على امتداد حكمها المستمر لـ70 عامًا، اضطرت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية لخرق البروتوكول في مناسبات قليلة، لكنها في الخامس من سبتمبر/ أيلول عام 1997، اختارت طوعًا أن تفعل ذلك لأكثر من مرة، لتهدئة الغضب العام الذي ساد البلاد يومها.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أنه بعد وفاة الأميرة ديانا في حادث سيارة مأساوي في 31 أغسطس/ آب 1997، التزمت الملكة الصمت، ولم تصدر بيانًا رسميًا حول الحادثة، فيما اعتبر "زلة نادرة وكبيرة" في عهد الملكة.
وفي غضون ساعات من وفاة ديانا، أصدر رئيس الوزراء آنذاك توني بلير بيانًا أشار فيه إلى "أميرة الشعب". وبكت الحشود في الشوارع، وامتلأت عشرات كتب العزاء برسائل التعزية، وامتلأت جميع القصور الملكية بباقات الزهور على الرغم من عدم وجود أحد فيها.
أما العائلة الحاكمة فبقيت في بالمورال في إسكتلندا، بينما كان تابوت ديانا وحيدًا في قصر سانت جيمس في لندن.
وقالت الصحيفة: "بدا الأمر وكأنه يرمز إلى طرد فتاة خجولة وغير آمنة من الحظيرة الملكية ومطاردتها، ربما حرفيًا، حتى الموت".
ومع مرور الأيام، ودون بيان من الملكة، أو حتى إشارة لارتدائها الملابس السوداء، ازداد غضب البريطانيين، الذين أرادوا رؤية الحزن الذي شعروا به ينعكس على ملكتهم. وانعكس ذلك أيضًا على الصحف التي عنونت: "أين هي ملكتنا؟"، و"أظهري لنا أنك تهتمين"، و"شعبك يعاني، تحدّثي إلينا يا سيدتي".
وفي يوم الخامس من سبتمبر، عادت الملكة إلى لندن "لتعطي ديانا حقها" وفقًا للصحيفة، التي أوضحت أن أول خرق للبروتوكول كان عندما وصلت سيارة الملكة إلى بوابات قصر باكنغهام، وبدلًا من المرور عبر البوابة، ترجلت الملكة من السيارة، وسارت بجانب "أمواج" من الزهور، وحيّت الحشد "بصلابة وبحرج".
وفي مساء ذلك اليوم، ألقت الملكة خطابًا على الهواء مباشرة، وهو خروج آخر عن البروتوكول، لأنها فعلت ذلك من أجل وفاة امرأة ليس لها دور رسمي في العائلة الملكية.
في خطابها، بدت الملكة متوترة، وبينما كانت تشيد بالأميرة الراحلة، ألمحت إلى غضب الناس من صمتها، قائلة: "لقد حاولنا جميعًا أن نتأقلم بطرقنا المختلفة. ليس من السهل التعبير عن الإحساس بالخسارة لأن الصدمة الأولية غالبًا ما يتبعها مزيج من المشاعر الأخرى: عدم التصديق، وعدم الفهم، والغضب".
وفي اليوم التالي، أي في يوم الجنازة، حدث "أكبر خرق للبروتوكول"، عندما وقفت الملكة مع عائلتها، ولدى مرور موكب جنازة ديانا، أحنت رأسها.
وذكرت الصحيفة أنها "لم تكن انحناءة سريعة ولا سطحية. فالمرأة التي اعتادت أن ينحني لها العديد من سكان العالم، أحنت رأسها، وكرّمت الأميرة الراحلة بتواضع".
وأشارت إلى أن تلك الانحناءة هي التي "كسرت حمى الغضب ضد الملكة وأسرتها".