انطلقت في اليابان، اليوم الأحد، انتخابات لتجديد نصف مقاعد مجلس الشيوخ، في استحقاق يطغى عليه اغتيال رئيس الوزراء السابق شينزو آبي قبل يومين خلال تجمّع انتخابي في نارا غربي البلاد.
فقد بدأ الناخبون منذ الصباح الباكر في الإدلاء بأصواتهم، حيث من المتوقع أن يحصل الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم (يمين قومي) على دعم قوي بعد اغتيال آبي رجل الدولة البارز في الحزب.
ويُنظر إلى انتخابات مجلس الشيوخ في اليابان على أنها استفتاء على أداء الحكومة الحالية، وقد أشارت استطلاعات الرأي الأخيرة بالفعل إلى أداء قوي للائتلاف الحاكم بقيادة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، الذي يتصدر مع حزبه الليبرالي بفارق كبير استطلاعات الرأي.
كما كان الأخير قد ندد بالهجوم "الهمجي" على آبي، مرشده في السياسة، مشدّدًا على أهمّية "الدّفاع عن الانتخابات الحرّة والنزيهة التي تشكّل أساس الديمقراطيّة"، مؤكدًا "عدم الاستسلام للعنف أبدًا".
وقُتل آبي، أطول رؤساء الحكومات بقاء في السلطة في اليابان في العصر الحديث والذي حكم البلاد أكثر من ثماني سنوات، بالرصاص يوم الجمعة الفائت، خلال إلقائه خطابًا لدعم مرشح محلي في واقعة اعتبرتها المؤسسة السياسية هجومًا على الديمقراطية ذاتها.
وقال محللون سياسيون: في ظل مشاعر الحزن التي تخيم على الشعب الياباني، يمكن أن يستفيد كل من الحزب الديمقراطي الحر وشريكه الأصغر في الائتلاف كوميتو من موجة محتملة من أصوات المتعاطفين.
وتوقفت الحملات الانتخابية، يوم الجمعة، بعد اغتيال آبي، لكن السياسيين استأنفوا الأنشطة الانتخابية أمس السبت.
وتُهيمن مخاوف محلية على الانتخابات، وفي طليعتها ارتفاع الأسعار والمخاطر المتعلّقة بإمدادات الكهرباء في ظل موجة الحرّ التي تطال اليابان منذ نهاية يونيو/ تموز مثيرة القلق من انقطاع في الكهرباء.
"الرأسمالية الجديدة"
في الإطار، تشير التوقعات إلى أن الائتلاف الحاكم بزعامة كيشيدا البالغ من العمر 64 عامًا وحليفه "كوميتو"، قد يفوز بأكثر من 70 مقعدًا من أصل 125، في الانتخابات التي تجري كل ثلاث سنوات وتشمل نصف مقاعد مجلس الشيوخ الـ 248 بالإجمال.
أما الحزب الديمقراطي الدستوري (يسار الوسط)، فمن المرجح أن يخسر وفق استطلاعات الرأي قسمًا من المقاعد الـ45 التي يشغلها حاليًا، إلى جانب فقدان موقعه باعتباره أول قوة معارضة لعدم عرضه بديلًا مقنعًا.
وفي بلد غالبًا ما يُنتقد لضعف التمثيل النسائي في مؤسساته وفي قيادة شركاته، تتضمن الانتخابات هذه السنة نسبة قياسية من المشاركة النسائية تبلغ 33% من المرشحين الـ545.
وفي حال تحقيقه فوزًا كبيرًا في انتخابات مجلس الشيوخ، سيتمكن فوميو كيشيدا من تعزيز سلطته بعدما دعا إلى سياسة اقتصادية تتضمن توزيعًا أكثر عدالة للثروات أطلق عليها اسم "الرأسمالية الجديدة"، عند أبواب مرحلة من ثلاث سنوات لا تتضمن أي استحقاق انتخابي.
كذلك كانت خطته لزيادة ميزانية الدفاع بشكل "كبير" قد حققت تأييدًا شعبيًا، في وقت تؤكد الصين بصورة متزايدة طموحاتها الجغرافية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
جنازة آبي
يذكر أن اغتيال آبي، أحدث صدمة كبيرة في اليابان وخارجها وتواردت رسائل التعازي من أنحاء العالم كافّة، بما في ذلك من الصين وكوريا الجنوبيّة اللتين يخيم التوتر في كثير من الأحيان على علاقاتهما باليابان، بينما يعتزم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن التوقف الإثنين في طوكيو لتقديم تعازيه شخصيًا.
في السياق، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مكتب آبي أن مراسم التأبين ستقام مساء غد الإثنين على أن تجري جنازة يوم الثلاثاء بحضور أسرة آبي وأقاربه فقط، وذلك بمعبد زوجوجي في طوكيو.
يذكر أن منفّذ الهجوم البالغ 41 عامًا الذي أوقِف في مكان عملية الاغتيال، أقر للشرطة بأنّه استهدف آبي عمدًا، موضحًا أنّه كان ناقمًا على منظّمة اعتقد أنّ رئيس الوزراء السابق على ارتباط بها، فيما ذكر إعلام ياباني أنّ الموقوف عنصر سابق في سلاح البحريّة الياباني، استخدم سلاحًا يدويّ الصنع.
وأقرّت الشرطة في منطقة نارا بوجود ثغرات أمنيّة "لا يمكن إنكارها" خلال التجمع الانتخابي الذي كان آبي يشارك فيه.