تنطلق اليوم الأحد، الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية، فيتوجه المواطنون إلى صناديق الاقتراع حيث ستحدد أصواتهم نتائج هامش المناورة في ولاية إيمانويل ماكرون الجديدة الممتدة للسنوات الخمس المقبلة في مواجهة يسار موحد.
ودعي نحو 48 مليون ناخب للتصويت في ظل موجة الحر التي تشهدها فرنسا، لكن الامتناع عن التصويت يتوقع أن يكون كبيرًا على غرار ما حصل في الجولة الأولى، وفقًا لاستطلاعات الرأي.
وتفتح مراكز الاقتراع الساعة 6,00 صباحًا ت غ وتغلق الساعة 16,00 ت غ باستثناء المدن الكبرى حيث مدد الموعد النهائي حتى الساعة 18,00 ت غ، على أن تبدأ التقديرات الأولى بالظهور تباعًا.
"الفوضى"
والمنافسة في هذه الانتخابات شديدة، لكن التوزيع الدقيق للمقاعد في الجمعية الوطنية، وبالتالي معرفة ما إذا كان ماكرون سيحصل على الأغلبية المطلقة أم لا، هو أمر لن يتضح قبل وقت متقدم من المساء.
وقال ماكرون إن الحرب في أوكرانيا تؤثر في الحياة اليومية للفرنسيين، مشددًا على ضرورة وجود "فرنسا أوروبية حقًا تستطيع التحدث بصوت واضح وصريح". كما لوح في الوقت نفسه بفزاعة "المتطرفين" الذين سيثيرون في حال فوزهم "الفوضى" في فرنسا، متهمًا إياهم بالرغبة في إخراج البلاد من أوروبا.
وإذا ما حصل على غالبية نسبية في الدورة الثانية، سيتوجب على ماكرون البحث عن دعم مجموعات سياسية أخرى.
الجولة الأولى
وأظهرت نتائج الجولة الأولى من التصويت الذي جرى الأحد الماضي أن معسكر الوسط الذي ينتمي له ماكرون يتفوق بفارق ضئيل للغاية على اليسار.
وحصل تحالف ماكرون "معًا"، المكون من أحزاب الوسط على 25.7% من الأصوات يوم الأحد، وفقًا للنتيجة النهائية التي أعلنتها وزارة الداخلية، بينما جاء التحالف الذي يتزعمه جان-لوك ميلونشون في المركز الثاني بنسبة 25.66%.
ويتوقع منظمو استطلاعات الرأي أن يحصد معسكر ماكرون أكبر عدد من المقاعد، لكنهم يقولون إنه ليس من المؤكد بأي حال من الأحوال الوصول إلى العدد المطلوب لتحقيق أغلبية مطلقة وهو 289 مقعدًا.
"شبح اليمين"
وتشير استطلاعات الرأي أيضًا إلى أن اليمين المتطرف سيسجل على الأرجح أكبر نجاح برلماني منذ عقود، في حين قد يصبح تحالف موسع من اليسار والخضر أكبر جماعة معارضة، وقد يجد المحافظون أنفسهم أصحاب نفوذ كبير فيما يتعلق باختيار المرشحين للمناصب العليا.
وإذا فشل معسكر ماكرون في تحقيق الأغلبية المطلقة، فسيؤدي ذلك إلى فترة من عدم اليقين يمكن حلها بقدر من تقاسم السلطة بين أحزاب لم يُسمع عنها في فرنسا على مدار العقود الماضية، أو قد يؤدي إلى شلل مطول وتكرار للانتخابات البرلمانية.
وفاز ماكرون بولاية ثانية في أبريل/ نيسان الماضي. ويريد ماكرون رفع سن التقاعد ومواصلة أجندته المؤيدة للأعمال التجارية وتعزيز الاندماج في الاتحاد الأوروبي.
وجرت العادة أنه بعد انتخاب الرئيس، يستخدم الناخبون الفرنسيون الانتخابات التشريعية التي تلي ذلك بأسابيع قليلة لمنح الرئيس أغلبية برلمانية مريحة، وكان الرئيس الراحل فرانسوا ميتران هو الاستثناء النادر لهذا الأمر عام 1988.
أحلام "اليسار"
ويمثل اليسار المتجدد تحديًا صعبًا، حيث أن التضخم المتفشي الذي يرفع تكلفة المعيشة يرسل موجات صادمة عبر المشهد السياسي الفرنسي.
تفاؤل داخل تحالف اليسار الفرنسي بالانتصار في الانتخابات البرلمانية القادمة#العربي_اليوم #فرنسا pic.twitter.com/WtMPBkHOUG
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 8, 2022
وقال مسؤولون في تلك الأحزاب، إنه إذا لم يحقق ماكرون وحلفاؤه أغلبية مطلقة بفارق قليل من المقاعد، فقد يميلون إلى استمالة نواب من يمين الوسط أو من المحافظين.
وإذا كان الفارق كبيرًا، فسيكون بإمكانهم إما السعي إلى تحالف مع المحافظين أو إدارة حكومة أقلية سيتعين عليها التفاوض على القوانين على أساس كل حالة على حدة مع الأحزاب الأخرى.
وحتى لو حصل معسكر ماكرون على 289 مقعدًا أو أكثر مما يحتاج لتجنب تقاسم السلطة، فمن المرجح أن يكون ذلك بفضل رئيس وزرائه السابق إدوارد فيليب، الذي سيطالب بأن يكون له رأي أكبر فيما يتعلق بقرارات الحكومة.
لذلك، فإنه بعد خمس سنوات من السيطرة بلا منازع، يبحث ماكرون عن تفويض جديد حيث سيحتاج إلى تقديم المزيد من التنازلات.
ولم تُظهر أي استطلاعات للرأي أن الجناح اليساري بقيادة جان لوك ميلينشون سيفوز بأغلبية حاكمة، وهو سيناريو قد يغرق ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو في فترة غير مستقرة من التعايش بين رئيس ورئيس وزراء من جماعتين سياسيتين مختلفتين.