كمن ينكأ جرحًا لم يندمل؛ مؤلم كأنه غرزة طازجة في القلب، وغليظ لن يلتئم بمرور ألف عام. هكذا تُستعاد مع استشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة آلام الذاكرة الفلسطينية، التي نزفت شهداءها طيلة عقود، من دون أن يطالهم النسيان.
وأمام مشهد الاعتداء على الصحافيين صباح اليوم الأربعاء في جنين، والذي استشهدت على أثره برصاص الاحتلال مراسلة "الجزيرة"، فيما أُصيب علي السمودي وهدد الموت شذا حنايشة، استذكر مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي الشهيد الطفل محمد الدرة، وجريمة اغتياله على مرأى من العالم.
هؤلاء وجدوا نقاط تشابه بين الجريمتين، اللتين ارتكبهما احتلال يمعن في انتهاك الحقوق الفلسطينية، وإن باعد بينهما أزود من 21 عامًا.
وجوه #شهداء_فلسطين وابتساماتهم وأفكارهم وكلماتهم ودمعاتهم وصرخاتهم وأسماءهم تحلّق (للأبد) في قلوبنا كحمامات تحمل أغصان الزيتون. #غسان_كنفاني #محمد_الدرة #رزان_النجار #شيرين_ابو_عاقلة pic.twitter.com/vSY1C3WVck
— ريم العسيري (@reemeta22) May 11, 2022
هو توثيق تدين من خلاله الكاميرا، بالصوت والصورة وحشية المحتل ومظلومية الضحية، وفق ما يقولون.
عندما استُشهد الدرة بثّت اللقطة ـ التي استمرت لنحو دقيقة ـ إحدى القنوات الفرنسية في الثلاثين من سبتمبر/ أيلول عام 2000، مع احتدام المواجهات إبان انطلاقة "الانتفاضة الثانية"، ثم تناقلتها من بعدها الشاشات حول العالم.
وفي 11 مايو/ أيار 2022، كان تطور تقنيات التصوير والبث قد قصّر المسافات بين الموقع والمتلقي، فانتشرت سريعًا لقطات عملية الاغتيال.
وعبرها، تماهى في نظر مستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي أسلوب القتل لجريمتين فاعلهما واحد.
"ذكرى حية في القلوب"
فبرأيهم "ما أشبه اليوم بالبارحة"، وقد احتمت كل من أبو عاقلة وحنايشة بجدار فأطلق الاحتلال الرصاص باتجاههما، تمامًا كما فعل عندما استهدف محمد الدرة الذي احتمى بخاصرة والده خلف برميل إسمنتي في قطاع غزة.
في كلا المشهدين، طالت رصاصات الاحتلال بشكل مباشر ومتعمد الدرة ومن بعده أبو عاقلة، فيما كادت حنايشة والسمودي أن يكون مصيرهما الشهادة أيضًا.
هيفضل محمد الدرة ذكرى حية جوانا من الطفولة لآخر يوم.. وهيفضل صوت شيرين عالق في أذهانا مش هيتنسي والصورتين هيفضلوا شاهدين على جرم الإحتلال لا هيعرفوا يهربوا منهم ولا ينكروهم.. والسؤال امتي هيجي اليوم امتى الخلاص #شيرين_ابو_عاقله pic.twitter.com/c42FIg3VpY
— باسم 🇵🇸 (@Bassem622001) May 11, 2022
يؤكد باسم عبر "تويتر"، أن ذكرى الشهيدين ستبقى حية في القلوب؛ محمد الدرة منذ الطفولة وإلى الأبد. ومثله صوت شيرين سيظل في أذهاننا ولا ينُسى بمرور الزمن.
ويشدد على أن الصورتين ستظلان شاهدتين على جرائم الاحتلال، التي لن يتمكن من إنكارها.
وكان محمد الدرة قد اغتيل قبل أكثر من عقدين في طريق العودة، من رحلة بحثه ووالده جمال عن سيارة جديدة للعائلة، فاستهدفه يومها الاحتلال برصاصاته.
بدورها أبو عاقلة، أعدمتها قوات الاحتلال أثناء أدائها لعملها المهني وتغطيتها اقتحام مدينة جنين ومخيمها صباح اليوم الأربعاء.