في بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل عام، عمد الاحتلال إلى التركيز على شمال قطاع غزة وروّج أنّ وسط القطاع وجنوبه مناطق آمنة لن تُستهدف.
ومع توغّل قوات الاحتلال الإسرائيلي من وادي غزة إلى جنوب المدينة، وفصلها الوسط عن الشمال، أُتيح للنازحين العبور نحو الوسط من خلال شارع صلاح الدين فقط، الذي يربط شمال القطاع بجنوبه.
وخلال عملية النزوح في هذا المسار، استهدفت قوات الاحتلال عددًا من المركبات التي كانت تُقل النازحينّ، وضاعف الاحتلال غاراته على وسط القطاع وجنوبه ما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات ممن نزحوا وغيرهم.
تقليص المساحات الآمنة
في 17 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، بدأ قصف المناطق الآمنة بأبشع المجازر، وأبرزها في استهداف مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 470 فلسطينيًا وجرح المئات.
وفي الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني، استهدف الاحتلال مدرسة الفاخورة في جباليا، ما أدى إلى استشهاد 200 فلسطيني. كما قصف حتى الآن نحو 180 مركز إيواء معظمها يعلوها علم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول، قلّص الاحتلال مناطق كبيرة من المساحات الآمنة في خانيونس مع بدء العملية البرية في المحافظة لتنحصر في 10% من مساحة المدينة.
وخلال العملية، روّج الاحتلال أنّ رفح منطقة آمنة وكذلك وسط القطاع، وبذلك كدّس مئات الآلاف ما بين رفح ومواصي خانيونس ووسط القطاع.
إلا أن ذلك لم يدم طويلًا، ففي السادس من مايو/ أيار الماضي، بدأ الاحتلال توغله في رفح التي تؤوي أكثر من 1.4 مليون نازح، زاعمًا أنّ العملية محدودة، إلا أنّها شملت معظم مناطق المحافظة، ليتكدّس النازحون في مواصي رفح ومواصي خانيونس، ناهيك عمّن استطاع الوصول إلى المحافظة الوسطى.
محرقة الخيام
في 26 مايو/ أيار، استهدفت طائرات الاحتلال عشرات خيام النازحين في منطقة محاذية لمخازن "الأونروا" في مواصي رفح، ما خلّف أكثر من 45 شهيدًا.
وبعد يومين فقط، عاود الاحتلال استهداف خيام النازحين، ليستشهد أكثر من 20 نازحًا معظمهم من النساء.
وارتكب الاحتلال في وسط القطاع إحدى أعنف مجازره في مخيم النصيرات، حيث استهدفت قوة خاصة أثناء انسحابها من المخيم، 89 منزلًا سكنيًا وشوارع بقصف جوي عنيف أسفر عن استشهاد 274 شخصًا، بينهم عائلات بأكملها.
وفي 13 يوليو/ تموز، قصفت طائرات الاحتلال بثمانية صواريخ تجمعًا لخيام النازحين عند مفترق النص غرب خانيونس، إحدى أكثر المناطق اكتظاظًا بالنازحين، ما أدى إلى استشهاد قرابة 100 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال.
مجازر في الشمال
ولم تغب المجازر عن الشمال، حيث قصفت طائرات الاحتلال في 10 أغسطس/ آب، مصلى "مدرسة التابعين" خلال أداء صلاة الفجر، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 100 فلسطيني.
وتقدمت آليات الاحتلال بشكل مفاجئ في 20 أغسطس/ آب، إلى شارع الطيبة في المواصي الشمالية الغربية لخانيونس، وأطلقت نيرانها باتجاه الخيام ما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات.
وفي العاشر من سبتمبر/ أيلول، قصفت طائرات الاحتلال بخمسة صواريخ تجمعًا لخيام النازحين في مواصي خانيونس الجنوبية الغربية، ما أدى إلى استشهاد قرابة 40 فلسطينيًا.
وباستمرار، قلّص جيش الاحتلال بفعل عملياته المستمرة، مساحة المنطقة الآمنة لتصل في عموم القطاع إلى 10% تقريبًا من مساحته. وفي هذه المساحة نفسها، ارتكب معظم المجازر التي ذُكرت أعلاه، فيما يعيش أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني.