تحولت الصحافية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة إلى شاهدة جديدة على جرائم ووحشية الاحتلال الإسرائيلي.
فالخوذة التي اعتمرتها والسترة الواقية التي كتب عليها "صحافة" لم تحمياها من رصاصة الموت التي استقرت في وجهها أسفل الأذن ما أدى إلى تهتك واسع للدماغ والجمجمة.
وتشير معطيات أولية إلى أن الجريمة حصلت عن سابق تصور وترصد وبدم بارد وفقًا لزميلها الصحافي علي السمودي الذي كان برفقتها والذي أصيب بدوره برصاصة في الظهر.
وفيما أدانت الفصائل الفلسطينية الجريمة، معتبرة أنها "مكتملة الأركان"، وضعت السلطة الاغتيال في سياق سياسة ممنهجة للاحتلال لاستهداف الصحافيين وطمس الحقيقة وارتكاب الجرائم بصمت.
وقد توالت بيانات الاستنكار التي أصدرتها حكومات ومنظمات حقوقية ودولية، كما نظم صحافيون وقفات احتجاجية في دول عدة حول العالم.
وباغتيال شيرين أبو عاقلة، يرتفع عدد الصحافيين الشهداء في فلسطين إلى 55 منذ عام 2000. أما المضايقات، فيتجاوز الموثَّق منها 7000 حالة.
استشهاد 55 صحفيا منذ سنة 2000.. #شيرين_أبو_عاقلة شاهدة جديدة على وحشية الاحتلال#للخبر_بقية #فلسطين pic.twitter.com/EjaWC5aiBn
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 11, 2022
"جريمة إعدام مقصودة"
ترى المحامية المختصة بالقانون الجنائي الدولي ديالا شحادة أن ما تعرضت له شيرين أبو عاقلة هو جريمة إعدام مقصودة، وتأتي في إطار الاستهداف الواسع للمدنيين في الضفة وغزة.
وتشدد في حديث إلى "العربي" من بيروت على ضرورة أن تطلب السلطة الفلسطينية من مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية التدخل العاجل للمشاركة في التحقيقات والفحوصات الفنية المتعلقة بهذه الجريمة بالإضافة إلى الجرائم السابقة التي تحقق فيها.
وتشير إلى أن الجانب الإسرائيلي سبق ورفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بعدما أعلنت الأخيرة قبل نحو عام فتح تحقيقات في الجرائم التي ارتُكبت في الأراضي المحتلة منذ منتصف عام 2014.
وتعتبر أن امتناع إسرائيل عن الإذعان للقانون الدولي في جرائم مثل استهداف المدنيين يدل على تنصل من المسؤولية ورفض لتطبيق القانون.
رسالة إلى الصحفيين
من جهته، يؤكد رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين يونس مجاهد أن الاتحاد دائمًا ما يندد بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد صحافيين فلسطينيين وغيرهم، وضد مقرات الصحافة والإعلام.
ويقول في حديث إلى "العربي"، من الرباط، إن الرسالة من وراء عملية الاغتيال الجديدة واضحة، تتمثل باستمرار سياسة إرهاب الصحافيين وإسكات صوتهم لمنعهم من نقل الحقيقة.
ويضيف أن ما حصل ليس فقط جريمة ضد الصحافة بل أيضًا ضد الإنسانية، لأن القانون الإنساني الدولي ينظم عمل الصحفيين، لافتًا إلى أن هناك إجراءات دولية يجب اعتمادها إلى جانب إحالة ما حصل إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويجدد التأكيد على أنه لا يمكن استهداف المدنيين والصحفيين حتى في أماكن النزاعات لأن القانون الدولي يحميهم.
رفض إسرائيلي للرواية فلسطينية
أما عضو الأمانة العام لنقابة الصحافيين الفلسطينيين موسى الشاعر فيرى أن ما تريده إسرائيل من وراء جرائمها هو منع الحقيقة من الوصول إلى العالم، "إلا أنها لن تستطيع تحقيق هدفها لأن الشعب الفلسطيني لديه إصرار وإرادة كاملة للاستمرار بنقل معاناته إلى العالم".
ويشير في حديث إلى "العربي"، من رام الله، إلى أن الصحافيين الفلسطينيين يستمدون قوتهم من هذه الاعتداءات التي يمارسها الاحتلال ضدهم، كما أنهم يستمدون قوة من إرادة الشعب في الوصول إلى حريته واستقلاله ورغبته في بناء دولته.
ويقول إن الإسرائيليين لا يستطيعون قبول وجود رواية فلسطينية تنقل المعاناة والاعتداءات بمواجهة روايتهم المضللة التي يحاولون تعميمها إلى العالم.
ويعتبر أن الاعتداءات التي تطال الشعب الفلسطيني، يواجهها أيضًا الصحافيون الذين يعتبرهم الجانب الإسرائيلي جزءًا من الحدث وليسوا ناقلين للحقيقة.
ويشدد الشاعر على أن استهداف الصحافيين نابع عن قرار سياسي ممنهج أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو في العام 2002 خلال اجتياح للأراضي الفلسطينية المحتلة.