي محط اهتمام كبير في مدريد والرباط  على حد سواء، بعد توتر على أعلى المستويات في الشهر الأخير، بلغ ذروته مع وصول نحو عشرة آلاف مهاجر في منتصف مايو/ أيار الماضي إلى جيب سبتة الإسباني.

وأُدخِل غالي في أبريل/ نيسان الماضي إلى المستشفى في لوغرونيو، بسبب مضاعفات إصابته بكوفيد-19. ويستجوبه عبر الفيديو من مستشفى هذه المدينة الواقعة في شمال إسبانيا أحد قضاة المحكمة الوطنية العليا في مدريد.

"أزمة ثقة" بين المغرب وإسبانيا

وكانت المملكة المغربية قد أصدرت بيانًا شديد اللهجة، اتّهمت فيه مدريد بتقويض الثقة بينهما، معتبرة أن أساس الأزمة الخطيرة التي تعصف حاليًا بالعلاقات بين الجارين هي "مواقف إسبانيا العدائية واستراتيجيتها المسيئة تجاه قضية الصحراء".

وجاء في البيان أن "الأزمة ليست مرتبطة بحالة شخص، بل هي قبل كل شيء قصة ثقة واحترام متبادل تم الإخلال بهما".

وجاء بيان الرباط عشية مثول زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية أمام القضاء. وقد وجهت المغرب اتهامات إلى إسبانيا بالتستر على غالي، الذي دخل بهوية مزوّرة، بحسب السلطات المغربية.

"هجوم" على الحدود الإسبانية

أما الردّ الإسباني، فسرعان ما نقله رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الذي رفض البيان المغربي، مؤكّدًا أن العلاقات بين البلدين يجب أن يسودها الاحترام والثقة، مضيفًا أنه ليس من المقبول "أن تأمر حكومة بمهاجمة الحدود وأن تفتحها أمام الآلاف بسبب خلافات على صعيد السياسة الخارجية".

وقال سانشيز في تصريحه: "ما قاله وزير الخارجية المغربي أنه استخدم الهجرة، أي الاعتداء على الحدود الإسبانية من قبل أكثر من 10 آلاف مغربي، يبدو غير مقبول على الإطلاق بالنسبة لي، لذلك أرفض هذا البيان".

وتعيد التطورات الأخيرة كشف الوجه الخفي للعلاقات التاريخية بين البلدين، والتي طالما كان ملف الصحراء وملفات أخرى محور الخلاف فيها. وتؤكد إسبانيا التزامها بالحل السياسي ضمن قرارات الأمم المتحدة، بينما ترى الرباط أن الصحراء جزءٌ لا يتجزأ منها.

مستقبل العلاقة بين المغرب وإسبانيا

ويرى الباحث في القانون الدولي الدكتور إسماعيل خلف الله أن التوتر يزداد بين البلدين، ومسألة "الثقة الثنائية" بين الرباط ومدريد على المحك بسبب اختلاف وجهات النظر في القضية.

ويقول خلف الله في حديث إلى "العربي": "الرباط تريد أن تضغط على الاتحاد الأوروبي وعلى إسبانيا، سعيًا منها لتبني الموقف الذي اعتمده الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب حول أزمة الصحراء".

كما يشدّد الباحث، من باريس، على أن إسبانيا تتعاطى مع القضية الصحراوية على أنها قضية أممية تخضع للقانون الدولي، ويردف: "كان الرد على عكس ما توقعت الرباط لأن خلف إسبانيا يقف كل الاتحاد الأوروبي".

مصير الشراكة مع أوروبا

ويعتقد خلف الله أن المغرب، في هذه المواجهة، هو الخاسر، لأن الاتحاد الأوروبي بدأ يلوّح ويهدد بقطع المساعدات التي يقدمها للمغرب؛ إذ إن الرباط تتلقى مساعدات أوروبية على أساس مشاريع تنموية للشباب، ولكن "إقدام المغرب على السماح للمهاجرين غير النظاميين بدخول سبتة أثار حفيظة" الأوروبيين.

ولو كان للمغرب أوراق ضغط أخرى لاعتمدها على حدّ تعبير الباحث القانوني؛ إذ كان من المفترض أن يضغط على الاتحاد بطرق أخرى، لكن الأوروبيين الآن يستعدون لإعادة ترتيب اتفاقية جديدة، حتّى إنهم ذهبوا إلى حدّ وضع المغرب في خانة الدول غير الموثوق فيها بملف الهجرة، وفق خلف الله.

ويتابع قائلًا: ربما أرادت الرباط أن تثير قضية توقيف إبراهيم غالي باعتبارها محاولة لجلب الموقف الأوروبي إلى صالحها، لكن ذلك وضعها في موقف محرج مع أكبر داعم لها في الاتحاد، أي إسبانيا، الأمر الذي قد يكلّفها الكثير وقد يمتد ليطال الحلف التجاري والاقتصادي والزراعي بين المملكتين، وستكون الخسارة على الطرف المغربي، وذلك بسبب وجود العمالة المغربية في إسبانيا وشركات إسبانية في المغرب.

تابع القراءة
المصادر:
العربي