"انهيار وتدمير ممنهج".. أشرف القدرة يشرح لـ"العربي" وضع مستشفيات غزة
نبه المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة اليوم السبت، إلى أن المنظومة الصحية في غزة تشهد تدميرًا ممنهجًا من قبل الاحتلال، وانهيارًا مباشرًا منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول حتى اللحظة، حيث تمنع إسرائيل إدخال المساعدات الطبية، بالإضافة إلى عدم توفر الوقود، ناهيك عن عدم توفر الفرق الطبية.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل عدوانًا على قطاع غزة، أسفر عن عشرات آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
ومع إغلاق المعابر، لا تدخل مساعدات إنسانية أو وقود أو أدوية ومستلزمات طبية إلى قطاع غزة إلا بكميات شحيحة جدًا، ما يهدد بكارثة إنسانية، حسب تحذيرات أممية ورسمية فلسطينية.
"انهيار المنظومة الصحية" في غزة
وفي لقاء خاص عبر "العربي"، طالب القدرة بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتحييد المنظومة الصحية، وعدم ملاحقة كوادرها حتى تستطيع القيام بعملها في إنقاذ الجرحى والمصابين والمرضى في قطاع غزة.
وأشار إلى أن هناك انهيارًا كاملًا للمنظومة الصحية في القطاع، بعد 8 أشهر من العدوان المستمر على غزة، والذي بدأه الاحتلال بحرب واسعة على المستشفيات والمراكز الصحية.
وأضاف أن وزارة الصحة رصدت حتى اللحظة 155 استهدافًا للمنظومة الصحية، ما أدى إلى خروج 26 مستشفى عن الخدمة، و53 مركزًا للرعاية الأولية بشكل كامل، ناهيك عن استهداف 130 سيارة إسعاف، مشيرًا إلى أنه لم يتبق من منظومة الإسعاف والطوارئ في القطاع سوى 19 سيارة تعمل في ظل الاستهداف المركز وعدم توفر الوقود.
وتابع في حديثه لـ"العربي" من استديوهات لوسيل، أن المنظومة الصحية فقدت أيضًا 493 من الكوادر الذين استشهدوا خلال العدوان، بالإضافة إلى 310 من الكوادر الصحية التي تم اعتقالها على رأسها مدراء مستشفيات شمال قطاع غزة.
ما أوضاع المستشفيات في شمال غزة؟
ولفت القدرة إلى أن ما يحدث في شمال قطاع غزة هو عبارة عن تصفية للوجود الصحي بشكل كامل، حيث خرج المستشفى الإندونيسي عند الخدمة في أول لحظات اجتياح منطقة شمال القطاع، وتلاه مستشفى العودة وكمال عدوان، مشيرًا إلى أنه لم يتبق الآن سوى بضع المستشفيات في منطقة غزة، وهي مستشفى الأهلي العربي والمعمداني، ومستشفى الخدمة العامة، بالإضافة إلى مستشفيات الصحابة وأصدقاء المريض والحلو الدولي.
القدرة الذي أوضح أن هذه المستشفيات تعمل فقط في إطار الطوارئ والجراحة وكذلك الولادة والأطفال، تحدث عن مشكلة حقيقية تواجه أكثر من 700 ألف نسمة يسكنون في منطقة غزة وشمال القطاع، باتوا بلا خدمات صحية حقيقية.
واعتبر خروج مستشفيات شمال قطاع غزة عن الخدمة بشكل كامل، إعداما مباشرا لأكثر من 700 ألف نسمة يعيشون تحت الاستهداف المركز في شمال القطاع.
ماذا عن جنوب غزة؟
وفي هذا السياق، أفاد القدرة بأن جنوب قطاع غزة ليس بأحسن حال من شماله، حيث إن مدينة رفح تشهد اجتياحًا واسعًا في هذه الأثناء، إذ خرجت مستشفياتها عن الخدمة وبات لا يتوفر سوى مستشفى الكويت والذي حذر من توقف خدماته في أي لحظة نتيجة عدم توفر الوقود.
وأردف أن الجهاز الصحي في منطقة رفح تعرض للتصفية، كما حدث في مجمع ناصر الطبي من تدمير ممنهج واعتقال للكوادر الطبية، مشيرًا إلى أن الطواقم الطبية تحاول الآن إعادة العافية لمجمع ناصر الطبي وكذلك لمستشفى الأمل.
ولفت القدرة إلى أن مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، هو أيضًا في حالة شلل مستمر نتيجة التهديد المباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ومنع المساعدات الطبية ومنع الوقود.
وقال: إن "المنظومة الصحية برمتها في قطاع غزة تحتاج إلى تعاف، وإلى توفير مستشفيات ميدانية حقيقية، لتشكل إسنادًا حقيقيًا لمنظومة المستشفيات.
هل تلقى مناشدات وزارة الصحة آذانًا صاغية؟
وذكر القدرة أن وزارة الصحة الفلسطينية كانت قد ناشدت وطالبت المنظمات الدولية كافة بتوفير المستشفيات الميدانية لتصل إلى شمال قطاع غزة وتكون بسعة سريرية كبيرة تصل إلى مئتي سرير.
كما أشار إلى أن الوزارة أصيبت بخيبة أمل خلال هذا العدوان، لأن المجتمع الدولي يتعامل مع قطاع غزة بشكل "سلحفائي"، لا يرقى إلى حجم الدمار والإبادة المستمرة، مشددًا على وجوب أن يوفر المجتمع الدولي مستشفيات ميدانية وفرقًا طبية متخصصة لتصل إلى شمال القطاع ومدينة غزة.
وطالب القدرة المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح معبر رفح البري وعدم احتلاله، وإفساح المجال أمام خروج الجرحى بشكل مباشر إلى خارج القطاع من أجل إنقاذ حياتهم.
واعتبر أن "المجتمع الدولي يرى بعين عوراء ما يحدث في قطاع غزة وخاصة ما يتعلق بتدمير المنظومة الصحية من قبل الاحتلال الإسرائيلي".
وشدد القدرة على وجوب أن يقوم المجتمع الدولي بتفعيل الاتفاقيات الدولية التي تنص على ضرورة توفير الحصانة والحماية للمستشفيات من أجل حماية المنظومة الصحية والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتحييد المنظومة الصحية من الاستهداف، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين من الكوادر الصحية، وإفساح المجال للطواقم الطبية والمستشفيات لإتمام عملها وفق القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة.
وفيما أشار إلى أن هناك 493 شهيدًا من الكوادر الصحية، لفت إلى أن هناك عددًا كبيرًا لا زال مفقودًا سواء مع ذويهم تحت الركام أو فقد الاتصال بهم خلال الحرب على قطاع غزة.
وقال إن الوزارة تحتاج يوميًا إلى ما يزيد عن 12 ألف لتر من السولار لتشغيل المولدات الكهربائية في مستشفيات قطاع غزة فقط لثماني ساعات، "وبالتالي نحتاج إلى كميات مضاعفة من هذه الكميات بسبب عدم توفر الكهرباء في قطاع غزة، حتى تستطيع المستشفيات والمراكز الصحية إتمام عملها خلال العدوان الإسرائيلي".
انتشار الأمراض والأوبئة في غزة
وأفاد القدرة بأن وزارة الصحة في غزة رصدت حتى اللحظة ما يقارب 1,5 مليون مواطن أصيبوا بأمراض معدية خلال الحرب، موضحًا أن هذا العدد يشمل فقط من استطاع الوصول إلى المراكز الصحية، وبالتالي فما تقوم به المؤسسات الدولية والمراكز التخصصية من عملية إحصاء لما يحدث من أمراض معدية ومتناقلة في قطاع غزة لا يشكل سوى النزر اليسير مما هو حاصل فعلًا في القطاع.
كما رصدت وزارة الصحة حسب القدرة، إصابة ما يزيد عن 72 ألف شخص بأمراض الكبد الوبائي، إضافة إلى أمراض الجدري.
وتحدث القدرة عن سقوط المنظومة الخاصة بالبنى التحتية، حيث لا تتوفر أماكن للصرف الصحي، ولا مياه صالحة للشرب، كما لا تتوفر مياه للنظافة الشخصية، بالإضافة إلى تكدس كبير للنفايات في الشوارع وفي مناطق النزوح.
وأشار إلى أن هناك تكدسًا للمياه العادمة والصرف الصحي سواء في شمال قطاع غزة أو في جنوبه، كما أن هناك أيضًا مشكلة كبيرة تواجه المواطنين جراء تكدس النفايات بين التجمعات وخيام النازحين.